الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهنا يقرر أن الغيب من أمر الله، وأن علمهم عن الآخرة منته محدود).
كلمة في السياق:
كما كانت الآية الأولى في المجموعة الأولى جسرا للانتقال من الكلام عن المرسلين إلى الكلام عن الله عز وجل، فإن الآية الأولى في المجموعة الثانية كانت جسرا للكلام عن اليوم الآخر. فبعد أن عرفتنا المجموعة الأولى على الله، ذكرت الآية الأولى من المجموعة الثانية أنه وحده الذي يعلم الغيب، ودليل ذلك ما ورد في المجموعة الأولى، وعلم الله بكل شئ يقابله جهل الإنسان بأكبر الأشياء، وهو اليوم الآخر. ومن ثم يأتي الآن الكلام عن موقف الكافرين من اليوم الآخر والرد عليه.
…
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ أي من قبورنا أحياء
لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ أي من قبل محمد صلى الله عليه وسلم، أي ما زلنا نسمع بهذا نحن وآباؤنا، ولا نرى له حقيقة ولا وقوعا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أي ما هذا الوعد بإعادة الأبدان إلا خرافات الأولين وأكاذيبهم، أخذه قوم عمن قبلهم، وتلقاه بعض عن بعض، وليس له حقيقة، والجواب
قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ أي آخر أمر الكافرين، أي المكذبين بالرسل، وبما جاءوهم به من أمر المعاد وغيره، كيف حلت بهم نقمة الله وعذابه ونكاله، ونجى الله من بينهم رسله الكرام، ومن اتبعهم من المؤمنين، فدل ذلك على صدق ما جاء به الرسل وصحته، ومن ذلك اليوم الآخر، ففي الآية تدليل وتحذير.
ثم قال الله لرسوله صلى الله عليه وسلم مسليا ومطمئنا له، وفي هذه التسلية والتطمين تثبت له على الحق الذي يحمله وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ بسبب كفرهم باليوم الآخر، وما يلزم على ذلك من عذاب وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ أي ولا تكن في حرج صدر من مكرهم وكيدهم، فإن الله جاعل لك مخرجا، وهو سيرد مكرهم عليهم.
كلمة في السياق:
1 -
ورد في مقدمة السورة قوله تعالى: وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ* إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ* أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ
وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ جاء ذلك في معرض الكلام عمن يهتدون بهذا القرآن، وعمن يستحقون البشارة به، فإن نجد مجموعة تتحدث عن اليوم الآخر وعن الكافرين به وترد عليهم فذلك يتفق مع سياق السورة وموضوعها الرئيسي، لاحظ الصلة بين قوله تعالى عن الذين لا يؤمنون بالآخرة في مقدمة السورة: فَهُمْ يَعْمَهُونَ وبين قوله تعالى في هذه المجموعة بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ
2 -
لقد جاء في الآيات الأربع الأخيرة رد على موقف للكافرين من اليوم الآخر والآن يأتي تساؤل للكافرين ورد عليه.
…
وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ أي وعد العذاب، أو وعد مجيء اليوم الآخر إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في دعواكم أنه آت أي حددوا له وقتا
قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ أي قرب ودنا أو أزف لكم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ دل على أن طلبهم تحديد الوعد استعجال منهم لمجيئه، فقيل لهم: عسى أن يكون ردفكم، أي لحقكم بعضه بما يسلطه الله عليهم في الدنيا. قال النسفي: وعسى، ولعل، وسوف، في وعد الملوك ووعيدهم يدل على صدق الأمر وجده، فعلى ذلك جرى وعد الله ووعيده
وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ أي في إسباغه نعمه عليهم مع ظلمهم لأنفسهم، واستحقاقهم العذاب وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ أي أكثرهم لا يعرفون حق النعمة، ولا يشكرونه، فيكفرون ويستعجلون العذاب
وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ أي ما تخفي وَما يُعْلِنُونَ أي وما يظهرون من القول، فليس تأخير العذاب عنهم لخفاء حالهم، ولكن له وقت مقدر، أو أنه يعلم ما يخفون وما يعلنون من عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكايدهم، وهو معاقبهم على ذلك بما يستحقونه
وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ يعني وما من شئ يغيب ويخفى في الأرض أو في السماء إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ أي ظاهر بين لمن ينظر فيه من الملائكة، وهو اللوح المحفوظ.
والمعنى: وما من شئ شديد الغيبوبة إلا وقد علمه الله وأحاط به وأثبته في اللوح المحفوظ. أقول: ويحتمل أن يكون المراد بالكتاب المبين القرآن، الذي وصف بذلك في أول السورة، فيكون المعنى: أن هذا القرآن تحدث عن كل غيب في السماء والأرض، ويرجح هذا الاتجاه أن الآية بعده تتحدث عن القرآن
إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي