الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والصداقات كالعداوات تؤذي
…
فسواء من تصطفي أو تعادي
وقال آخر:
وزهَّدني في الناس معرفتي بهم
…
وطُول اختياري صاحباً بعد صاحبِ
فلم تُرِني الأيامُ خِلّاً تسرُّني
…
بَواديه إلا ساءني في العواقبِ
ولا صِرتُ أدعوهُ لدفعِ ملمّةٍ
…
من الدهر إلا كان إحدى النوائبِ
الاحتمال للصديق واستبقاء وده
العاقل يحتمل لإخوانه وأصدقائه، ولا يقصر في تعهد وداد أصدقائه، فإن أعجز الناس من قصر عن طلب الإخوان، وأعجز منه من ظفر بذلك منهم فأضاع مودتهم، وأكثر معاتبتهم، قال الشاعر:
أَخوكَ الَّذي إِن رِبتَهُ قالَ إِنَّما
…
أَرَبتُ وَإِن عاتَبتَهُ لانَ جانِبُه
إِذا كُنتَ في كُلِّ الذُنوبِ مُعاتِباً
…
صَديقَكَ لَم تَلقَ الَّذي لا تُعاتِبُه
فَعِش واحِداً أَو صِل أَخاكَ فَإِنَّهُ
…
مُفارِقُ ذَنبٍ مَرَّةً وَمُجانِبُه
إِذا أَنتَ لَم تَشرَب مِراراً عَلى القَذى
…
ظَمِئتَ وَأَيُّ الناسِ تَصفو مَشارِبُه (1)
وقال آخر:
وَكُنتُ إِذا الصَديقُ أَرادَ غَيظي
…
وَأَشرَقَني عَلى حَنَقٍ بِريقي
غَفَرتُ ذُنوبَهُ وَصَفَحتُ عَنهُ
…
مَخافَةَ أَن أَعيشَ بِلا صَديقِ (2)
(1) - هذه الأبيات لبشار بن برد.
(2)
- ذيل الأمالي للقالي ج3ص111، والموسوعة الشعرية ص307. والبيتان ينسبان لأبي زبيد الطائي ، وينسبان أيضا إلى كثير عزه ، والله أعلم.
فإذا لم تجد صديقاً صادقاً فإن الانفراد والخلوة أجمع لدواعي السلوة، وفيها الراحة من مداراة الناس والسلامة من شرهم، قال الشاعر:
وَقالوا لِقاءُ الناسِ أُنسٌ وَراحَةٌ
…
وَلَو كُنتُ أَرضى الناسَ ماكُنتُ مُفَردا (1)
وقال أبو الدرداء: كان الناس ورقاً لا شوك فيه، وقد صاروا شوكاً لا ورق فيه، إذا نافرتهم نفروك وإن تركتهم ما تركوك. (2)
فإذا تأذى الإنسان بالجليس وقلَّ من الأصدقاء الأنيس فلا تجعل من نفسك صديقاً للأشرار، ولا تشتغل عن الله بمداناة الفجار، قال الشاعر:
طب عن الأمة نفساً
…
وارض بالوحدة أنساً
لست بالواجد خلاً
…
أو ترد اليوم أمسا
فإذا أردت الصاحب فالله يكفيك، وإن أرت أنيساً فالقرآن يؤنسك ويؤاسيك.
(1) - هذا البيت للشريف الرضي.
(2)
- محاضرات الراغب ص255.