الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَفَوا هَفوَةً مِن غَيرِ بُغضِ فَأُدِّبُوا
…
بِعَفوِكَ إِنَّ العَفوَ لِلحُرِّ تَأَديبُ
خُلِقتَ كَرِيماً لَم يَفتُكَ تَفَضُّلٌ
…
وَطَولٌ وَلا أَخطاكَ حَزمٌ وَتَهذِيبُ
فَعَفواً عَفا عَنكَ الإِله وَرَأفَةً
…
فَعَفوُكَ مِن عَفوِ المُهَيمِنِ مَحسُوبُ
تَرَبّى عَلى إِنعامِكَ الطِفلُ مِنهُمُ
…
وَشَبَّ عَلى إِحسانِكَ المُردُ وَالشَيبُ
ويرى أبو الطيب المتنبي أن في العفو تملكاً للأحرار حيث عبر عنه بقوله وما قتل الأحرار كالعفو عنهم وذلك في قصيدته التي يقول فيها:
وَمَن يَجعَلِ الضِرغامَ بازاً لِصَيدِهِ
…
تَصَيَّدَهُ الضِرغامُ فيما تَصَيَّدا
رَأَيتُكَ مَحضَ الحِلمِ في مَحضِ قُدرَةٍ
…
وَلَو شِئتَ كانَ الحِلمُ مِنكَ المُهَنَّدا
وَما قَتَلَ الأَحرارَ كَالعَفوِ عَنهُمُ
…
وَمَن لَكَ بِالحُرِّ الَّذي يَحفَظُ اليَدا
إِذا أَنتَ أَكرَمتَ الكَريمَ مَلَكتَهُ
…
وَإِن أَنتَ أَكرَمتَ اللَئيمَ تَمَرَّدا
وَوَضعُ النَدى في مَوضِعِ السَيفِ بِالعُلا
…
مُضِرٌّ كَوَضعِ السَيفِ في مَوضِعِ النَدى
وما أروع قول ابن الآبار الاشبيلي:
ومعرض بالغصن في حركاته
…
تنل القلوب العفو من لحظاته
وأطعت سلطان العفاف تكرما
…
والمرء مجبول على عاداته
العز في العفو
من أراد الثواب الجزيل، واسترهان الود الأصيل، وتوقع الذكر الجميل، فليصل من قطعه، وليحسن إلى من أساء إليه، وليعفُ عمن ظلمه، وقد روى أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قال: أحب الأمر إلى الله ثلاثة: العفو في القدرة، والقصد في الجدة، والرفق في العبادة، وما رفق احد بأحد في الدنيا إلى رفق الله به يوم القيامة، وعن بن عائشة قال كتب الحجاج إلى
عبد الملك: (انك اعز ما تكون أحوج ما تكون إلى الله، فإذا تعززت بالله فاعفُ فانك به تعز وإليه ترجع)، وروى عن داود بن الزبرقان انه قال: قال أيوب) لا يَنْبُلُ الرجل حتى يكون فيه خصلتان: العفة عما في أيدي الناس، والتجاوز عنهم) ، قال أبو حاتم رضي الله عنه: الواجب على العاقل لزوم الصفح عند ورود الإساءة عليه من العالم بأسرهم، رجاء عفو الله عز وجل وعلا عن جناياته التي ارتكبها في سالف أيامه، لان صاحب الصفح إنما يتكلف الصفح بإيثاره الجزاء، وصاحب العقاب وإن انتقم كان إلى الندم اقرب، فأما من له أخ يودُّه فانه يتحمل عنه الدهر كله زلاته.
قال الفضيل بن عياض: احتمل لأخيك إلى سبعين زلة، وقيل له: وكيف ذلك يا أبا على؟ قال: لان الأخ الذي آخيته في الله ليس يزل سبعين زلة.
وأنشد علي بن محمد البسامي:
إذا لم تجاوز عن أخ لك عثرة
…
فلست غداً من عثرتي متجاوزا
وكيف يرجيك البعيدُ لنفعه
…
إذا كان عن مولاك برُّك عاجزا (1)
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: (مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَاّ عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَاّ رَفَعَهُ اللَّهُ عز وجل (2) .
ولما في العفو من العز والثواب والشرف الكبير فقد أمر الله به، وارشد إليه، فقال جل شأنه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّواْ مِنْ
(1) - روضة العقلاء ص (132) .
(2)
- رواه مسلم في صحيحه باب استحباب العفو والتواضع حديث (2588) .