الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومواقفها، ومن خلال عرض قصة البيت الحرام، وظلم قريش فيه، وانحرافها، واعوجاجها عن منهج إبراهيم عليه السلام، وإذن فقد عالج الله في هذا المقطع الصوارف عن العبادة وعن التقوى، وهما موضوعا السورة اللذان ذكرهما محورها من سورة البقرة: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ وقبل الانتقال إلى المقطع الثالث فلنر فوائد المجموعة الأخيرة:.
الفوائد:
1 -
من القضايا التي ثار فيها جدل كبير بين أهل السنة والجماعة والمعتزلة قضية الوعد والوعيد، وهي إحدى المسائل الخمس التي تعتبر علما على مذهب المعتزلة؛ فالمعتزلة يرون أنه لا يليق بجلال الله أن يخلف وعده أو وعيده ومن ثم فإن ما أوعد الله به العصاة واقع بهم لا محالة، وأهل السنة قالوا: إن الله لا يخلف الوعد أما الوعيد فإن كان للكافرين فإنه لا يخلفه، وأما في حق العصاة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فإنه قد يوقعه وقد يعفو كرما، وابن كثير يذكر هذه المسألة ويقرر مذهب أهل السنة والجماعة فيها من خلال قصة دون التعريج على اختلافات الفرق، يذكر ذلك عند قوله تعالى وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ قال: قال الأصمعي: كنت عند أبي عمرو بن العلاء فجاء عمرو بن عبيد فقال: يا أبا عمرو هل يخلف الله الميعاد؟ فقال: لا، فذكر آية وعيد، فقال له: أمن العجم أنت؟ إن العرب تعد الرجوع عن الوعد لؤما، وعن الإيعاد كرما، أما سمعت قول الشاعر:
ليرهب ابن العم والجار سطوتي
…
ولا أنثني عن سطوة المتهدد
فإني وإن أوعدته أو وعدته
…
لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
2 -
بمناسبة قوله تعالى وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ يذكر ابن كثير ما يلي: قال ابن أبي حاتم حدثنا الحسن بن عرفة حدثني عبدة بن سليمان عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم، خمسمائة عام» ورواه الترمذي والنسائي من حديث الثوري عن محمد بن عمرو به وقال الترمذي حسن صحيح، وقد رواه ابن جرير عن أبي هريرة موقوفا فقال: حدثني يعقوب ثنا ابن علية ثنا سعيد الحريري عن أبي نضرة عن سمير بن نهار قال: قال أبو هريرة يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل الأغنياء بمقدار نصف يوم قلت: وما مقدار نصف يوم؟ قال أو ما تقرأ القرآن، قلت بلى؟
قال: وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ وقال أبو داود في آخر كتاب الملاحم من سننه: حدثنا عمر بن عثمان حدثنا أبو المغيرة حدثنا صفوان عن شريح بن عبيد عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إني لأرجو أن لا تعجز أمتي ربها أن يؤخرهم نصف يوم» قيل لسعد: وما نصف يوم؟ قال: خمسمائة سنة. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن سنان حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ قال: من الأيام التي خلق الله فيها السموات والأرض. ورواه ابن جرير عن ابن يسار عن ابن مهدي، وبه قال مجاهد وعكرمة ونص عليه أحمد بن حنبل في كتاب الرد على الجهمية).
3 -
وبمناسبة قوله تعالى وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ.
أقول: إن الناس في عصرنا أصبحت لديهم تصورات واسعة حول الكون وعمره، وحول الزمن كأثر من تطور مئات العلوم، ومن ثم تجدهم يتحدثون عن كوكب، أو عن نجم بأن يومه كذا، ويقصدون بيومه الزمن، الذي تستغرقه دورته حول نفسه، وتجدهم يتحدثون عن يوم من أيام نجم أو كوكب بالأيام أو بالشهور أو بالسنين بالنسبة ليوم الكرة الأرضية، فعند ما نجد في القرآن مثل هذا النص الذي يقول وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ندرك مباشرة أن مثل هذا النص ما كان ليوجد في كتاب قبل أربعة عشر قرنا، وفي جزيرة العرب لولا أنه من عند الله المحيط علما بكل شئ والخالق لكل شئ والمنزل هذا القرآن بعلمه قال تعالى أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ ومن ثم فإنك تجد فيه آثار علم الله المحيط فالحمد لله على نعمة القرآن والإسلام.
ولننتقل إلى المقطع الثالث وهو يتكون من أربع مجموعات.
***