الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من شكر الله شكر الناس
إن نفوس الأبرار تأبى إلا أن تشكر من أحسن إليها وأوصل معروفاً إليها، وفي الحديث: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من لا يشكر الناس لا يشكر الله)(1) .
ويرحم الله صالح بن عبد القدوس (2) حيث يقول:
لأَشكُرَنَّ هماماً فَضل نِعمَتِه
…
لا يشكر اللَهَ من لَم يَشكُر الناسا (3)
وقال آخر:
إذا الشافع استقصى لك الجهد كله
…
وإن لم تنل نجحاً فقد وجب الشكر
وفي امثال العرب اذا قصرت يدك عن المكافأة فليطل لسانك بالشكر، وقيل: الشكر ترجمان النية ولسان الطوية، وشكر المولى هو الأولى، قال الشاعر (4)
لَهُ عَلَيَّ أَيادٍ لَستُ أَكفُرُها
…
وَإِنَّما الكُفرُ أَلا تُشكَرَ النِعَمُ
وفي الامثال السائرة النعم اذا شكرت قرت، واذا كفرت فرت (5)، ولله در القائل:
(1) - رواه الترمذي في سننه باب ما جاء في الشكر لمن أحسن حديث (1954) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(2)
- صالح بن عبد القدوس بن عبد الله بن عبد القدوس الأزدي الجذامي، أبو الفضل، شاعر حكيم، كان متكلماً يعظ الناس في البصرة، له مع أبي الهذيل العلاف مناظرات، وشعره كله أمثال وحكم وآداب، اتهم عند المهدي العباسي بالزندقة، فقتله في بغداد. قال المرتضى:(قيل: رؤي ابن عبد القدوس يصلي صلاة تامة الركوع والسجود، فقيل له: ما هذا ومذهبك معروف؟ قال: سنة البلد، وعادة الجسد، وسلامة الولد!) وعمي في آخر عمره.
(3)
- حماسة البحتري ص109.
(4)
- غيلان بن عقبة بن نهيس بن مسعود العدوي، من مضر، من فحول الطبقة الثانية في عصره، (77-117هـ/696-735م)، قال أبو عمرو بن العلاء: فتح الشعر بامرئ القيس وختم بذي الرمة، كان شديد القصر دميماً، يضرب لونه إلى السواد، أكثر شعره تشبيب وبكاء أطلال، يذهب في ذلك مذهب الجاهليين وكان مقيماً بالبادية، يختلف إلى اليمامة والبصرة كثيراً، امتاز بإجادة التشبيه، قال جرير: لو خرس ذو الرمة بعد قصيدته (ما بال عينيك منها الماء ينسكب) لكان أشعر الناس، عشق (ميّة) المنقرية واشتهر بها، توفي بأصبهان، وقيل: بالبادية.
(5)
- معجم كنوز الامثال ص 143.
شكرت فإن الشكر حظ من التقى
…
وما كل من أوليته نعمة يقضي (1)
وقد رأى بعض الشعراء أن محاولة الزيادة عند الله والناس لا تكون إلا بالشكر، لأن الناس لا يحمدون من لا يحسن إليهم فقال:
الناس أكيس من أن يحمدوا أحداً
…
حتى يروا عنده أثار إحسان (2)
غير أن هناك من يرى أن من الناس من لا يحمدُ الفضل فزهده ذلك في فعل الخير فقال:
يُزَهِّدُني في كلِّ خيرٍ فَعَلتُه
…
إلى الناس ما جَرَّبتُ من قِلَّةِ الشُّكرِ (3)
وقال احمد شوقي:
لا تَمنَحِ المَحبوبَ شُكرَكَ كُلَّهُ
…
وَاِقرِن بِهِ شُكرَ الأَجيرِ المُجهَدِ
أما المتنبي فهو يقول:
إِذا الفَضلُ لَم يَرفَعكَ عَن شُكرِناقِصٍ
…
عَلى هِبَةٍ فَالفَضلُ فيمَن لَهُ الشُكرُ
وفي الحديث النبوي: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا وإن ظلموا ظلمنا ولكن وطنوا أنفسكم إذا أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا)(4) .
(1) - الأمالي لأبي علي القالي ج1ص30.
(2)
- هذا البيت للشاعر عبد الملك الحارثي من قصيدة مطلعها:
يا أُختَ كِندَةَ عافي شُربَ عُثمانِ
…
وَأَزمِعي لِبَني عَوفٍ بِهِجرانِ
(3)
- هذا البيت ليحيى بن طالب، وقد ورد مستشهداً به في: الأمالي لأبي علي القالي ج1ص123 ، وعيون الاخبار لابن قتيبة ج3ص162 ، والموسوعة الشعرية ص410.
(4)
- رواه الترمذي في البر باب ما جاء في الإحسان والعفو حديث (2007) .