الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ أي إني رسول من الله إليكم، أمين فيما بعثني الله به، أبلغكم رسالات ربي، ولا أزيد فيها ولا أنقص منها
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ فيما آمركم به وأدعوكم إليه من الحق
وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أي على هذا الأمر مِنْ أَجْرٍ أي جزاء إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ أي لا أطلب منكم جزاء على نصحي لكم بل أدخر ثواب ذلك عند الله
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ أي فقد وضح لكم وبان صدقي ونصحي وأمانتي فيما بعثني الله وائتمنني عليه، فحق عليكم أن تجمعوا بين تقوى الله وطاعتي. قال النسفي:(كرره ليقرره في نفوسهم، مع تعليق كل واحد منهما بعلة، فعلة الأول كونه أمينا فيما بينهم، وعلة الثاني حسم طمعه منهم، كأنه قال: إذا عرفتم رسالتي وأمانتي فاتقوا الله، ثم إذا عرفتم احترازي من الأجر فاتقوا الله).
كلمة في السياق:
نلاحظ أنه قد جاء في قصة نوح عليه السلام قوله تعالى: إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ* فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ* وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ* فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وفي قصة هود جاء قوله تعالى: إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ* فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ ثم بعد أربع آيات جاء قوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وفي قصة صالح إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ* فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ* وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ* إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ ثم بعد أربع آيات يأتي قوله تعالى فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وفي قصة لوط يأتي قوله تعالى: إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ* فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ* وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ ثم لا يتكرر الأمر فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وفي قصة شعيب يأتي قوله تعالى: إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ* فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ* وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ ثم يأتي بعد ثلاث آيات وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ وفي كل مرة يتكرر قوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ يكون لذلك نكتة سنراها، وحيث لا يتكرر فلذلك نكتة كذلك سنراها، وبشكل عام فإن كل رسول طالب قومه بالتقوى والطاعة، وأعلن أنه لا يريد على دعوته أجرا دنيويا مما يدل على أن الطاعة التي يريدها الرسل هي من أجل كمال الإنسان، وليست من أجل مقصد دنيوي، كما يطلبها أهل الدنيا استزادة للجاه، أو
رغبة في تحقيق هدف دنيوي من ورائها، وهذا أدب عظيم يجب أن يلاحظه وراث الأنبياء، وطلاب الوصول إلى رضوان الله، وإنه لا بد من أن يتربى الإنسان على التقوى لله وأن يعطي الطاعة لأهلها في الله، ثم إنه لا بد أن يلاحظ الدعاة ألا يطلبوا أجرا في مقابل الدعوة إلى الله، وهذه قضية مهمة جدا، قل من يلاحظ خفاياها في نفسه، وندر من يعطيها تطبيقاتها العملية، إن الصديقين وحدهم هم الذين يتفطنون لمثل هذه الشئون. وأما الرسل فالله عز وجل أعطاهم الكمال في كل شئ، وفي قول كل رسول: إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ دليل على أن تعريف الإنسان بنفسه لتحقيق مقصد أخروي، أو مقصد تحتاجه قضية الدعوة إلى الله لا يعتبر من باب تزكية النفس المكروهة. ولنعد إلى التفسير:
قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ قال ابن كثير: يقولون لا نؤمن لك ولا نتبعك، ولا نتأسى في ذلك بهؤلاء الأرذلين، الذين اتبعوك وصدقوك، وهم أراذلنا.
وقال النسفي في تفسير الأرذلون: (بأنهم السفلة ومن كلامه: والرذالة: الخسة والدناءة، وإنما استرذلوهم لاتضاع نسبهم، وقلة نصيبهم من الدنيا، وقيل كانوا من أهل الصناعات الدنيئة، والصناعة لا تزري بالديانة. فالغنى غنى الدين، والنسب نسب التقوى، ولا يجوز أن يسمى المؤمن رذلا، وإن كان أفقر الناس وأوضعهم نسبا .. ).
أقول: ومن كلامهم نعلم أن هناك ناسا يحول بينهم وبين الهدى تكبرهم عن أن يتبعوا رجلا التف حوله الفقراء والضعفاء جسما أو حالا
قالَ وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ أي إنما أطلب منهم الإيمان، ومن ثم فمهما كانوا عليه فلا يلزمني التنقيب عنهم والبحث والفحص، إنما علي أن أقبل منهم تصديقهم إياي، وأكل سرائرهم إلى الله عز وجل
إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ قال النسفي: قيل إنهم طعنوا مع استرذالهم في إيمانهم، وقالوا: إن الذين آمنوا بك، ليس في قلوبهم ما يظهرونه فقال: ما علي إلا اعتبار الظواهر دون التفتيش عن السرائر إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ إن الله يحاسبهم على ما في قلوبهم
وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ قال ابن كثير: كأنهم سألوا منه أن يبعدهم عنه ويتابعوه، فأبى عليهم ذلك. وقال النسفي: أي ليس من شأني أن أتبع شهواتكم بطرد المؤمنين طمعا في إيمانكم.
إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ أي إنما بعثت نذيرا، فمن أطاعني واتبعني وصدقني كان مني وأنا منه، سواء كان شريفا أو وضيعا، أو جليلا أو حقيرا. وقال النسفي (أي) ما علي إلا أن أنذركم