الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآخرة.
كلمة في السياق:
في قوله تعالى: لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ مفتاح من مفاتيح السياق، فالعمل الصالح أحد مواضيع السورة الرئيسية الموجودة في المحور، وهذه الآية التي استقر عليها سياق المجموعة التي بين أيدينا، تدل على ذلك، ثم إن هذه الآية تشكل التهديد الثالث في هذا السياق للذين قلوبهم في غمرة عن الحق، ويعملون السيئات.
فوائد:
1 -
بمناسبة قوله تعالى مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ينقل ابن كثير نقولا حول العرش قال: (كما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «شأن الله أعظم من ذلك إن عرشه على سماواته هكذا» وأشار بيده مثل القبة، وفي الحديث الآخر:«ما السماوات السبع والأرضون السبع وما بينهن وما فيهن في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة، وإن الكرسي بما فيه بالنسبة إلى العرش كتلك الحلقة في تلك الفلاة» ولهذا قال بعض السلف: إن مسافة ما بين قطري العرش من جانب إلى جانب مسيرة خمسين ألف سنة، وارتفاعه عن الأرض السابعة مسيرة خمسين ألف سنة. وقال الضحاك عن ابن عباس: إنما سمي عرشا لارتفاعه، وقال الأعمش عن كعب الأحبار: إن السماوات والأرض في العرش كالقنديل المعلق بين السماء والأرض. وقال مجاهد: ما السماوات والأرض في العرش إلا كحلقة في أرض فلاة. وقال ابن أبي حاتم: عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: العرش لا يقدر قدره أحد، وفي رواية إلا الله عز وجل.
2 -
وبمناسبة قوله تعالى مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ذكر ابن كثير دليل التمانع الذي يتحدث عنه المتكلمون قال: (وعبروا عنه بدليل التمانع وهو أنه لو فرض صانعان فصاعدا، فأراد واحد تحريك جسم، والآخر أراد سكونه، فإن لم يحصل مراد كل واحد منهما كانا عاجزين، والواجب لا يكون عاجزا، ويمتنع اجتماع مراديهما للتضاد، وما جاء هذا المحال إلا من فرض التعدد فيكون محالا، فأما إن حصل مراد أحدهما دون الآخر كان الغالب هو الواجب، والآخر المغلوب ممكنا، لأنه لا يليق
بصفة الواجب أن يكون مقهورا ولهذا قال تعالى: وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ أي عما يقول الظالمون المعتدون في دعواهم الولد، أو الشريك علوا كبيرا عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أي ما يغيب عن المخلوقات وما يشاهدونه فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ أي تقدس وتنزه وتعالى وعزّ وجل عما يقول الظالمون والجاحدون).
3 -
وعند قوله تعالى وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ قال ابن كثير: (أمره الله أن يستعيذ من الشياطين لأنهم لا تنفع معهم الحيل، ولا ينقادون بالمعروف، وقد قدمنا عند الاستعاذة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:«أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه»
وقوله تعالى: وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ أي في شئ من أمري، ولهذا أمر بذلك الله في ابتداء الأمور، وذلك لطرد الشيطان عند الأكل، والجماع، والذبح، وغير ذلك من الأمور، ولهذا روى أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:«اللهم إني أعوذ بك من الهرم وأعوذ بك من الهدم ومن الغرق وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت» وروى الإمام أحمد: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات يقولهن عند النوم من الفزع: «بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون» قال فكان عبد الله بن عمرو يعلمها من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه ومن كان منهم صغيرا لا يعقل أن يحفظها كتبها له فعلقها في عنقه. ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث محمد بن إسحاق وقال الترمذي حسن غريب.
4 -
بمناسبة قوله تعالى: حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قال ابن كثير: (وقال قتادة في قوله تعالى حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قال: كان العلاء ابن زياد يقول: لينزلن أحدكم نفسه أنه قد حضره الموت فاستقال ربه فأقاله، فليعمل بطاعة الله تعالى. وقال قتادة والله ما تمنى إلا أن يرجع فيعمل في طاعة الله، فانظروا أمنية الكافر المفرط فاعملوا بها ولا قوة إلا بالله، وعن محمد بن كعب القرظي نحوه، وروى محمد بن أبي حاتم عن أبي هريرة قال: إذا وضع- يعني الكافر- في قبره فيرى مقعده من النار قال فيقول: رب ارجعون أتوب وأعمل