الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويجعلهم هداة بصراء إلا الله تعالى، ثم أكد حال الصم بقوله إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ لأنه إذا تباعد عن الداعي بأن تولى عنه مدبرا كان أبعد عن إدراك صوته.
إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا أي ما يجدي إسماعك إلا للذين علم الله أنهم يؤمنون بآياته أي يصدقون بها فَهُمْ مُسْلِمُونَ أي مستسلمون لله مخلصون له.
…
كلمة في السياق:
بدأت السورة بقوله تعالى: طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ* هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ* الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ
…
فبينت المقدمة أن المتصفين بهذه الصفات هم المهتدون بالقرآن، وهذه المجموعة بينت أن الموتى والصم والعمي هم الذين لا يسمعون ولا يهتدون بهذا القرآن، وأن المؤمنين بالآيات المستسلمين لله هم الذين يسمعون ويهتدون. فالصلة بين المقدمة وهذه المجموعة واضحة، ولنا عودة على السياق، وإنما نسجل الآن جزئيات فيه. فلنسر في التفسير.
…
المجموعة الرابعة
بعد أن أقام السياق الحجة على اليوم الآخر، وأمر بالموقف المقابل للجحود، وبين أسباب الجحود، يعود السياق للحديث عن اليوم الآخر، مبتدئا بذكر شرط من أشراط الساعة، وعلامة من علاماتها. وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أي إذا وقع ما وعدوا من قيام الساعة والعذاب، والمراد به مشارفة الساعة، وظهور أشراطها، حين لا تنفع التوبة أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ هذه الدابة يخرجها الله مقدمة للحدث الضخم، وهو قيام القيامة تُكَلِّمُهُمْ أي تحدثهم أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ أي إن هذا الحدث يكون بسبب عدم إيقان الناس بالقرآن،
ثم إنه بعد أن ذكر الله عز وجل هذه العلامة من علامات الساعة، ذكر مشهدا من مشاهد يوم القيامة فقال: وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً أي واذكر يوم نجمع من كل أمة من الأمم
زمرة مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا المنزلة على أنبيائنا فَهُمْ يُوزَعُونَ أي يحبس أولهم على آخرهم، حتى يجتمعوا، ثم يساقون إلى موضع الحساب
حَتَّى إِذا جاؤُ أي حتى إذا حضروا موقف الحساب والسؤال قالَ لهم سبحانه وتعالى تهديدا أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي المنزلة على رسلي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أي أكذبتم بادئ الرأي من غير فكر ولا نظر يؤدي إلى إحاطة العلم بكنهها، وأنها حقيقة بالتصديق أو بالتكذيب؟ أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ حيث لم تتفكروا فيها، فإنكم لم تخلقوا عبثا
وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ أي يغشاهم العذاب الموعود بسبب ظلمهم، وهو التكذيب بآيات الله فيشغلهم عن النطق والاعتذار وبعد أن أرانا الله عز وجل حالهم يوم القيامة فإنه يذكر حجة من حجج مجيء يوم القيامة
أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ أي ليطمئنوا في ظلام الليل، فتسكن حركاتهم بسببه، وتهدأ أنفاسهم، ويستريحوا من نصب التعب في نهارهم وَالنَّهارَ مُبْصِراً أي منيرا مشرقا فبسبب ذلك يتصرفون في المعايش والمكاسب، والأسفار والتجارات، وغير ذلك من شئونهم التي يحتاجون إليها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ أي
يصدقون فيعتبرون. قال النسفي: (وفيه دليل على صحة البعث لأن معناه: ألم يعلموا أنا جعلنا الليل والنهار قواما لمعاشهم في الدنيا، ليعلموا أن ذلك لم يجعل عبثا، بل محنة وابتلاء، ولا بد عند ذلك من ثواب وعقاب فإذا لم يكونا في هذه الدار، فلا بد من دار أخرى للثواب والعقاب) وهكذا نقلنا السياق من جو اليوم الآخر إلى ذكر الدليل عليه. والآن يعود السياق لينقلنا إلى جو اليوم الآخر، ثم ينقلنا إلى ذكر دليل عليه:
وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ أي واذكر يوم ينفخ في الصور فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ والمراد فزعهم عند النفخة الأولى حين يصعقون إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ أي إلا من ثبت الله قلبه من الملائكة، قالوا: هم جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت عليهم السلام، وقيل الشهداء وقيل الحور، وخزنة النار، وحملة العرش وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ أي صاغرين. ومعنى الإتيان: حضورهم الموقف، ورجوعهم إلى أمره تعالى، وانقيادهم له، وبعد أن نقلنا السياق إلى أجواء اليوم الآخر، يعود للتدليل عليه بآية هي معجزة؛ إذ أنها تشير إلى دوران الأرض على رأي
وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً أي واقفة ممسكة عن الحركة وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ أي وهي تمر مثل مر السحاب تراه واقفا وهو يتحرك صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ أي أحكم خلق كل شئ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ أي هو عليم بما يفعل عباده من خير