الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الهدى وحصلت الرحمة الناشئة عن الهدى حصلت السعادة والربح والنجاح والفرح والسرور {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} (1) .
المشي يعين على الطاعة ويجلب السعادة
إن التنقل والمشي يعين على طلب الرزق، ويكسب الصحة، ويجدد للإنسان النشاط، ويغرس فيه الأمل، ويبعده عن الكسل، وأي قيمة لإنسان فارغ كسول في حياة مفعمة بالجد والعمل وحب الإنتاج، فمن رضي الخمول كان فارغاً كسولا، تموت آماله وهو يرمقها بعين الندامة لا غاية له يسعى إلى تحقيقها ولا طريق واضحة يسير فيها، إن حياته كلها شقاء، قال الرافعي واصفاً حال الكسول:
غير أن الكسول في كل يومٍ
…
يجد اليوم كله أهوالا
من يقيم الأمور في الجد يهنا
…
والشقا للذين قاموا كسالا
وفي الحديث النبوي: (دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ، فَقَالَ: يَا أَبَا أُمَامَةَ مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلاةِ قَالَ هُمُومٌ لَزِمَتْنِي وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَفَلا أُعَلِّمُكَ كَلامًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ عز وجل هَمَّكَ وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ، قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ، قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ عز وجل هَمِّي وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي)(2) .
وقال الشاعر:
وَإِذا رَأَيتَ الرِزقَ ضاقَ بِبَلدَةٍ
…
وَخَشيتَ فيها أَن يَضيقَ المَكسَبُ
فَاِرحَل فَأَرضُ اللَهِ واسِعَةُ الفَضا
…
طُولاً وَعَرضاً شَرقُها وَالمَغرِبُ (3)
وقال آخر:
وعليَّ أنْ أسْعى وليْـ
…
ـسَ عليّ إدْراكُ النًّجَاحِ (4)
وفي الحديث النبوي الشريف: (إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّيْنُ إلَاّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ)(5)، وفي رواية:(سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاغْدُوا وَرُوحُوا، وَشَيءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ، القَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا)، قوله:(الدِّينُ) : هُوَ مرفوع عَلَى مَا لَمْ يسم فاعله، وروي منصوباً وروي، (لن يشادَّ الدينَ أحدٌ)، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم:(إلا غَلَبَهُ) : أي غَلَبَهُ الدِّينُ وَعَجَزَ ذلِكَ المُشَادُّ عَنْ مُقَاوَمَةِ الدِّينِ لِكَثْرَةِ طُرُقِهِ، وَ (الغَدْوَةُ) : سير أولِ النهارِ، وَ (الرَّوْحَةُ) : آخِرُ النهارِ، وَ (الدُّلْجَةُ) : آخِرُ اللَّيلِ، وهذا استعارة وتمثيل، ومعناه: اسْتَعِينُوا عَلَى طَاعَةِ اللهِ عز وجل بِالأَعْمَالِ في وَقْتِ نَشَاطِكُمْ وَفَرَاغِ قُلُوبِكُمْ بِحَيثُ تَسْتَلِذُّونَ العِبَادَةَ
(1) - سورة يونس الآية (58) .
(2)
- أخرجه أبو داود في سننه باب في الاستعاذة حديث (1330) .
(3)
- هذان البيتان للإمام علي رضي الله عنه وانظر ديوانه.
(4)
- ينسب هذا البيت لبديع الزمان الهمداني، انظر الموسوعة الشعرية ص666.
(5)
- أخرجه البيهقي في شعب الإيمان باب القصد في العبادة حديث (3881) .
ولا تَسْأَمُونَ وتبلُغُونَ مَقْصُودَكُمْ، كَمَا أنَّ المُسَافِرَ الحَاذِقَ يَسيرُ في هذِهِ الأوْقَاتِ ويستريح هُوَ وَدَابَّتُهُ في غَيرِهَا فَيَصِلُ المَقْصُودَ بِغَيْرِ تَعَب، واللهُ أعلم. (1)
أما عروة بن الورد (2) فإنه يرى استحباب السفر والاغتراب فيقول:
فَسِر في بِلادِ اللَهِ وَاِلتَمِسِ الغِنى
…
تَعِش ذا يَسارٍ أَو تَموتَ فَتُعذَرا
وَما طالِبُ الحاجاتِ مِن كُلِّ وِجهَةٍ
…
مِنَ الناسِ إِلاّ مَن أَجَدَّ وَشَمَّرا
وقال آخر:
ليس الفتى بفتىً لا يستضاء به
…
ولا يكون له في الأرض آثار
أما البحتري (3) فهو يرى أن الإنسان إذا كان معدماً فعليه أن يتغرب وذلك حيث يقول:
وَإِذا الزَمانُ كَساكَ حُلَّةَ مُعدِمٍ
…
فَاِلبَس لَهُ حُلَلَ النَوى وَتَغَرَّبِ
وَلَقَد أَبيتُ مَعِ الكَواكِبِ راكِباً
…
أَعجازَها بِعَزيمَةٍ كَالكَوكَبِ
وقد يكون السفر واجباً أو مستحباً فيجب للجهاد والحج
…
إلخ والهجرة قد تكون واجبة بالنقلة عن البلد التي لا يستطيع الإنسان فيها أن يحفظ كرامته ودينه، وقيل غير ذلك، وفي الحديث: (لا هجرة بعد الفتح
(1) - انظر رياض الصالحين للإمام أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، (المتوفى سنة 676هـ) ، ج1ص117، الناشر: المكتب الإسلامي بيروت.
(2)
- عروة بن الورد بن زيد العبسي، (ت 30ق. هـ593م) من غطفان، من شعراء الجاهلية وفرسانها وأجوادها، كان يلقب بعروة الصعاليك لجمعه إياهم، وقيامه بأمرهم إذا أخفقوا في غزواتهم.
(3)
- البُحتُرِيّ (206-284هـ/821-897م) الوليد ابن عبيد بن يحيى الطائي أبو عبادة البحتري، شاعر كبير، يقال لشعره: سلاسل الذهب، وهو أحد الثلاثة الذين كانوا أشعر أبناء عصرهم، المتنبي وأبو تمام والبحتري، قيل لأبي العلاء المعري: أي الثلاثة أشعر؟ فقال: المتنبي وأبو تمام حكيمان وإنما الشاعر البحتري.