المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الكرم والبخل لا يتفقان - صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال - جـ ١

[حسين بن محمد المهدي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأولالعِلْم

- ‌العلم هو إدراك الشيء بحقيقته

- ‌بقاء العلم

- ‌العلم عون الدين

- ‌العلم يرفع الله به الوضيع

- ‌العلم عنوان العز

- ‌أشرف العلوم

- ‌مبادئ العلوم

- ‌الجد في طلب العلم

- ‌محبة العلم

- ‌تكريم المعلم

- ‌المعلم الذي لا يؤدي واجبه

- ‌المعلم الذي يخالف علمه عمله

- ‌ترك المعاصي سبب في حفظ العلوم وجمعها

- ‌إنفاق العلم وعدم جواز كتمه

- ‌القصة في الحديث النبوي

- ‌الجهل يضاد العلم

- ‌العليم الخبير في أسماء الله الحسنى

- ‌علم الله جل وعلا علم تفرده به

- ‌ثمرة معرفة اسم الله تعالى العليم الخبير

- ‌دعاء الله باسمه العالم العليم

- ‌الفصل الثانيالعَقْل

- ‌العقل

- ‌العقل والهوى متعاديان

- ‌عداوة العاقل خير من صداقة الأحمق

- ‌العقل مناط التدبر وطريق الهدى والرشاد

- ‌العقل نوعان: مطبوع ومسموع

- ‌الإنكار على من لم يُعمِل عقله

- ‌التجارب تزيد في العقل

- ‌الأدب النفسي ودوره في تنمية العقل

- ‌كمال العقل

- ‌القصة

- ‌العقل يرشد الى توحيد الله

- ‌اسم الله دال على جميع الاسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الجامع للاسماء الحسنى

- ‌دعاء الله باسمه الجامع للاسماء الحسنى

- ‌الفصل الثالثالإنسانية أصلها واحد

- ‌الإنسانية أصلها واحد

- ‌القصة

- ‌الإسلام يدعو إلى الأخوة والتعاون

- ‌مبدأ الوحدة الإنسانية والمساواة البشرية

- ‌نجاح الأفراد والأمم وأثر الاتفاق والاختلاف على الأسرة الإنسانية

- ‌مراحل نمو خَلق الإنسان تدل على أن الله وحده الخالق المنان

- ‌الخالق في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الخالق وحده لا شريك له

- ‌دعاء الله باسمه الخالق

- ‌الفصل الرابعالقلم

- ‌القلم

- ‌القلم تحيا به الأمم وتتعلّم

- ‌دور القلم في سعادة الأمم وشقاؤها

- ‌القلم الالكتروني

- ‌الكتابة الإلكترونية: ماهيتها وطبيعتها

- ‌القوة الثبوتية للكتابة الالكترونية

- ‌تسمية ما يكتب فيه عند العرب

- ‌الكَتبُ إنشاؤه وزبره

- ‌السطر

- ‌الكتاب عرضه وحفظه

- ‌الحفيظ والمحصي من أسماء الله الحسنى

- ‌دعاء الله باسمه الحفيظ الحافظ المحصي

- ‌الفصل الخامسالإيمان

- ‌الإيمان

- ‌النجاة في الإيمان بالله

- ‌الرفعة بالإيمان

- ‌الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌القدر في القرآن

- ‌الرضا والتسليم دليل الإيمان

- ‌قصة إيمان أهل الكهف في القرآن

- ‌الإيمان بالله يزيل الهم

- ‌من يؤمن بالله يهدي قلبه

- ‌الخلال الدنيئة ليست من صفات المؤمن

- ‌النفاق يضاد الإيمان

- ‌الإيمان بالغيب

- ‌علم الفلك والنجوم

- ‌الإيمان بأسماء الله وصفاته

- ‌الذكر يقوي الإيمان

- ‌ذكر الله في جوف الليل

- ‌ذكر الله شرف ونعمة

- ‌الدعاء يقوي الإيمان

- ‌من تقرب إلى الله بالدعاء ضمن الإجابة

- ‌المؤمن من أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة التعرف على اسم الله المؤمن

- ‌الفصل السادسالعمل

- ‌العمل

- ‌العمل سبب الغنى

- ‌البكور في طلب الرزق

- ‌الحرفة أو الصنعة ضرورة

- ‌إتقان العمل

- ‌البحث عن العمل

- ‌القصة

- ‌إعطاء العامل أجره

- ‌إعطاء العامل حظه من الراحة

- ‌بعث الهمم على العمل

- ‌الباعث في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الباعث

- ‌الدعاء باسم الله الباعث

- ‌الفصل السابعالسفر والسياحة

- ‌السفر والسياحة

- ‌حقيقة السفر

- ‌السفر فيه قضاء الحوائج

- ‌علاج (الروتين) الممل

- ‌تأكد من قدرتك الصحية على السفر

- ‌آداب السفر

- ‌الابتسامة والبهجة في السفر

- ‌ثلاث نصائح أسديها إليك فلا تنساها في سفرك وحضرك:

- ‌الاستمتاع بالسفر والسياحة لا يعني السقوط في الوحل

- ‌حاجة المسافر إلى قراءة شيء من القرآن في أسفاره

- ‌المشي يعين على الطاعة ويجلب السعادة

- ‌العز والشرف في التنقل

- ‌أخطار السفر في هذا الزمن قليلة فتمتع بنعمته الكبيرة

- ‌الطائرات السابحات في الجو

- ‌السفر يهدي إلى التعرف على عظمة الصانع جلت قدرته

- ‌الهادي من أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الهادي

- ‌دعاء الله باسمه الهادي

- ‌الفصل الثامنالحرية والإباء

- ‌الحرية والإباء

- ‌الحرية التي ليس عليها ضوابط

- ‌الحرية ليس لها ثمن

- ‌لوم الحر نجاة له

- ‌الحر لا يريق ماء وجهه

- ‌الحر يأبى الذل والهوان

- ‌الحر يحفظ الود

- ‌فقد الحر رزيئة

- ‌الفصل التاسعالوطن

- ‌الوطن

- ‌حب الوطن ووصفه

- ‌دعائم المواطنه

- ‌وأنه لا يأثم امرؤ بحليفه،وأن النصر للمظلوم

- ‌خيانة الأوطان جناية

- ‌مرارة الغربة عن الأوطان

- ‌وطن العرب والمسلمين واحد

- ‌خصوصية الوطن الأول

- ‌في الانتقال عن الأوطان

- ‌الفصل العاشرالمال

- ‌المال

- ‌حب المال

- ‌إنفاق المال في وجوه البر

- ‌لا تبخل عن بذل المال

- ‌فتنة المال وميل الناس إلى صاحبه

- ‌ذهاب المال

- ‌الغنى والفقر

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الغني المغني الرزاق

- ‌دعاء الله بأسمه الغني المغني الرزاق

- ‌الفصل الحادي عشرالمُلك والسياسة

- ‌المُلك والسياسة

- ‌الملك هبة الله الواحد المنان

- ‌اختيار الوزراء

- ‌مما يستعان به على السياسة

- ‌وملاك الأمر في هذا كله تقوى الله والرجوع إليه

- ‌فساد بطانة السلطان

- ‌السياسة الرعناء

- ‌خساسة السياسة

- ‌السياسة الرشيدة والملك المحبوب

- ‌طاعة السلطان

- ‌المَلِك مالك المُلك والمليك في الأسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسمه جل وعلا الملك

- ‌دعاء الله باسمه الملك والمَالِك ملك الملُك

- ‌الفصل الثاني عشرالشُكر

- ‌الشُكر

- ‌استدامة النعمة بالشكر

- ‌شكر الخالق واجب

- ‌من شكر الله شكر الناس

- ‌الشكر فيه الزيادة

- ‌الشكر أمان من العذاب

- ‌جحود النعمة والإعراض عن الشكر سبب في الهلاك

- ‌الشكور الشاكر من أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة هذا الاسم

- ‌الفصل الثالث عشرالكِبر

- ‌الكِبر

- ‌الكِبر يغضب الجبار، ويكون سبباً في دخول النار

- ‌المتكبرون شرار الناس

- ‌الكِبر بطر الحق

- ‌أسباب الكبر

- ‌قصه للأحنف بن قيس

- ‌الكبير والمتكبر في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الكبير المتكبر

- ‌دعاء الله باسمه الكبير المتكبر

- ‌الفصل الرابع عشرالتواضع

- ‌التواضع

- ‌حقيقة التواضع وفضيلته

- ‌التواضع فريضة، والعُجب رذيلة

- ‌قصة لهارون الرشيد مع اللأمام مالك

- ‌الفصل الخامس عشرالحُب

- ‌الحُب

- ‌مفردات الحب

- ‌ضرورة الحب وحاجة الناس إليه

- ‌امنح الثقات محبتك

- ‌الحب وآدابه

- ‌آفات الحب

- ‌الحب زينة الحياة

- ‌حب الجمال نعمة

- ‌حب الله

- ‌محبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أكثر محبةً له ولأهل بيته

- ‌محبة المؤمنين

- ‌محبة الله لعبده أعظم نعمة

- ‌الفرق بين الحب والود

- ‌الودود من اسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الودود

- ‌الفصل السادس عشرالجمال

- ‌الجمال

- ‌جمال الإنسان

- ‌جمال الكون

- ‌الجميل في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الجميل

- ‌دعاء الله باسمه الجميل الجليل

- ‌الفصل السابع عشرالحَسَدُ

- ‌الحسد

- ‌الحاسد جاحد

- ‌الحسد خطير وعلاجه عسير

- ‌الحاسد لا يرد قدر الرازق

- ‌الحسد ذميم فلا تتخلق به

- ‌الكرام من الناس تُحسد

- ‌قصة لقيس بن زهير:

- ‌علاج الحسد

- ‌الفصل الثامن عشرالغيبة

- ‌الغيبة

- ‌حد الغيبة

- ‌من اغتاب أغتيب

- ‌قصة للحسن البصري رحمه الله

- ‌علاج الغيبة

- ‌الصمت وأدب اللسان

- ‌الإصغاء إلى الغيبة

- ‌الأعذار المرخصة في الغيبة

- ‌الفصل التاسع عشرالنميمة

- ‌النميمة

- ‌قصة لعمر بن عبد العزيز رحمة الله:

- ‌سوء الظن

- ‌الجاهل يسيء الظن باخوانه

- ‌ثمرة النميمة

- ‌ذو الوجهين

- ‌الفصل العشرونالأمانة

- ‌الأمانة

- ‌تقدير الناس للأمانة

- ‌الأمانة في الإيمان بالله وعبادته

- ‌ترك الأمانة نفاق

- ‌الأمانة في الولايات

- ‌الأمانة في الأسرة

- ‌أمانة الزوجة تقتضي حفظ أسرار زوجها

- ‌تربية الأولاد وتعليمهم أمانة

- ‌الأمانة في الأخلاق والمعاملات

- ‌الخيانة مذمة وندامة

- ‌الخيانة أسوأ ما يبطنه الإنسان

- ‌الفصل الحادي والعشرونالحِلم

- ‌الحِلم

- ‌الحلم حلية العلم

- ‌الحليم حاذق لبيب

- ‌الحلم ثبات ورفعة

- ‌الحليم ذو عزة

- ‌قصة للرشيد

- ‌الحليم اسم من أسماء الله تعالى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الحليم

- ‌دعاء الله باسمه الحليم

- ‌الفصل الثاني والعشرونالرفق

- ‌الرفق

- ‌الرفق يحبه الله

- ‌التزام الرفق ومباينة العنف

- ‌الرفيق من الأسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسمه تعالى الرفيق

- ‌دعاء الله باسمه الرفيق

- ‌الفصل الثالث والعشرونالصبر

- ‌الصبر

- ‌الصبر مفتاح النجاح

- ‌الصبر يعقبه الفرج

- ‌الصبر والرضا به

- ‌الحر الصابر لا يريق ماء وجهه

- ‌الصبور في الأسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسمه تعالى الصبور

- ‌دعاء الله باسمه الصبور

- ‌الفصل الرابع والعشرون‌‌العفو

- ‌العفو

- ‌الكريم يعفو

- ‌العز في العفو

- ‌العفو في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة التعرف على اسم الله العفوُ

- ‌قصة للقمان مع ابنه

- ‌دعاء الله باسمه العفوُ

- ‌الفصل الخامس والعشرونالكرم

- ‌الكرم

- ‌خلق الكريم المحافظة على مكارم الأخلاق

- ‌الكريم يكرم ضيفه

- ‌الكريم يجود ولا يبخل

- ‌قصة لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم

- ‌اللؤم ضد الكرم

- ‌الكرم والبخل لا يتفقان

- ‌فخر الرجال كرمهم

- ‌الأكرم الكريم في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الكريم الأكرم

- ‌دعاء الله باسمه الكريم

- ‌الفصل السادس والعشرون‌‌العدل

- ‌العدل

- ‌العدل في الكلام

- ‌العدل في الشهادة

- ‌وصفُ الحسن البصري للإمام العادل

- ‌العدل في القضاء بين الناس

- ‌قصة رواها الأمام علي بن ابي طالب رضي الله عنه

- ‌قصة روتها خولة بنت قيس

- ‌العدل يحبه الله والظلم لا يحبه

- ‌الظلم في الأمثال السائرة

- ‌دعوة المظلوم لا ترد

- ‌الشرك أعظم أنواع الظلم

- ‌عاقبة الظلم

- ‌العدل في الأسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسمه تعالى العدل

- ‌دعاء الله باسمه وصفته العدل

- ‌الفصل السابع والعشرون‌‌الصدق

- ‌الصدق

- ‌الصدق يألفه الكريم

- ‌الصدق يرفع المرء في الدارين والكذب يهوي به في الحالين

- ‌الكذب يضاد الصدق ويجانبه فتجنبه

- ‌مضرة الكذب

- ‌مكانة الصدق رفيعة

- ‌دعاء الله الصادق الكريم

- ‌الفصل الثامن والعشرونالصديق والجليس

- ‌الصديق والجليس

- ‌اصطفاء الصديق من الأخيار

- ‌صداقة الأشرار عار

- ‌التلون في الصداقة

- ‌فراق الصديق المتلون

- ‌مفارقة جليس السوء

- ‌وفاء الصديق

- ‌مصاحبة الجاهل والأحمق

- ‌صداقة الكسلان ومجالسته

- ‌صداقة العدو

- ‌من الصداقات ما يؤذي

- ‌الاحتمال للصديق واستبقاء وده

- ‌الفصل التاسع والعشرونالأخلاق الحسنة

- ‌الأخلاق الحسنة

- ‌الخُلق الحسن منزلة رفيعة

- ‌التآلف والحب بحسن الخلق

- ‌من حسّن الله خَلقه ينبغي أن يحسن خُلقه

- ‌قصة خروج جابر مع رسول الله (ص) في غزوة ذات الرقاع

الفصل: ‌الكرم والبخل لا يتفقان

صم إذا سمعوا خيراً ذكرت به..... وان ذكرت بسوء عندهم اذنوا (1)

أما المتوكل الليثي فهو يقول:

إِنَّ الأَذِلَّةَ وَاللئامَ مَعاشِرٌ

مَولاهُم المُتَهَضّمُ المَظلومُ

وَإِذا أَهنتَ أَخاكَ أَو أَفردتَهُ

عَمداً فَأَنتَ الواهِنُ المَذمومُ

لا تَتَّبِع سُبُلَ السفاهَةِ وَالخَنا

إِنَّ السفيهَ معنَّفٌ مَشتومُ

وَأَقِم لِمَن صافيتَ وَجهاً واحِداً

وَخَليقَةً إِنَّ الكَريمَ قَؤومُ

لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتأتيَ مِثلَهُ

عارٌ عَلَيكَ إِذا فعلتَ عَظيمُ

وفي أمثال العرب السائرة: "الأَم من راضع اللبن" راضع اللبن: هو رجل من العرب كان يرضع اللبن من حلمة شاته ولا يحلبها مخافة أن يسمع وقع الحلب في الإناء فيطلب منه، فمن هنا قالوا: لئيم راضع، وقال رجل يصف ابن عم له بالبعد من الإنسانية والمبالغة في التوحش والإفراط في البخل:

أحب شيء إليه ان يكون له

حلقوم واد له في جوفه غار

لا تعرف الريح ممساه ومصبحه

ولا تشب إذا امسى له نار

لا يحلب الضرع لؤماً في الاناء ولا

يرى له في نواحي الصحن اثار (2)

‌الكرم والبخل لا يتفقان

كرم الشيء كرماً نفس وعز فهو كريم والجمع كرام وكرماء، والأنثى كريمة وجمعها كريمات وكرائم (3) ، وكرام الرجال أكثرهم خيراً، وأشرفهم

(1) - الموسوعة الشعرية ص (284) .

(2)

- مجمع الامثال للميداني ج (2) ص (251) .

(3)

- المصباح المنير ص (316) .

ص: 610

نفساً، وأكثرهم براً، وأجملهم صفحاً، وأكثرهم عطاءً، فان البخل في الشرع منع الواجب، وعند العرب منع السائل مما يفضل عنده (1) ، والبخل مذموم صاحبه، يوصف به اللئيم ويتعالى عنه الكريم، فمن كان ذا فضل ومال وبخل به عند الحاجة إليه استُغني عنه قال الشاعر:

وَمَن يَكُ ذا فَضلٍ فَيَبخَل بِفَضلِهِ

عَلى قَومِهِ يُستَغنَ عَنهُ وَيُذمَمِ

وَمَن يَجعَلِ المَعروفَ مِن دونِ عِرضِهِ

يَفِرهُ وَمَن لا يَتَّقِ الشَتمَ يُشتَمِ (2)

أما الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فانه يرى أن البخل شر الآفات فيقول:

إِذا اِجتَمَعَ الآفاتُ فَالبُخلُ شَرّها

وَشَرٌّ مِنَ البُخلِ المَواعيدِ وَالمَطلُ (3)

وفي أمثال العرب السائرة: "أبخل من مادر" وهو رجل من بني هلال ابن عامر بلغ بخله أنه سقى أبله فبقي في أسفل الحوض ماء قليل، فسلح فيه ومدر الحوض به، فسمي مادر لذلك، واسمه مخارق،

وفي الأمثال أيضاً: "ابخل من الضنين بنائل غيره" مأخوذ من قول الشاعر:

(1) - المصباح المنير ص (28) .

(2)

- ورد هذان البيتان في ديوان زهير بن أبي سلمى ص (80) ، وفي شرح المعلقات السبع منسوبه إلى زهير، وورد البيت الأول في ديوان مصطفى صادق الرافعي ضمن قصيدة مطلعها:

بلادي هواها في لساني وفي دمي

يمجدُها قلبي ويدعو لها فمي

وجاء بعده البيت الثاني المنسوب لزهير:

ومن يتقلبْ في النعيم شقيْ بهِ

إذا كان من آخاهُ غيرُ منعم

وهو جميل ولعل الرافعي قد أورد البيت:

ومن يكُ ذا فضلٍ فيبخل بفضلهِ

على قومهِ يستغنَ عنه ويذمم

(على سبيل التضمين) .

(3)

- ورد هذا البيت في ديوان الإمام علي ص (185) ، وفي الموسوعة الشعرية منسوب إليه أيضا، وورد أيضا منسوبا إلى دعبل الخزاعي كما في ديوانه، وورد أيضا منسوباً إلى علي بن الجهم، ومنسوباً أيضا إلى الاقيشر الاسدي، والله اعلمً.

ص: 611

وَإِنَّ اِمرَأً ضَنَّت يَداهُ عَلى اِمرِئٍ

بِنَيلِ يَدٍ مِن غَيرِهِ لَبَخيلُ (1)

ومن أمثال العرب: "ما عنده خير ولا مير سواء هو العدم"، يضرب للبخيل الذي إذا نزلت به كأنك نازل بالبلاء والموحلة"، ومنه قولهم: "ما تبل إحدى يديه الأخرى".

وقولهم: "البخيل يعتل بالعسر"، ومنه قولهم:"قبل البكاء كان وجهك عابساً"، ومنه:"قبل النفاس كانت مصفرة".

وقولهم: "اغتنم ما يعطي البخيل وإن قل"، ومنه:"خذ من الرضفة ما عليها، وخذ من جذع ما أعطاك".

وقولهم: "البخيل يمنع غيره ويجود على نفسه"، ومنه قولهم:"سمنكم هريق في أديمكم"، ومنه:"يا مُهدِي المَال كُلْ ما أهدَيت"، ومنه قول العامة:"الحمار جَلبَه والحمار أَكَلَه".

وقولهم: "مات البخيل وماله وافر"، ومنه:"مات فلان عريض البطان، ومات ببطنته لم يتفضفض منها شيء".

وقولهم: "البخيل يعطي مرة"، ومنه قولهم: "ما كانت عطيته إلا بيضة العقر. وهي بيضة الديك. قال الزبير: الديك ربما باض بيضة، وأنشد لبشار:

قد زرتني زورة في الدهر واحدة

ثنِّ ولا تجعلنها بيضة الديك

ومنه قول الشاعر:

(1) - العقد الفريد ج3ص52.

ص: 612

لا تَعجَبَنَّ لِخَيرٍ زَلَّ عَن يَدِهِ

فَالكَوكَبُ النَحسُ يَسقي الأَرضَ أَحيانا (1)

ومنه قولهم: "من الخواطئ سهم صائب". (2)

أما إسحاق الموصلي فهو يرى أن البخل يزري بأهله وأن الناس يجعلون خلتهم وصداقتهم للكرام وأن البخيل لا خليل له فيقول:

وآمرةٍ بالبُخلِ قلتُ لها اقصري

فذلكَ شيٌ ما إليه سَبيلُ

أرى الناسَ خلانَ الكرامِ ولا أرى

بخيلاً له حتى المماتِ خليلُ

وإني رأيت البُخل يُزري بأهلِهِ

فأكرمتُ نفسي أن يُقال بَخيلُ

والبخل مذموم وصاحبه منحوس مشئوم، ومادح البخيل نادم قال الشاعر:

لا يُحمَدُ البخلُ أنْ دانَ الأنامُ به

وحامدُ البخلِ مذمومٌ ومَدْحور (3)

ويرى الإمام الشافعي رحمه الله انه لا يرجا السماحة من اللئيم البخيل وذلك حيث يقول:

وَلا تَرجُ السَماحَةَ مِن بَخيلٍ

فَما في النارِ لِلظَمآنِ ماءُ

ولما كان البخل بهذه المكانة الشنيعة فقد نهت عنه الشريعة، لأنه يفضي إلى القطيعة، ويقضي على المودة بين الناس، فالبخيل يمنع الواجب، ولا تسمح نفسه الدنيئة ببذل شيء من ماله لمساعدة الضعفاء والفقراء، فتمتلئ قلوبهم حقداً عليه.

(1) - البيت للخليل بن احمد، خاص الخاص ص22.

(2)

- العقد الفريد ج3 ص77.

(3)

- وردت هذه الابيات في ديوان علي بن الزقاق ص (185) ، وفي الموسوعة الشعرية ص (164) .

ص: 613

وإذا فشا البخل في امة كانت نتيجته انهيار روح التعاون بين أفراد المجتمع، ولهذا نفر الله من البخل في القران وجاء في سورة آل عمران:{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (1)، وقد وعد الله من يتخلص من هذه الرذيلة بالفلاح والفضيلة وفي الذكر الحكيم:{وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (2) .

والبخيل على شدة تعلقه بالمال يبقى معوزاً، لان جمع المال مع عدم الانتفاع به ضرب من الفقر وقد أدرك هذه الحقيقة بعض الشعراء فقال:

وَمَن يُنفِقِ الساعاتِ في جَمعِ مالِهِ

مَخافَةَ فَقرٍ فَالَّذي فَعَلَ الفَقرُ

وقال بعضهم: "الناس من خوف الفقر في فقر".

وفي الذكر الحكيم: {هَاأَنتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} (3) .

الكرم أفضل ما يقتنى

قال أبو حاتم رضي الله عنه: أجمع أهل التجارب للدهر، وأهل الفضل في الدين، والراغبون في الجميل: على أن أفضل ما اقتنى الرجل لنفسه في

(1) - سورة آل عمران (180) .

(2)

- سورة الحشر (9) .

(3)

- سورة محمد (38) .

ص: 614