الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يشبعنها عن طريق الفوضى القذرة في المخالطة الجنسية كما يقع في زماننا هذا مع أسيرات الحرب بعد معاهدات تحريم الرقيق- هذه الفوضى التي لا يحبها الإسلام! وذلك حتى يأذن الله فيرتفعن إلى مرتبة الحرية. والأمة تصل إلى مرتبة الحرة بوسائل كثيرة .. إذا ولدت لسيدها ومات عنها. وإذا أعتقها هو تطوعا أو في كفارة. وإذا طلبت أن تكاتبه على مبلغ من المال فافتدت به رقبتها. وإذا ضربها على وجهها فكفارتها عتقها
…
الخ.
وعلى أية حال فقد كان الاسترقاق في الحرب ضرورة وقتية، هي ضرورة المعاملة بالمثل في عالم كله يسترق الأسرى، ولم يكن جزءا من النظام الاجتماعي في الإسلام).
أقول: كنا قلنا من قبل: إن الاسترقاق أحد خيارات موضوعة بيد الحكومة الإسلامية، فإذا أرادت أن تعيده لمصلحة إسلامية محققة فلا حرمة في ذلك، ولكنه من المستحسن
في عصرنا ألا تفعل ذلك ما دام العالم قد تواضع على أمر هو مندوب في شريعتنا فلا ينبغي أن يسبقنا أحد في أمر هو من باب المكرمات.
فوائد:
1 -
في تفسير الخشوع في الصلاة كلام كثير للفقهاء قال النسفي: (وقيل الخشوع في الصلاة جمع الهمة لها، والإعراض عما سواها، وأن لا يجاوز بصره مصلاه، وأن لا يلتفت ولا يعبث، ولا يسدل ولا يفرقع أصابعه، ولا يقلب الحصى ونحو ذلك، وعن أبي الدرداء هو إخلاص المقال، وإعظام المقام واليقين التام، وجمع الاهتمام وأضيفت الصلاة إلى المصلين لا إلى المصلى له؛ لانتفاع المصلي بها وحده، وهي عدته وذخيرته، وأما المصلى له فغني عنها) وقال ابن كثير: قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس خاشِعُونَ خائفون ساكنون، وكذا روي عن مجاهد والحسن والزهري، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الخشوع في القلب وكذا قال إبراهيم النخعي، وقال الحسن البصري كان خشوعهم في قلوبهم، فغضوا بذلك أبصارهم، وخفضوا الجناح، وقال محمد بن سيرين: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة، فلما نزلت هذه الآية قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ خفضوا أبصارهم إلى موضع سجودهم، قال محمد بن سيرين: وكانوا يقولون: لا يجاوز بصره مصلاه، فإن كان اعتاد النظر
فليغمض، ...... وعن عطاء بن أبي رباح أيضا مرسلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك حتى نزلت هذه الآية، والخشوع في الصلاة إنما يحصل لمن فرغ قلبه لها، واشتغل بها عما عداها، وآثرها على غيرها، وحينئذ تكون راحة له وقرة عين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والنسائي عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «حبب إلي الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة» وروى الإمام أحمد عن رجل من أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا بلال «أرحنا بالصلاة» وروى الإمام أيضا أن محمد بن الحنفية قال: دخلت مع أبي على صهر لنا من الأنصار فحضرت الصلاة فقال يا جارية ائتني بوضوء لعلي أصلي فاستريح، فرآنا أنكرنا عليه ذلك، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قم يا بلال فأرحنا بالصلاة» أقول: ورد في الحديث «أول علم يرفع من الأرض الخشوع» فالخشوع في الحقيقة علم، إذ هو أثر عن صلاح القلب، وصلاح القلب علم عظيم جليل، وقد فصلنا ذلك في كتابنا (تربيتنا الروحية).
2 -
من الملاحظ أن هذه السورة مكية والزكاة المعروفة لدينا حاليا فرضت في المدينة قال ابن كثير في توضيح هذا (الأكثرون على أن المراد بالزكاة هاهنا زكاة الأموال، مع أن هذه الآية مكية، وإنما فرضت الزكاة بالمدينة في سنة اثنتين من الهجرة، والظاهر أن التي فرضت في المدينة إنما هي ذات النصب والمقادير الخاصة، وإلا فالظاهر أن أصل الزكاة كان واجبا بمكة قال تعالى في سورة الأنعام وهي مكية وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وقد يحتمل أن يكون المراد بالزكاة هاهنا زكاة النفس من الشرك والدنس كقوله قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها وكقوله وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ على أحد القولين في تفسيرها، وقد يحتمل أن يكون كلا الأمرين مرادا وهو زكاة النفوس، وزكاة الأموال، فإنه من جملة زكاة النفوس، والمؤمن الكامل هو الذي يفعل هذا وهذا، والله أعلم).
أقول: إن كون السورة مكية، وكونها ذكرت الزكاة في المحل الذي تذكر فيه دائما فذلك دليل على أن منزل هذا القرآن واحد، إذ ما كان القرآن ليكون على مثل هذه الوحدة مع نزوله مفرقا منجما خلال ثلاث وعشرين سنة لولا أنه من عند الله.
3 -
بمناسبة قوله تعالى وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ* إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ قال ابن كثير: (وقال ابن جرير ....... عن قتادة أن امرأة اتخذت مملوكها وقالت:
تأولت آية من كتاب الله أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فأتى بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقال له ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تأولت آية من كتاب الله عز وجل على غير وجهها، قال فضرب العبد وجز رأسه، وقال (أي للمرأة): أنت بعده حرام على كل مسلم، وهذا أثر غريب منقطع ذكره ابن جرير في تفسير أول سورة المائدة وهو هاهنا أليق، وإنما حرمها على الرجال معاملة لها بنقيض قصدها والله أعلم). وقد استدل الشافعي رحمه الله ومن وافقه على تحريم الاستمناء باليد بهذه الآية الكريمة وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ* إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ قال: فهذا الصنيع خارج عن هذين القسمين، وقد قال الله تعالى فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ وقد استأنسوا بحديث رواه الإمام الحسن بن عرفة في جزئه المشهور حيث روى عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا يجمعهم مع العالمين، ويدخلهم النار في أول الداخلين، إلا أن يتوبوا ومن تاب تاب الله عليه: الناكح يده، والفاعل والمفعول به، ومدمن الخمر، والضارب والديه حتى يستغيثا، والمؤذي جيرانه حتى يلعنوه، والناكح حليلة جاره» هذا حديث غريب وإسناده فيه من لا يعرف لجهالته والله أعلم.
4 -
بمناسبة قوله تعالى وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ يذكر ابن كثير الحديث: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان» .
5 -
وبمناسبة قوله تعالى وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ قال ابن كثير:
(كما قال ابن مسعود: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أي العمل أحب إلى الله؟ قال «الصلاة على وقتها» قلت ثم أي؟ قال «بر الوالدين» قلت ثم أي؟ قال «الجهاد في سبيل الله» أخرجاه في الصحيحين، وفي مستدرك الحاكم قال «الصلاة في أول وقتها» وقال ابن مسعود ومسروق في قوله وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ يعني مواقيت الصلاة، وكذا قال أبو الضحى وعلقمة بن قيس، وسعيد ابن جبير، وعكرمة وقال قتادة: على مواقيتها وركوعها وسجودها وقد افتتح الله ذكر هذه الصفات الحميدة بالصلاة، فدل على أفضليتها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على
الوضوء إلا مؤمن».
6 -
وبمناسبة قوله تعالى أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ قال ابن كثير: (وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس؛ فإنه أعلى الجنة، وأوسط الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة، وفوقه عرش الرحمن» وروى ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما منكم من أحد إلا وله منزلان منزل: في الجنة ومنزل في النار، فأما المؤمن فيبني بيته في الجنة، ويهدم بيته الذي في النار، وأما الكافر فيهدم بيته في الجنة ويبني بيته الذي في النار» وروي عن سعيد بن جبير نحو ذلك، فالمؤمنون يرثون منازل الكفار لأنهم خلقوا لعبادة الله تعالى وحده لا شريك له، فلما قام هؤلاء المؤمنون بما وجب عليهم من العبادة، وترك أولئك ما أمروا به مما خلقوا له، أحرز هؤلاء نصيب أولئك لو كانوا أطاعوا ربهم عز وجل، بل أبلغ من هذا أيضا وهو ما ثبت في صحيح مسلم عن أبي بردة عن أبي موسى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يجئ الناس يوم القيامة من المسلمين بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى» (أقول: هذا الحديث تفسره الرواية اللاحقة) وفي لفظ له قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان يوم القيامة دفع الله لكل مسلم يهوديا أو نصرانيا، فيقال: هذا فكاكك من النار، فاستحلف عمر بن عبد العزيز أبا بردة بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات أن أباه حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك قال فحلف له، قلت: وهذه الآية كقوله تعالى تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا وكقوله وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وقد قال مجاهد وسعيد بن جبير: الجنة بالرومية هي الفردوس، وقال بعض السلف لا يسمى البستان الفردوس إلا إذا كان فيه عنب، فالله أعلم).
7 -
ولنختم هذه الفوائد بما بدأ به ابن كثير الكلام عن آيات هذه المجموعة قال:
(روى الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: كان إذا نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي يسمع عند وجهه كدوي النحل، فلبثنا ساعة فاستقبل القبلة ورفع يديه وقال «اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا واعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وارض عنا وأرضنا- ثم قال- لقد أنزل علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة» ثم قرأ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ حتى ختم العشر، ورواه الترمذي في تفسيره والنسائي في الصلاة من حديث عبد الرازق به، وقال الترمذي: منكر، لا نعرف أحدا رواه غير يونس بن سليم ويونس لا نعرفه، وروى