الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الى مثل ذلك فانه لهم على المؤمنين الا من حارب في الدين) (1) وقد جاء في الذكر الحكيم: {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (2)
قال قيس ابن زهير:
فيا ابني بغيض راجعا السلم تسلما وان سبيل الحرب وعرٌ مضلة
…
ولا تشمتا الاعداء يفترق الشمل وان سبيل السلم آمنةٌ سهل
وأما أحمد شوقي فهو يقول:
ما زِلتَ تَطرُقُ بابَ الصُلحِ بَينَهُما
…
حَتّى تَفَتَّحَتِ الأَبوابُ وَالسُدَدُ
ويغفر الله للقائل:
وَلَو تابَعوا قَولَ الإِلَهِ وَأَمرَهُ
…
لَقالوا بِأَنَّ الصُلحَ لِلخَلقِ أَصلَحُ
خيانة الأوطان جناية
إن مما ينبغي أن يتحلى به المرء الوفاء للأوطان، والحفاظ فيها على الأهل والإخوان، وعدم التفريط بها والتخلي عنها، والمحافظة على دين الله الحق سبحانه وتعالى فيها، وإماطة الأذى عن سكانها في طرقهم وأسواقهم وحدائقهم ومتنزهاتهم، والحرص على ديمومة أمنهم واستقرارهم، وعمارة مساجدهم، ونظافة أسواقهم، وإقامة شعائر دينهم، واستقامة أخلاقهم، وقال بعض الأدباء: أن "من لا خير فيه لدينه لا خير فيه لوطنه" لأنه إن كان بنقضه عهد الوطنية غادراً فاجراً، فهو بنقض عهد الله أغدر وأفجر،
(1) - السيرة النبوية للندوي ص491.
(2)
- سورة الانفال الآية (61) .
وإن الفضيلة للإنسان أفضل الأوطان، فمن لم يحرص عليها فأحرى به أن لا يحرص على وطن السقوف والجدران. (1)
وطالما تغنى الشعراء بحب الأوطان وحذروا من بيع الأهل والاخوان، وقد جاء في زهر الأدب لأبي إسحاق القيرواني من شعر ابن الرومي قوله:
ولي وطنٌ آليت ألا أبيعَهُ
…
وألا أرى غيري له الدهرَ مالكا
وحبَّب أوطانَ الرجالِ إليهمُ
…
مآربُ قضَّاها الشبابُ هنالكا
إذا ذكروا أوطانَهُم ذكَّرتهمُ
…
عُهودَ الصبا فيها فحنّوا لذلكا (2)
قلتُ: الظاهر أن من طبيعة الإنسان حب الوطن والحنين إليه وإن لم يكن تضاريسه ومناخه حسن، قال الشاعر:
بلاد ألفناها على كل حالةٍ وقد
…
يؤلف الشيء الذي ليس بالحسن
وتستعذب الأرض التي لا هوا بها
…
ولا ماؤها عذب ولكنها وطن
وكلما فارق الإنسان وطنه ازداد شوقه إليه، وحنينه عليه، ويرحم الله شوقي حيث يقول:
وَيا وَطَني لَقَيتُكَ بَعدَ يَأسٍ
…
كَأَنّي قَد لَقيتُ بِكَ الشَبابا
وَكُلُّ مُسافِرٍ سَيَئوبُ يَوماً
…
إِذا رُزِقَ السَلامَةَ وَالإِيابا
وَلَو أَنّي دُعيتُ لَكُنتَ ديني
…
عَلَيهِ أُقابِلُ الحَتمَ المُجابا
أُديرُ إِلَيكَ قَبلَ البَيتِ وَجهي
…
إِذا فُهتُ الشَهادَةَ وَالمَتابا
وَقَد سَبَقَت رَكائِبِيَ القَوافي
…
مُقَلَّدَةً أَزِمَّتَها طِرابا
(1) - النظرات ج3ص161.
(2)
- زهر الأدب ج2ص682، الطبعة الأولى، وهذه الأبيات مختارة من قصيدة تبلغ (24) بيتاً وانظر ديوان ابن الرومي.