المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وفي الحديث النبوي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم - صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال - جـ ١

[حسين بن محمد المهدي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأولالعِلْم

- ‌العلم هو إدراك الشيء بحقيقته

- ‌بقاء العلم

- ‌العلم عون الدين

- ‌العلم يرفع الله به الوضيع

- ‌العلم عنوان العز

- ‌أشرف العلوم

- ‌مبادئ العلوم

- ‌الجد في طلب العلم

- ‌محبة العلم

- ‌تكريم المعلم

- ‌المعلم الذي لا يؤدي واجبه

- ‌المعلم الذي يخالف علمه عمله

- ‌ترك المعاصي سبب في حفظ العلوم وجمعها

- ‌إنفاق العلم وعدم جواز كتمه

- ‌القصة في الحديث النبوي

- ‌الجهل يضاد العلم

- ‌العليم الخبير في أسماء الله الحسنى

- ‌علم الله جل وعلا علم تفرده به

- ‌ثمرة معرفة اسم الله تعالى العليم الخبير

- ‌دعاء الله باسمه العالم العليم

- ‌الفصل الثانيالعَقْل

- ‌العقل

- ‌العقل والهوى متعاديان

- ‌عداوة العاقل خير من صداقة الأحمق

- ‌العقل مناط التدبر وطريق الهدى والرشاد

- ‌العقل نوعان: مطبوع ومسموع

- ‌الإنكار على من لم يُعمِل عقله

- ‌التجارب تزيد في العقل

- ‌الأدب النفسي ودوره في تنمية العقل

- ‌كمال العقل

- ‌القصة

- ‌العقل يرشد الى توحيد الله

- ‌اسم الله دال على جميع الاسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الجامع للاسماء الحسنى

- ‌دعاء الله باسمه الجامع للاسماء الحسنى

- ‌الفصل الثالثالإنسانية أصلها واحد

- ‌الإنسانية أصلها واحد

- ‌القصة

- ‌الإسلام يدعو إلى الأخوة والتعاون

- ‌مبدأ الوحدة الإنسانية والمساواة البشرية

- ‌نجاح الأفراد والأمم وأثر الاتفاق والاختلاف على الأسرة الإنسانية

- ‌مراحل نمو خَلق الإنسان تدل على أن الله وحده الخالق المنان

- ‌الخالق في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الخالق وحده لا شريك له

- ‌دعاء الله باسمه الخالق

- ‌الفصل الرابعالقلم

- ‌القلم

- ‌القلم تحيا به الأمم وتتعلّم

- ‌دور القلم في سعادة الأمم وشقاؤها

- ‌القلم الالكتروني

- ‌الكتابة الإلكترونية: ماهيتها وطبيعتها

- ‌القوة الثبوتية للكتابة الالكترونية

- ‌تسمية ما يكتب فيه عند العرب

- ‌الكَتبُ إنشاؤه وزبره

- ‌السطر

- ‌الكتاب عرضه وحفظه

- ‌الحفيظ والمحصي من أسماء الله الحسنى

- ‌دعاء الله باسمه الحفيظ الحافظ المحصي

- ‌الفصل الخامسالإيمان

- ‌الإيمان

- ‌النجاة في الإيمان بالله

- ‌الرفعة بالإيمان

- ‌الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌القدر في القرآن

- ‌الرضا والتسليم دليل الإيمان

- ‌قصة إيمان أهل الكهف في القرآن

- ‌الإيمان بالله يزيل الهم

- ‌من يؤمن بالله يهدي قلبه

- ‌الخلال الدنيئة ليست من صفات المؤمن

- ‌النفاق يضاد الإيمان

- ‌الإيمان بالغيب

- ‌علم الفلك والنجوم

- ‌الإيمان بأسماء الله وصفاته

- ‌الذكر يقوي الإيمان

- ‌ذكر الله في جوف الليل

- ‌ذكر الله شرف ونعمة

- ‌الدعاء يقوي الإيمان

- ‌من تقرب إلى الله بالدعاء ضمن الإجابة

- ‌المؤمن من أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة التعرف على اسم الله المؤمن

- ‌الفصل السادسالعمل

- ‌العمل

- ‌العمل سبب الغنى

- ‌البكور في طلب الرزق

- ‌الحرفة أو الصنعة ضرورة

- ‌إتقان العمل

- ‌البحث عن العمل

- ‌القصة

- ‌إعطاء العامل أجره

- ‌إعطاء العامل حظه من الراحة

- ‌بعث الهمم على العمل

- ‌الباعث في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الباعث

- ‌الدعاء باسم الله الباعث

- ‌الفصل السابعالسفر والسياحة

- ‌السفر والسياحة

- ‌حقيقة السفر

- ‌السفر فيه قضاء الحوائج

- ‌علاج (الروتين) الممل

- ‌تأكد من قدرتك الصحية على السفر

- ‌آداب السفر

- ‌الابتسامة والبهجة في السفر

- ‌ثلاث نصائح أسديها إليك فلا تنساها في سفرك وحضرك:

- ‌الاستمتاع بالسفر والسياحة لا يعني السقوط في الوحل

- ‌حاجة المسافر إلى قراءة شيء من القرآن في أسفاره

- ‌المشي يعين على الطاعة ويجلب السعادة

- ‌العز والشرف في التنقل

- ‌أخطار السفر في هذا الزمن قليلة فتمتع بنعمته الكبيرة

- ‌الطائرات السابحات في الجو

- ‌السفر يهدي إلى التعرف على عظمة الصانع جلت قدرته

- ‌الهادي من أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الهادي

- ‌دعاء الله باسمه الهادي

- ‌الفصل الثامنالحرية والإباء

- ‌الحرية والإباء

- ‌الحرية التي ليس عليها ضوابط

- ‌الحرية ليس لها ثمن

- ‌لوم الحر نجاة له

- ‌الحر لا يريق ماء وجهه

- ‌الحر يأبى الذل والهوان

- ‌الحر يحفظ الود

- ‌فقد الحر رزيئة

- ‌الفصل التاسعالوطن

- ‌الوطن

- ‌حب الوطن ووصفه

- ‌دعائم المواطنه

- ‌وأنه لا يأثم امرؤ بحليفه،وأن النصر للمظلوم

- ‌خيانة الأوطان جناية

- ‌مرارة الغربة عن الأوطان

- ‌وطن العرب والمسلمين واحد

- ‌خصوصية الوطن الأول

- ‌في الانتقال عن الأوطان

- ‌الفصل العاشرالمال

- ‌المال

- ‌حب المال

- ‌إنفاق المال في وجوه البر

- ‌لا تبخل عن بذل المال

- ‌فتنة المال وميل الناس إلى صاحبه

- ‌ذهاب المال

- ‌الغنى والفقر

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الغني المغني الرزاق

- ‌دعاء الله بأسمه الغني المغني الرزاق

- ‌الفصل الحادي عشرالمُلك والسياسة

- ‌المُلك والسياسة

- ‌الملك هبة الله الواحد المنان

- ‌اختيار الوزراء

- ‌مما يستعان به على السياسة

- ‌وملاك الأمر في هذا كله تقوى الله والرجوع إليه

- ‌فساد بطانة السلطان

- ‌السياسة الرعناء

- ‌خساسة السياسة

- ‌السياسة الرشيدة والملك المحبوب

- ‌طاعة السلطان

- ‌المَلِك مالك المُلك والمليك في الأسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسمه جل وعلا الملك

- ‌دعاء الله باسمه الملك والمَالِك ملك الملُك

- ‌الفصل الثاني عشرالشُكر

- ‌الشُكر

- ‌استدامة النعمة بالشكر

- ‌شكر الخالق واجب

- ‌من شكر الله شكر الناس

- ‌الشكر فيه الزيادة

- ‌الشكر أمان من العذاب

- ‌جحود النعمة والإعراض عن الشكر سبب في الهلاك

- ‌الشكور الشاكر من أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة هذا الاسم

- ‌الفصل الثالث عشرالكِبر

- ‌الكِبر

- ‌الكِبر يغضب الجبار، ويكون سبباً في دخول النار

- ‌المتكبرون شرار الناس

- ‌الكِبر بطر الحق

- ‌أسباب الكبر

- ‌قصه للأحنف بن قيس

- ‌الكبير والمتكبر في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الكبير المتكبر

- ‌دعاء الله باسمه الكبير المتكبر

- ‌الفصل الرابع عشرالتواضع

- ‌التواضع

- ‌حقيقة التواضع وفضيلته

- ‌التواضع فريضة، والعُجب رذيلة

- ‌قصة لهارون الرشيد مع اللأمام مالك

- ‌الفصل الخامس عشرالحُب

- ‌الحُب

- ‌مفردات الحب

- ‌ضرورة الحب وحاجة الناس إليه

- ‌امنح الثقات محبتك

- ‌الحب وآدابه

- ‌آفات الحب

- ‌الحب زينة الحياة

- ‌حب الجمال نعمة

- ‌حب الله

- ‌محبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أكثر محبةً له ولأهل بيته

- ‌محبة المؤمنين

- ‌محبة الله لعبده أعظم نعمة

- ‌الفرق بين الحب والود

- ‌الودود من اسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الودود

- ‌الفصل السادس عشرالجمال

- ‌الجمال

- ‌جمال الإنسان

- ‌جمال الكون

- ‌الجميل في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الجميل

- ‌دعاء الله باسمه الجميل الجليل

- ‌الفصل السابع عشرالحَسَدُ

- ‌الحسد

- ‌الحاسد جاحد

- ‌الحسد خطير وعلاجه عسير

- ‌الحاسد لا يرد قدر الرازق

- ‌الحسد ذميم فلا تتخلق به

- ‌الكرام من الناس تُحسد

- ‌قصة لقيس بن زهير:

- ‌علاج الحسد

- ‌الفصل الثامن عشرالغيبة

- ‌الغيبة

- ‌حد الغيبة

- ‌من اغتاب أغتيب

- ‌قصة للحسن البصري رحمه الله

- ‌علاج الغيبة

- ‌الصمت وأدب اللسان

- ‌الإصغاء إلى الغيبة

- ‌الأعذار المرخصة في الغيبة

- ‌الفصل التاسع عشرالنميمة

- ‌النميمة

- ‌قصة لعمر بن عبد العزيز رحمة الله:

- ‌سوء الظن

- ‌الجاهل يسيء الظن باخوانه

- ‌ثمرة النميمة

- ‌ذو الوجهين

- ‌الفصل العشرونالأمانة

- ‌الأمانة

- ‌تقدير الناس للأمانة

- ‌الأمانة في الإيمان بالله وعبادته

- ‌ترك الأمانة نفاق

- ‌الأمانة في الولايات

- ‌الأمانة في الأسرة

- ‌أمانة الزوجة تقتضي حفظ أسرار زوجها

- ‌تربية الأولاد وتعليمهم أمانة

- ‌الأمانة في الأخلاق والمعاملات

- ‌الخيانة مذمة وندامة

- ‌الخيانة أسوأ ما يبطنه الإنسان

- ‌الفصل الحادي والعشرونالحِلم

- ‌الحِلم

- ‌الحلم حلية العلم

- ‌الحليم حاذق لبيب

- ‌الحلم ثبات ورفعة

- ‌الحليم ذو عزة

- ‌قصة للرشيد

- ‌الحليم اسم من أسماء الله تعالى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الحليم

- ‌دعاء الله باسمه الحليم

- ‌الفصل الثاني والعشرونالرفق

- ‌الرفق

- ‌الرفق يحبه الله

- ‌التزام الرفق ومباينة العنف

- ‌الرفيق من الأسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسمه تعالى الرفيق

- ‌دعاء الله باسمه الرفيق

- ‌الفصل الثالث والعشرونالصبر

- ‌الصبر

- ‌الصبر مفتاح النجاح

- ‌الصبر يعقبه الفرج

- ‌الصبر والرضا به

- ‌الحر الصابر لا يريق ماء وجهه

- ‌الصبور في الأسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسمه تعالى الصبور

- ‌دعاء الله باسمه الصبور

- ‌الفصل الرابع والعشرون‌‌العفو

- ‌العفو

- ‌الكريم يعفو

- ‌العز في العفو

- ‌العفو في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة التعرف على اسم الله العفوُ

- ‌قصة للقمان مع ابنه

- ‌دعاء الله باسمه العفوُ

- ‌الفصل الخامس والعشرونالكرم

- ‌الكرم

- ‌خلق الكريم المحافظة على مكارم الأخلاق

- ‌الكريم يكرم ضيفه

- ‌الكريم يجود ولا يبخل

- ‌قصة لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم

- ‌اللؤم ضد الكرم

- ‌الكرم والبخل لا يتفقان

- ‌فخر الرجال كرمهم

- ‌الأكرم الكريم في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الكريم الأكرم

- ‌دعاء الله باسمه الكريم

- ‌الفصل السادس والعشرون‌‌العدل

- ‌العدل

- ‌العدل في الكلام

- ‌العدل في الشهادة

- ‌وصفُ الحسن البصري للإمام العادل

- ‌العدل في القضاء بين الناس

- ‌قصة رواها الأمام علي بن ابي طالب رضي الله عنه

- ‌قصة روتها خولة بنت قيس

- ‌العدل يحبه الله والظلم لا يحبه

- ‌الظلم في الأمثال السائرة

- ‌دعوة المظلوم لا ترد

- ‌الشرك أعظم أنواع الظلم

- ‌عاقبة الظلم

- ‌العدل في الأسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسمه تعالى العدل

- ‌دعاء الله باسمه وصفته العدل

- ‌الفصل السابع والعشرون‌‌الصدق

- ‌الصدق

- ‌الصدق يألفه الكريم

- ‌الصدق يرفع المرء في الدارين والكذب يهوي به في الحالين

- ‌الكذب يضاد الصدق ويجانبه فتجنبه

- ‌مضرة الكذب

- ‌مكانة الصدق رفيعة

- ‌دعاء الله الصادق الكريم

- ‌الفصل الثامن والعشرونالصديق والجليس

- ‌الصديق والجليس

- ‌اصطفاء الصديق من الأخيار

- ‌صداقة الأشرار عار

- ‌التلون في الصداقة

- ‌فراق الصديق المتلون

- ‌مفارقة جليس السوء

- ‌وفاء الصديق

- ‌مصاحبة الجاهل والأحمق

- ‌صداقة الكسلان ومجالسته

- ‌صداقة العدو

- ‌من الصداقات ما يؤذي

- ‌الاحتمال للصديق واستبقاء وده

- ‌الفصل التاسع والعشرونالأخلاق الحسنة

- ‌الأخلاق الحسنة

- ‌الخُلق الحسن منزلة رفيعة

- ‌التآلف والحب بحسن الخلق

- ‌من حسّن الله خَلقه ينبغي أن يحسن خُلقه

- ‌قصة خروج جابر مع رسول الله (ص) في غزوة ذات الرقاع

الفصل: وفي الحديث النبوي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

وفي الحديث النبوي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: {يَقُولُ الْعَبْدُ مَالِي مَالِي إِنَّمَا لَهُ مِنْ مَالِهِ ثَلَاثٌ مَا أَكَلَ فَأَفْنَى أَوْ لَبِسَ فَأَبْلَى أَوْ أَعْطَى فَاقْتَنَى وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ ذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ} (1)

‌الغنى والفقر

الغنى الأكتفاء واليسار وما يغتنى به،والغنى هو كثرة المال من الذهب والفضة والنقود والعروض والبنيان وغير ذلك،قال أبن عطا الغني الشاكر القائم بحقه خير من الفقير الصابر قال الشاعر:

إِذا كُنتَ ذا ثَروَةٍ مِن غِنىً

فَأَنتَ المُسَوَّدُ في العالَمِ

وَحَسبُكَ مِن نَسَبٍ صورَةٌ

تُخَبِّرُ أَنَّكَ مِن آدَمِ

والغني إذا لم يكن كريما جوادا فليس ينفعه غناه ، واغنى الناس أكثرهم إحسانا، وقيل لا يصلح العقل بغير ورع، ولا يصلح الغنى بغير جود ، ولا المروئة بغير تواضع ، وقال ابن المقفع:سوء حمل الغنى ان يكون عند الفرح مرحا ، وسوء حمل الفاقة ان يكون عند الطلب شرها، وعار الفقر اهون من عار الغنى، والحاجة مع المحبة خير من الغنى مع البغضة (2)، وقيل الغنى غنى النفس قال الامام علي رضي الله عنه:

النَفسُ تَجزَع أَن تَكونَ فَقيرَةً

وَالفَقرُ خَيرٌ مِن غِنىً يُطغيها

(1) - صحيح مسلم حديث رقم (5259) .

(2)

- الادب الصغير لعبد الله بن المقفع ص 113 الطبعة الاولى 1418هـ -1997م شركة ابن الارقم بيروت لبنان.

ص: 331

وَغِنى النَفوسِ هُوَ الكَفافُ وَإِن أَبَت

فَجَميعُ ما في الأَرضِ لا يَكفيها

وفي الحديث النبوي أن النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ {لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ} (1)، فكن غني النفس تعش في راحة وسعادة ولا تسعى إلى الغنى بطريق غير مشروعة فإنك لن تحصل إلا على ما كتب الله لك فقلت المال في السلامة أفضل من كثرته مع الاخطار ورحم الله الشافعي حيث يقول:

لَو كانَ بِالحِيَلِ الغِنى لَوَجَدتَني

بِنُجومِ أَقطارِ السَماءِ تَعَلُّقي

لَكِنَّ مَن رُزِقَ الحِجا حُرِمَ الغِنى

ضِدّانِ مُفتَرِقانِ أَيَّ تَفَرُّقِ

فرزقك سياتي إليك فكن واثقا بالله وفي أمثال العامة اللي خلق النملة يرزقها وفي الذكر الحكيم: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَاّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} (2) ،وجاء في أمثال العرب خير الغنى القنوع،وشر الفقر الخضوع،والعفاف زينة الفقر، والشكر زينة الغنى، وقيل:الغنى الأكبر الياس بما في أيدي الناس،فتلمس إصلاح أمرك بنفسك فإنك مازلت غنيا ما دمت سويا فإذا أجتهدت وجدت فمن جد وجد ولا تبطر إذا أغتنيت فإن الغنى الطارئ مدعاة للبطر وخليق إلى أن ينتهي بصاحبه إلى الهلاك،وفي أمثال العرب الغنى يورث البطر (3)،قال الشاعر:

وللفقر خير من غنى في دناءة

ولا الموت خير من حياة على صغر

(1) - صحيح البخاري باب الغنى غنى النفس الحديث رقم (5965) .

(2)

- سورة هود اية (6)

(3)

- معجم كنوز الأمثال ص 54.

ص: 332

وقال الإمام علي رضي الله عنه:

دَليلُكَ أَنَّ الفَقرَ خَيرٌ مِنَ الغِنى

وَأَنَّ القَليلَ المالِ خَيرٌ مِنَ المُثري

لِقاؤُكَ مَخلوقاً عَصى اللَهَ لِلغِنى

وَلَم تَرَ مَخلوقاً عَصى اللَهَ لِلفَقرِ

وفي الذكر الحكيم: {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى} (1) ، ومع ذلك فإن كثيرا من الناس يكرمون الغني ويهينون الفقير، وتلك نظرة غير انسانية، فالعاقل لا يتبعها ، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: ملعون من اكرم بالغناء واهان بالفقر.

والمؤمن لايكرم الامن اكرمة الله فلا تتلفت الى من يجردون الانسان من قيمه واخلاقه ويعظمونه لكثرة ماله اخذا بالاعراف الفاسدة والثقافة المادية الهابطة ، قال الشاعر:

ارى الناس للصعلوك حربا ولا ارى

لذي نشب الا خليلا مصافيا

ارى المال يغشى ذا الوصوم فلا تُرى

ويدعى من الاشرار من كان غانيا

قال الشريف المرتضى: الصعلوك الفقير ، وهو القرصوم والسبروت (2) .قلت

والفقر ضد الغنى فاذا اصبح الإنسان محتاجا وليس له ما يكفيه كان فقيرا

وليس الفقر محببا لدى الإنسان فإذا ابتليت به فاصبر واسع الى كسب المال من الحلال فإن الذي اعطى الاغنياء سيغنيك وقد قيل ان اقرب الناس الى

(1) - سورة الفلق (6) .

(2)

-انظر غرر الفوائد ودرر القلائد ج 1 ص (371) الطبعة الثانية دار الكتاب العربي بيروت

ص: 333

الكفر ذو فاقة لاصبر له، وقيل ان الغني الشاكر القائم بحقه افضل من الفقير الصابر وقيل العكس فإذا افتقرت فلا تكن جزوعا هلوعا ، قال الشاعر:

واذا افتقرت فلا تكن متخشعا

ترجو الفواضل عند غير المفضل

واستغن مااغناك ربك بالغنى

واذا تكون خصاصة فتجمل

واذا كان كثير من الناس اخلاقهم تميل الى اهل الغنى والثروة فالغني هو الذي يستصاغ كلامه ونكاته توصف بالظريفة ويتغاضون عن هفواته وسقطاتة اما الفقراء فيسخر بهم وتضخم اخطاؤهم عند سماعها وذلك ليس من الخلق الاسلامي في شئ وتأمل هذه القصة التي رواها البيهقي عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ كَانَ اسْمُهُ زَاهِرَ بْنَ حِزَامٍ أَوْ حَرَامٍ قَالَ وَكَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّهُ وَكَانَ دَمِيمًا فَأَتَاهُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ وَهُوَ لَا يُبْصِرُهُ فَقَالَ أَرْسِلْنِى مَنْ هَذَا فَالْتَفَتَ فَعَرَفَ النَّبِىَّ فَجَعَلَ لَا يَأْلُو مَا أَلْزَقَ ظَهْرَهُ بِصَدْرِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ عَرَفَهُ وَجَعَلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ يَشْتَرِى الْعَبْدَ؟» . فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذًا وَاللَّهِ تَجِدُنِى كَاسِدًا. فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: «لَكِنْ عِنْدَ اللَّهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ أَوْ قَالَ لَكِنْ عِنْدَ اللَّهِ أَنْتَ غَالٍ» . ومن هذه القصة يتبين لك ان الرسول صلى الله علية واله وسلم كان يتعامل مع الفقراء بأدب جم يمازحهم ويضاحكهم ويتعامل معهم بلطف ، وان الرجل الفقير حينما قال تجدني كاسدا قال ولكنك عند الله غالٍ ، وهناك - أيضاً- الكثير من

ص: 334

القصص والأحاديث التي تدل على تواضع الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وانه كان يلاطف الفقراء ويضحك معهم وانه كان يأخذ الناس باللطف وعدم التقنيط والتشاؤم، ومن ذلك ما روي في حق رجل وقع على امرأته في نهار رمضان، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقال: هلكت، فقال ما شأنك، قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال: فهل تجد ما تعتق رقبة؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً؟ قال: لا، قال: اجلس، فأتي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعرق فيه تمر، فقال: تصدق به، فقال: يا رسول الله ما بين لا بتيها أهل بيت أفقر منا، فضحك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى بدت ثناياه، قال: فأطعمه إياهم) (1) فتبسم اخي في وجه الفقير والغني ولا تكن متجهما. وكم من فقير تتبسم في وجهه وتشعره بقيمته واعتباره يرفع في ظلمة الليل يداه داعيا يستنزل لك الرحمات من السماء ففي الحديث الشريف (رب اشعث اغبر ذي طمرين مدفوع بالابواب لا يؤبه له لو اقسم على الله لأبره) فكن دائما البشر مع هؤلاا الضعفاء فلعل ابتسامة في وجه فقير ترفعك عند الله درجات، وقد قال يحيى بن معاذ رحمه الله: حبك الفقراء من اخلاق المرسلين ، وايثارك مجالستهم من علامات الصالحين ، وفرارك من صحبتهم من علامة المنافقين

فعود نفسك اخي مجالسة الفقراء واكرامهم والانفاق عليهم لتظفر بمرادك وتستمتع بحياتك ، وفي الذكر الحكيم للفقراء {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (2) ، {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} (3) ، فلاتنس اخي ان الله افترض للفقراء في اموال الاغنياء زكاة فهي تزكي النفس وتحفظ المال وهي احد اركان الاسلام ، وفي الحديث النبوي الذي رواه البيهقي (إن الله فرض على الأغنياء في أموالهم بقدر ما يكفي فقراءهم فإن جاعوا أو عروا وجهدوا فبمنع الأغنياء وحق على الله أن يحاسبهم يوم القيامة ويعذبهم عليه)(4) فتجنب الاساءه الى الفقراء المؤمنيين وتلمس دعاءهم فأنهم يدخلون الجنة قبل الفقراء بخمسمائه عام كما جاء في الحديث النبوي (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِخَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ)(5) واعلم اخي ان القناعة رأس الغنى واساس التقى، والحرص رأس الفقر واساس الشر، وان من قنع بالميسور من الرزق استغنى عن الخلق ، وعلم ان من المنع

(1) - أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الصوم، باب كفارة من أتى أهله في رمضان، حديث (2390) ، وصحيح البخاري، كتاب كفارة الأيمان، حديث (6711) ، وكتاب الأدب باب التبسم والضحك حديث (6087) .

(2)

- سورة الحشر آية (8)

(3)

- سورة البقرة آية (273) .

(4)

- رواه البيهقي في السنن الكبرى حديث رقم (12985)

(5)

- سنن الترمذي حديث رقم (2275)

ص: 335

عطاء ، ورب ضارة نافعة ، وان الحياة المتدفقة بالالام والمتاعب هي التي تفتق المواهب وتصنع الرجال ، وان الابتلاء بالفقر كالابتلاء بالغنى ، وانه ما من نازلة تنزل بالانسان الا ووراءها حكمة قدّرها العليم الحكيم ، وقد جاء في الذكر الحكيم {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (1) وتذكر اخي ان الانسان خلق فقيرا ضعيفا فهو محتاج الى ربه وان محمد صلى الله علية واله وسلم قد ابتلي بالفقر فاغناه الله قال تعالى {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} (2) فاطلب الرزق والغنى من وجوه البر ولا تعجز ، وقد قيل اربعة تجلب الرزق قيام الليل ، وكثرة الاستغفار بالاسحار ، وتعاهد الاصدقاء ، والذكر اول النهار واخره ، وقيل اربعة تمنع الرزق نوم الصبحة ، وقلة الصلاة ، والكسل ، والخيانة ، فابتعد عن هذه الاربعة تظفر بمرادك وشكر الله على ما اعطى يخلفه ولا تتمنى مافي ايدي الناس فإن الذي اعطاهم سوف يعطيك ، وقد جاء في سورة النساء {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (3) .

قال الشاعر:

(1) - سورة البقرة آية (216)

(2)

- سورة الضحى آية (8)

(3)

- سورة النساء آية (32)

ص: 336

لاترهبن الفقر ما عشت في غدٍ

لكل غدٍ رزق من الله واردُ

وقال اخر:

ان المقاسم ارزاق مقدرة

بين العباد فمحروم ومدخرُ

فما رزقت فإن الله جالبه

وما حرمت فما يجري به القدرُ

فإن كنت غنيا فلا تسع الى قطع ارزاق الناس فإن قطع الارزاق من قطع الاعناق ، ولاتكن حريصا فإن الارزاق قد قسمت ، قال ابن زريق البغدادي:

والحرص في الرزق والارزاق قد قسمت

بغي الا ان بغي المرء يصرعه

ولا يخيفنك الفقر فإن بعد الفقر غنى ، وبعد الشدة فرج ، وفي امثال العرب: لكل صباح صبوح ، ولكل عشاء غبوق ، ولكل غدٍ طعام ، فلا تحرص ولا تيأس ، ولا تطمع فيما ايدي الناس ، فإن الحرص ذل عاجل ، والطمع فقر حاضر ، وقيل: الطمع الكاذب فقر حاضر ، وقيل: في الطمع المذله للرقاب ، ورب طمع ادنى الى عطب ، واكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع ، ورب اكلة تمنع اكلات ، وفي الحديث (ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب)(1)، ورحم الله ابا العتاهية حيث يقول:

واذا طمعت لبست ثوب مذلة

إن المطامع معدن الاذلال

وقال اخر

لاخير في طمع يدني الى طبع

وغفة من قوام العيش تكفينيِ

كم من فقير غني النفس تعرفه

ومن غني فقير النفس مسكينِ

فتجنب الطمع وخذ ما طف لك واستطف ، وفي امثال العرب: خير الغنى القنوع والقناعة كنز لايفنى والقناعة مال لاينفد ، وقيل من لم يقنع باليسير لم يكتف بالكثير ، ويكفيك من الزاد مابلغك المحل (2)

وقال الشاعر:

حسب الفتى من عيشه

زاد يبلغه المحلا

خبز وماء بارد

والظل حين يريد ظلا

وقال اخر:

هي القناعة فالزمها تعش ملكا

لولم يكن لك منها الاراحة البدن

ونظر لمن ملك الدنيا بأجمعها

هل راح منها بغير القطن والكفن

اما عمرو بن مالك الحارثي فهو يقول:

الحرص للنفس فقر والقنوع غنى

والقوت إن قنعت بالقوت يكفيها

والنفس لو ان مافي الارض حيز لها

ما كان إن هي لم تقنع بكافيها

الغني المغني الرزاق من اسماء الله الحسنى

اسم الله الغني ورد ذكره في القران {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ} (3) ، وقال جل شانه مثبتا كونه مغنيا {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى} (4) ، وقال سبحانه {يَا أَيُّهَا

(1) - المستدرك للحاكم حديث رقم (2889)

(2)

- معجم كنوز الامثال ص (69)

(3)

- سورة الانعام آية (133)

(4)

- سورة النجم آية (48)

ص: 338

النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} (1) ، فالله سبحانه وتعالى الغني بنفسه عن كل ماسواه ، والمغني لجميع خلقه وكل ماسواه فقير اليه ، فهو سبحانه وتعالى (الغني) الذي له الغنى التام المطلق من كل الوجوه لكماله وكمال صفاته التي لا يتطرق إليها نقص بوجه من الوجوه، ولا يمكن أن يكون إلا غنياً فإن غناه من لوازم ذاته، كما لا يكون إلا محسناً، جواداً، براً، رحيماً كريماً، والمخلوقات بأسرها لا تستغني عنه في حال من أحوالها، فهي مفتقرة إليه في إيجادها، وفي بقائها، وفي كل ما تحتاجه أو تضطر إليه، ومن سعة غناه أن خزائن السماوات والأرض والرحمة بيده، وأن جوده على خلقه متواصل في جميع اللحظات والأوقات، وأنَّ يده سحاء الليل والنهار، وخيره على الخلق مدرار.

والخلاصة أن الله الغني الذي له الغنى التام المطلق من كل الوجوه وهو المغني جميع خلقه، غنىً عاماً، المغني لخواص خلقه، بما أفاض على قلوبهم، من المعارف الربانية، والحقائق الإيمانية (2) .

اما اسم الله الرزاق فقد ورد ذكره في القران الكريم {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (3) ، وقال سبحانه {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا

(1) - سورة فاطر آية (15)

(2)

- شرح اسماء الله الحسنى للقحطاني ص98 تفسير السعدي ص 629 والجامع لاسماء الله الحسنى ص 217

(3)

- سورة الذارايات آية (58)

ص: 339

وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (1) ، وقال جل شانه {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (2) ، وقال عظمت حكمته {وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (3) ، والرزاق صفة مبالغة للدلالة على الكثرة ، فإذا جاء اسم الله عز وجل بصيغة المبالغة فمعنى ذلك انه يرزق العباد مهما كثر عددهم، ويرزق الواحد منهم رزقا وفيرا اذا شاء وبلا حدود ، اما على مستوى مجموع المرزوقين ،واما على مستوى الرزق ، فهو يرزق كل العباد كما يرزق العبد الواحد واذا اعطى ادهش (4) ، وقال الحليمي هو الرزاق رزقا بعد رزق والمكثر الموسع له ، وقال الخطابي الرزاق هو المتكفل بالرزق ، والقائم على كل نفس بما يقيمها من قوتها (5)

اما رزق الله لعباده فإنه يقع على نوعين عام وخاص فالعام إيصاله لجميع الخليقة جميع ما تحتاجه في معاشها وقيامها، فسهل لها الأرزاق، ودبرها في أجسامها، وساق إلى كل عضو صغير وكبير ما يحتاجه من القوت، وهذا عام للبر والفاجر والمسلم والكافر، بل للآدميين والجن والملائكة والحيوانات كلها. وعام أيضاً من وجه آخر في حق المكلفين، فإنه قد يكون من الحلال

(1) - سورة هود آية (6)

(2)

- سورة العنكبوت آية (60)

(3)

- سورة البقرة آية (212)

(4)

- موسوعة اسماء الله الحسنى ج 1 ص 275

(5)

- الاسماء والصفات للبيهقي ص 66 والجامع لاسماء الله الحسنى ص 128

ص: 341

الذي لا تبعة على العبد فيه، وقد يكون من الحرام ويسمى رزقاً ونعمة بهذا الاعتبار.

وأما الرزق المطلق فهو النوع الثاني، وهو الرزق الخاص، وهو الرزق النافع المستمر نفعه في الدنيا والآخرة، وهو الذي على يد رسول الله وهو نوعان:

رزق القلوب بالعلم والإيمان وحقائق ذلك، فإن القلوب مفتقرة غاية الافتقار إلى أن تكون عالمة بالحق مريدة له متألهة لله متعبدة، وبذلك يحصل غناها ويزول فقرها.

ورزق البدن بالرزق الحلال الذي لا تبعة فيه، فإن الرزق الذي خص به المؤمنين والذي يسألونه منه شامل للأمرين، فينبغي للعبد إذا دعا ربه في حصول الرزق أن يستحضر بقلبه هذين الأمرين، فمعنى ((اللهم ارزقني)) أي ما يصلح به قلبي من العلم والهدى والمعرفة ومن الإيمان الشامل لكل عمل صالح وخلق حسن، وما به يصلح بدني من الرزق الحلال الهنيّ الذي لا صعوبة فيه ولا تبعة تعتريه (1) .

وقال بعض العلماء: رزق الابدان بالاطعمة ورزق الأرواح بالمعرفة ، والمعرفة اشرف الرزقين ، فإذا خصك الله بدخل وفير اكلت به اطيب الطعام وخص عبدا أخر برزق المعرفه فاعلم علم اليقين ان العبد الاخر اكثر

(1) - اسماء الله الحسنى ص 155 و 154

ص: 342