الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دخل أحدكم بيته فليسلم. قال ابن جريج: قلت لعطاء: أواجب إذا خرجت ثم دخلت أن أسلم عليهم؟ قال: لا، ولا أوثر وجوبه عن أحد، ولكن هو أحب إلي، وما أدعه إلا ناسيا. وقال مجاهد: إذا دخلت المسجد فقل: السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا دخلت على أهلك فسلم عليهم، وإذا دخلت بيتا ليس فيه أحد فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وروى الثوري عن مجاهد: إذا دخلت بيتا ليس فيه أحد فقل: بسم الله، والحمد لله، السلام علينا من ربنا، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وقال قتادة: إذا دخلت على أهلك فسلم عليهم، وإذا دخلت بيتا ليس فيه أحد فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين؛ فإنه كان يؤمر بذلك، وحدثنا أن الملائكة ترد عليه، وقال الحافظ أبو بكر البزار
…
عن أنس قال: أوصاني النبي صلى الله عليه وسلم بخمس خصال قال:
«يا أنس أسبغ الوضوء؛ يزد في عمرك، وسلم على من لقيك من أمتي؛ تكثر حسناتك، وإذا دخلت- يعني بيتك- فسلم على أهلك؛ يكثر خير بيتك؛ وصل صلاة الضحى؛ فإنها صلاة الأوابين قبلك، يا أنس ارحم الصغير، ووقر الكبير، تكن من رفقائي يوم القيامة).
ولننتقل الآن إلى تفسير خاتمة السورة ملاحظين أن موضوع الاستئذان، وموضوع الإذعان لحكم الرسول صلى الله عليه وسلم قد كان من مواضيع السورة الرئيسية، وخاتمة السورة قد أشارت إلى أدب من آداب الانصراف، وأدب من آداب التعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما أدبان بارزان ضمن آداب أخرى.
المجموعة الثالثة وهي خاتمة السورة
التفسير:
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ أي الذي يجمع له الناس نحو الجهاد، والتدبير في الحرب، وكل اجتماع في الله حتى الجمعة والعيدين لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ أي ويأذن لهم، لما أراد الله عز وجل أن يريهم عظمة الجناية في ذهاب الذاهب عن مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير إذنه، إذا كانوا معه على أمر جامع، جعل ترك ذهابهم حتى يستأذنوه ثالث الإيمان بالله، والإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم، ثم عقبه بما يزيده توكيدا وتشديدا، حيث أعاده على أسلوب آخر وهو قوله إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وضمنه شيئا آخر وهو
أنه جعل الاستئذان كالمصداق لصحة الإيمانين فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ في الانصراف لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ أي أمرهم فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ذكر
الاستغفار للمستأذنين دليل على أن الأفضل ألا يستأذن. قال النسفي: (قالوا: وينبغي أن يكون الناس كذلك مع أئمتهم ومقدميهم في الدين والعلم، يظاهرونهم ولا يتفرقون عنهم، إلا بإذن)
لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً أي إذا احتاج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اجتماعكم عنده لأمر فدعاكم فلا تفرقوا عنه إلا بإذنه. ولا تقيسوا دعاءه إياكم على دعاء بعضكم بعضا، ورجوعكم عن المجمع بغير إذن الداعي.
أو لا تجعلوا تسميته ونداءه بينكم كما يسمي بعضكم بعضا ويناديه باسمه الذي سماه به أبواه، فلا تقولوا: يا محمد ولكن يا نبي الله، يا رسول الله، مع التوقير والتعظيم والصوت المخفوض، وهناك قول آخر في معناها: أي لا تعتقدوا أن دعاءه على غيره كدعاء غيره؛ فإن دعاءه مستجاب، فاحذروا أن يدعو عليكم فتهلكوا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ أي يخرجون قليلا قليلا مِنْكُمْ لِواذاً أي ملاوذين واللواذ والملاوذة: هو أن يلوذ هذا بذاك، وذاك بهذا، أي ينسلون عن الجماعة في الخفية على سبيل الملاوذة، واستتار بعضهم ببعض فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ قال ابن كثير:(أي عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو سبيله ومنهاجه، وطريقته وسنته وشريعته، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قبل، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله، كائنا من كان، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» أي فليحذر وليخش من خالف شريعة الله باطنا وظاهرا أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ قال ابن كثير في تفسير الفتنة هنا: (كفر أو نفاق أو بدعة) وقال النسفي: (أي محنة في الدنيا، أو قتل، أو زلازل وأهوال، أو تسليط سلطان جائر، أو قسوة القلب عن معرفة الرب، أو إسباغ النعم استدراجا) أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ أي مؤلم
أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ هذا تنبيه على ألا يخالفوا أمر من هذا شأنه قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ أدخل (قد) على الفعل المضارع ليفيد التوكيد، والمعنى: أن جميع ما في السموات والأرض مختص به، خلقا وملكا وعلما، فكيف تخفى عليه أحوال المنافقين، وإن كانوا يجهدون في سترها، ويمكن أن يكون قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ خطابا لكل أحد وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ أي ويعلم يوم يردون إلى جزائه وهو يوم القيامة فَيُنَبِّئُهُمْ يوم القيامة بِما عَمِلُوا أي بما أبطنوا من سوء أعمالهم ويجازيهم حق جزائهم وَاللَّهُ