الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأطفال في الريف. doodle bug
ويعتبر النحل صديقا لنا، بينما ينافسنا النمل. وكثيرا ما يكون عدوا لنا، فهو حقا يقدم لنا بعض الخدمات، ففي بعض المناطق الأوربية يشجع النمل على حفر مساكن له حول أشجار الفاكهة حيث يهاجم الحشرات الضارة بها.
ولكنه كثيرا ما يضايقنا فهو يفسد المروج وسفوح النجيل الخضراء، ويضر المحصولات المزروعة، ويختلط بطعامنا، وفي المناطق الاستوائية يأتي النمل أعمالا فظيعة، ففي وادي نهر الأمازون أصبحت الحياة غير محتملة من جرائه، فبعض أنواعه تقرض ثوبا من الملابس وتتركه خرقا بالية في ليلة واحدة، وينتشر على النباتات هناك نوع يسمى «النمل الناري» وهو مشبع بحامض الفورميك لدرجة أن مجرد الاحتكاك به كلمس النار، وهناك نملة أخرى كبيرة تقرب من البوصة تسمى «النملة الرهيبة» وقد تسبب عضتها الحمى، ولهذا فإن عدد سكان ذلك الوادي الخصيب- الذي تقارب مساحته مساحة الولايات المتحدة- أقل من سكان الصحراء الكبرى. ولا غرابة إذن أنهم يطلقون عليه اسم «مملكة النمل» .
بعض أنواع النمل الغريبة:
بين الملايين من النمل الجماعي توجد بعض الأنواع يجدر بنا أن نذكرها وخاصة ما يسمى «نمل تكساس الزراعي» .
يقيم هذا النمل هضبة من التراب ارتفاعها عدة أقدام، ويحفر تحتها حجرات متشعبة، ويزيل ما حولها من مزروعات تاركا فقط نبات غذائه الأساسي لينمو حول العش وهو ما يسمى «رز النمل» ويعبد طرقا خارجة من الهضبة تشبه في ذلك عجلة العربة الخشبية، ولقد وجد ثمانية عشر نوعا من البذور المختلفة في صوامع النمل تحت الأرض. وتملك أفراد العساكر رءوسا وفكوكا ضخمة، وإذا تخيلنا نملة منها في حجم الإنسان لبلغ حجم رأسها جوال البطاطس، والمسافة بين فكوكها ست أقدام. وتقرض عساكر النمل البذور بفكوكها كي تمنعها من الإنبات، وكذلك تقوم بتكسير البذور اللازمة لطعام الشغالة ولهذا سميت «كسارة البندق الحية» .
وإذا ما ترطب الأرز المخزون حملته الشغالة لتجفيفه في الشمس، وإذا أنبتت البذور
حملت إلى خارج العش حتى تنمو لها جذور، وهذا سبب الاعتقاد السائد بأن هذه الأنواع تزرع المحاصيل حقيقة.
وعلى أية حال هناك نمل يملك حقا الحدائق وهو نمل «السوبا» ويسمى أيضا «قاطع الأوراق» أو «حامل الشماسي» ، وفي بعض أحراش أمريكا الاستوائية قد ترى قطارا من ورق الشجر المتحرك، كل قطعة فيه ما هي إلا جزء من ورقة خضراء تحملها نملة، وعند ما تخزن هذه القطع في حجرات تحت الأرض يسمدها النمل ببراز يرقات فراش معين، وهناك ينمو عليها نوع من الفطر يسمى «عيش الغراب» وهو يتغذى عليه.
وعند ما تبدأ ملكة نمل من هذا النوع عشا جديدا تحمل معها شيئا من هذا الفطر داخل تجويف صغير بجسمها. ونحن نزرع «عيش الغراب» في الظل، ولكن النمل يقوم بهذا قبل أن نتعلم نحن السر في ذلك بمدة طويلة، وقام النمل بزراعة أنواع مختلفة من الفطر في أنفاق طويلة تحت سطح التربة، ولقد قاس العالم «بيتس» أحد هذه الأنفاق فوجد طوله نحو مائتين وعشر أقدام.
وأحيانا يسبب نمل الورق هذا أضرارا جسيمة، لأنه قد يجرد الشجر من أوراقه عند ما يسعى للحصول على ما يزرعه في حدائقه، وهو أيضا محارب شجاع يدافع عن مساكنه ضد هجمات الأنواع الأخرى المتوحشة.
ويحب النمل الندوة العسلية لدرجة أن «داروين» ذكر أنها غذاؤه المفضل، وهو يلحسها من على الأوراق وقلف الأشجار، ولكن هناك حشرات أخرى وخاصة «المن» تتخم نفسها بهذا السائل الحلو، ولهذا يستخدمها النمل في جمع هذا الرحيق فيجلب النمل بيض المن إلى عشه، وعند ما يفقس يحمله إلى الخارج ويضعه على النباتات التي تفرز الندوة العسلية. وعند حلول الليل يقوده ثانية إلى بيته تماما كما يفعل الفلاح عند ما يعود بأبقاره من المراعي كي يحلبها، وحينما تمسح النملة ظهر حشرة من المن تفرز هذا السائل الحلو، ولقد لوحظت حشرة منها وهي تعطي ثماني وأربعين نقطة من الرحيق خلال 24 ساعة، وربما كانت هذه هي صاحبة الجائزة الأولى بين «أبقار النمل» هذا إلى درجة أن النمل يبني حجرات خاصة لما يحتفظ به من حشرات المن تماما كما يبني الفلاح حظيرة لأبقاره فلا غرابة أنه يسمى «النمل الحالب» .
وبعض النمل يسئ إلى جيرانه من أنواع النمل الأخرى، وهو محارب مستميت يقرض أطراف أعدائه من قرون استشعارها وأرجلها حتى الرأس. وقيل إنه من عش واحد لهذا
النمل السارق خرجت ست وأربعون حملة من حملات الغزو خلال شهر واحد، وحينما يتقابل النمل مع عدو يماثله وحشية تقوم بينهما الحرب، ولقد استمرت إحدى هذه الحروب أكثر من ستة أسابيع بين جماعتين متنافستين من النمل.
وكذلك يستعبد النمل أنواعا أخرى ضعيفة، فهو يسرق شرانقها، وعند ما تفقس تعمل الشغالة الجديدة في خدمة أسيادها. وتعتمد بعض هذه الأنواع المستعبدة على عبيدها كي تغذيها وتقوم على خدمتها.
وأكثر أنواع النمل إرهابا هو النوع المسير للجيوش، وهو حقا من أكلة اللحوم، وكثيرا ما يشاهد في مناطق أمريكا الاستوائية، ولكنه يبدو أشد تخريبا في أفريقيا، وقد يبلغ طابور هذا النمل الغازي عدة بوصات في العرض وطوله ميل تقريبا، وفيه تحمل الشغالة شرانق الصغار، وتمشي العساكر في المقدمة، بينما يقوم أفراد أخرى بحماية جناحي الجيش، وتعين حراسا للمؤخرة، ولقد سجل بعض المراقبين لهذه الجيوش أن بها بعض الأفراد أكبر حجما تقوم بعمل الضباط، وإذا ما تحرك الطابور سار في خط مستقيم لا يعوقه شئ غير النار أو الماء، ويهرع الأهالي في تلك الأماكن في فزع عند ما تجوس جيوش النمل خلال أكواخهم، وتقضي على جميع ما بها من قمل وبراغيث وصراصير. ولقد رأى أحد العلماء الإنجليز طابورا من النمل يهاجم ثعبانا طوله عدة أقدام، وبعد دقائق قليلة كان النمل قد مزقه فعلا إلى قطع صغيرة. وحينما ظهر ما يعوق سير الطابور علم به أفراد النمل الذي يبعد عن هذا العائق بنحو مائة ياردة خلال عشر ثوان، أما كيف سرت الأنباء بهذه السرعة فالنمل وحده- بعد الله- الذي يعلم.
وأحيانا يتجمع النمل المحارب في دوائر حول أفراد أكبر حجما يبدو أن لها أهمية خاصة، وأحيانا يتجمع على شكل كرة كبيرة حول جذور أحد الأشجار حيث يبدو كالنائم، ولكنه عند ما يزحف يقال عنه إنه أفظع جيش في العالم، ومن المؤكد أن جميع الحيوانات الأخرى تفر من أمامه وتخلي له الطريق.
وعلى ذلك سواء كان النمل من النوع البناء، أو المقيم للحدائق، أو الحالب للحشرات، أو من النوع المحارب، فهو حقا صانع العجائب.)
5 -
في قول النملة وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ بعد قولها لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ دليل على أن جند سليمان جميعا كانوا في الذروة من الالتزام السلوكي