المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تسمية ما يكتب فيه عند العرب - صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال - جـ ١

[حسين بن محمد المهدي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأولالعِلْم

- ‌العلم هو إدراك الشيء بحقيقته

- ‌بقاء العلم

- ‌العلم عون الدين

- ‌العلم يرفع الله به الوضيع

- ‌العلم عنوان العز

- ‌أشرف العلوم

- ‌مبادئ العلوم

- ‌الجد في طلب العلم

- ‌محبة العلم

- ‌تكريم المعلم

- ‌المعلم الذي لا يؤدي واجبه

- ‌المعلم الذي يخالف علمه عمله

- ‌ترك المعاصي سبب في حفظ العلوم وجمعها

- ‌إنفاق العلم وعدم جواز كتمه

- ‌القصة في الحديث النبوي

- ‌الجهل يضاد العلم

- ‌العليم الخبير في أسماء الله الحسنى

- ‌علم الله جل وعلا علم تفرده به

- ‌ثمرة معرفة اسم الله تعالى العليم الخبير

- ‌دعاء الله باسمه العالم العليم

- ‌الفصل الثانيالعَقْل

- ‌العقل

- ‌العقل والهوى متعاديان

- ‌عداوة العاقل خير من صداقة الأحمق

- ‌العقل مناط التدبر وطريق الهدى والرشاد

- ‌العقل نوعان: مطبوع ومسموع

- ‌الإنكار على من لم يُعمِل عقله

- ‌التجارب تزيد في العقل

- ‌الأدب النفسي ودوره في تنمية العقل

- ‌كمال العقل

- ‌القصة

- ‌العقل يرشد الى توحيد الله

- ‌اسم الله دال على جميع الاسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الجامع للاسماء الحسنى

- ‌دعاء الله باسمه الجامع للاسماء الحسنى

- ‌الفصل الثالثالإنسانية أصلها واحد

- ‌الإنسانية أصلها واحد

- ‌القصة

- ‌الإسلام يدعو إلى الأخوة والتعاون

- ‌مبدأ الوحدة الإنسانية والمساواة البشرية

- ‌نجاح الأفراد والأمم وأثر الاتفاق والاختلاف على الأسرة الإنسانية

- ‌مراحل نمو خَلق الإنسان تدل على أن الله وحده الخالق المنان

- ‌الخالق في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الخالق وحده لا شريك له

- ‌دعاء الله باسمه الخالق

- ‌الفصل الرابعالقلم

- ‌القلم

- ‌القلم تحيا به الأمم وتتعلّم

- ‌دور القلم في سعادة الأمم وشقاؤها

- ‌القلم الالكتروني

- ‌الكتابة الإلكترونية: ماهيتها وطبيعتها

- ‌القوة الثبوتية للكتابة الالكترونية

- ‌تسمية ما يكتب فيه عند العرب

- ‌الكَتبُ إنشاؤه وزبره

- ‌السطر

- ‌الكتاب عرضه وحفظه

- ‌الحفيظ والمحصي من أسماء الله الحسنى

- ‌دعاء الله باسمه الحفيظ الحافظ المحصي

- ‌الفصل الخامسالإيمان

- ‌الإيمان

- ‌النجاة في الإيمان بالله

- ‌الرفعة بالإيمان

- ‌الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌القدر في القرآن

- ‌الرضا والتسليم دليل الإيمان

- ‌قصة إيمان أهل الكهف في القرآن

- ‌الإيمان بالله يزيل الهم

- ‌من يؤمن بالله يهدي قلبه

- ‌الخلال الدنيئة ليست من صفات المؤمن

- ‌النفاق يضاد الإيمان

- ‌الإيمان بالغيب

- ‌علم الفلك والنجوم

- ‌الإيمان بأسماء الله وصفاته

- ‌الذكر يقوي الإيمان

- ‌ذكر الله في جوف الليل

- ‌ذكر الله شرف ونعمة

- ‌الدعاء يقوي الإيمان

- ‌من تقرب إلى الله بالدعاء ضمن الإجابة

- ‌المؤمن من أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة التعرف على اسم الله المؤمن

- ‌الفصل السادسالعمل

- ‌العمل

- ‌العمل سبب الغنى

- ‌البكور في طلب الرزق

- ‌الحرفة أو الصنعة ضرورة

- ‌إتقان العمل

- ‌البحث عن العمل

- ‌القصة

- ‌إعطاء العامل أجره

- ‌إعطاء العامل حظه من الراحة

- ‌بعث الهمم على العمل

- ‌الباعث في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الباعث

- ‌الدعاء باسم الله الباعث

- ‌الفصل السابعالسفر والسياحة

- ‌السفر والسياحة

- ‌حقيقة السفر

- ‌السفر فيه قضاء الحوائج

- ‌علاج (الروتين) الممل

- ‌تأكد من قدرتك الصحية على السفر

- ‌آداب السفر

- ‌الابتسامة والبهجة في السفر

- ‌ثلاث نصائح أسديها إليك فلا تنساها في سفرك وحضرك:

- ‌الاستمتاع بالسفر والسياحة لا يعني السقوط في الوحل

- ‌حاجة المسافر إلى قراءة شيء من القرآن في أسفاره

- ‌المشي يعين على الطاعة ويجلب السعادة

- ‌العز والشرف في التنقل

- ‌أخطار السفر في هذا الزمن قليلة فتمتع بنعمته الكبيرة

- ‌الطائرات السابحات في الجو

- ‌السفر يهدي إلى التعرف على عظمة الصانع جلت قدرته

- ‌الهادي من أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الهادي

- ‌دعاء الله باسمه الهادي

- ‌الفصل الثامنالحرية والإباء

- ‌الحرية والإباء

- ‌الحرية التي ليس عليها ضوابط

- ‌الحرية ليس لها ثمن

- ‌لوم الحر نجاة له

- ‌الحر لا يريق ماء وجهه

- ‌الحر يأبى الذل والهوان

- ‌الحر يحفظ الود

- ‌فقد الحر رزيئة

- ‌الفصل التاسعالوطن

- ‌الوطن

- ‌حب الوطن ووصفه

- ‌دعائم المواطنه

- ‌وأنه لا يأثم امرؤ بحليفه،وأن النصر للمظلوم

- ‌خيانة الأوطان جناية

- ‌مرارة الغربة عن الأوطان

- ‌وطن العرب والمسلمين واحد

- ‌خصوصية الوطن الأول

- ‌في الانتقال عن الأوطان

- ‌الفصل العاشرالمال

- ‌المال

- ‌حب المال

- ‌إنفاق المال في وجوه البر

- ‌لا تبخل عن بذل المال

- ‌فتنة المال وميل الناس إلى صاحبه

- ‌ذهاب المال

- ‌الغنى والفقر

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الغني المغني الرزاق

- ‌دعاء الله بأسمه الغني المغني الرزاق

- ‌الفصل الحادي عشرالمُلك والسياسة

- ‌المُلك والسياسة

- ‌الملك هبة الله الواحد المنان

- ‌اختيار الوزراء

- ‌مما يستعان به على السياسة

- ‌وملاك الأمر في هذا كله تقوى الله والرجوع إليه

- ‌فساد بطانة السلطان

- ‌السياسة الرعناء

- ‌خساسة السياسة

- ‌السياسة الرشيدة والملك المحبوب

- ‌طاعة السلطان

- ‌المَلِك مالك المُلك والمليك في الأسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسمه جل وعلا الملك

- ‌دعاء الله باسمه الملك والمَالِك ملك الملُك

- ‌الفصل الثاني عشرالشُكر

- ‌الشُكر

- ‌استدامة النعمة بالشكر

- ‌شكر الخالق واجب

- ‌من شكر الله شكر الناس

- ‌الشكر فيه الزيادة

- ‌الشكر أمان من العذاب

- ‌جحود النعمة والإعراض عن الشكر سبب في الهلاك

- ‌الشكور الشاكر من أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة هذا الاسم

- ‌الفصل الثالث عشرالكِبر

- ‌الكِبر

- ‌الكِبر يغضب الجبار، ويكون سبباً في دخول النار

- ‌المتكبرون شرار الناس

- ‌الكِبر بطر الحق

- ‌أسباب الكبر

- ‌قصه للأحنف بن قيس

- ‌الكبير والمتكبر في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الكبير المتكبر

- ‌دعاء الله باسمه الكبير المتكبر

- ‌الفصل الرابع عشرالتواضع

- ‌التواضع

- ‌حقيقة التواضع وفضيلته

- ‌التواضع فريضة، والعُجب رذيلة

- ‌قصة لهارون الرشيد مع اللأمام مالك

- ‌الفصل الخامس عشرالحُب

- ‌الحُب

- ‌مفردات الحب

- ‌ضرورة الحب وحاجة الناس إليه

- ‌امنح الثقات محبتك

- ‌الحب وآدابه

- ‌آفات الحب

- ‌الحب زينة الحياة

- ‌حب الجمال نعمة

- ‌حب الله

- ‌محبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أكثر محبةً له ولأهل بيته

- ‌محبة المؤمنين

- ‌محبة الله لعبده أعظم نعمة

- ‌الفرق بين الحب والود

- ‌الودود من اسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الودود

- ‌الفصل السادس عشرالجمال

- ‌الجمال

- ‌جمال الإنسان

- ‌جمال الكون

- ‌الجميل في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الجميل

- ‌دعاء الله باسمه الجميل الجليل

- ‌الفصل السابع عشرالحَسَدُ

- ‌الحسد

- ‌الحاسد جاحد

- ‌الحسد خطير وعلاجه عسير

- ‌الحاسد لا يرد قدر الرازق

- ‌الحسد ذميم فلا تتخلق به

- ‌الكرام من الناس تُحسد

- ‌قصة لقيس بن زهير:

- ‌علاج الحسد

- ‌الفصل الثامن عشرالغيبة

- ‌الغيبة

- ‌حد الغيبة

- ‌من اغتاب أغتيب

- ‌قصة للحسن البصري رحمه الله

- ‌علاج الغيبة

- ‌الصمت وأدب اللسان

- ‌الإصغاء إلى الغيبة

- ‌الأعذار المرخصة في الغيبة

- ‌الفصل التاسع عشرالنميمة

- ‌النميمة

- ‌قصة لعمر بن عبد العزيز رحمة الله:

- ‌سوء الظن

- ‌الجاهل يسيء الظن باخوانه

- ‌ثمرة النميمة

- ‌ذو الوجهين

- ‌الفصل العشرونالأمانة

- ‌الأمانة

- ‌تقدير الناس للأمانة

- ‌الأمانة في الإيمان بالله وعبادته

- ‌ترك الأمانة نفاق

- ‌الأمانة في الولايات

- ‌الأمانة في الأسرة

- ‌أمانة الزوجة تقتضي حفظ أسرار زوجها

- ‌تربية الأولاد وتعليمهم أمانة

- ‌الأمانة في الأخلاق والمعاملات

- ‌الخيانة مذمة وندامة

- ‌الخيانة أسوأ ما يبطنه الإنسان

- ‌الفصل الحادي والعشرونالحِلم

- ‌الحِلم

- ‌الحلم حلية العلم

- ‌الحليم حاذق لبيب

- ‌الحلم ثبات ورفعة

- ‌الحليم ذو عزة

- ‌قصة للرشيد

- ‌الحليم اسم من أسماء الله تعالى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الحليم

- ‌دعاء الله باسمه الحليم

- ‌الفصل الثاني والعشرونالرفق

- ‌الرفق

- ‌الرفق يحبه الله

- ‌التزام الرفق ومباينة العنف

- ‌الرفيق من الأسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسمه تعالى الرفيق

- ‌دعاء الله باسمه الرفيق

- ‌الفصل الثالث والعشرونالصبر

- ‌الصبر

- ‌الصبر مفتاح النجاح

- ‌الصبر يعقبه الفرج

- ‌الصبر والرضا به

- ‌الحر الصابر لا يريق ماء وجهه

- ‌الصبور في الأسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسمه تعالى الصبور

- ‌دعاء الله باسمه الصبور

- ‌الفصل الرابع والعشرون‌‌العفو

- ‌العفو

- ‌الكريم يعفو

- ‌العز في العفو

- ‌العفو في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة التعرف على اسم الله العفوُ

- ‌قصة للقمان مع ابنه

- ‌دعاء الله باسمه العفوُ

- ‌الفصل الخامس والعشرونالكرم

- ‌الكرم

- ‌خلق الكريم المحافظة على مكارم الأخلاق

- ‌الكريم يكرم ضيفه

- ‌الكريم يجود ولا يبخل

- ‌قصة لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم

- ‌اللؤم ضد الكرم

- ‌الكرم والبخل لا يتفقان

- ‌فخر الرجال كرمهم

- ‌الأكرم الكريم في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الكريم الأكرم

- ‌دعاء الله باسمه الكريم

- ‌الفصل السادس والعشرون‌‌العدل

- ‌العدل

- ‌العدل في الكلام

- ‌العدل في الشهادة

- ‌وصفُ الحسن البصري للإمام العادل

- ‌العدل في القضاء بين الناس

- ‌قصة رواها الأمام علي بن ابي طالب رضي الله عنه

- ‌قصة روتها خولة بنت قيس

- ‌العدل يحبه الله والظلم لا يحبه

- ‌الظلم في الأمثال السائرة

- ‌دعوة المظلوم لا ترد

- ‌الشرك أعظم أنواع الظلم

- ‌عاقبة الظلم

- ‌العدل في الأسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسمه تعالى العدل

- ‌دعاء الله باسمه وصفته العدل

- ‌الفصل السابع والعشرون‌‌الصدق

- ‌الصدق

- ‌الصدق يألفه الكريم

- ‌الصدق يرفع المرء في الدارين والكذب يهوي به في الحالين

- ‌الكذب يضاد الصدق ويجانبه فتجنبه

- ‌مضرة الكذب

- ‌مكانة الصدق رفيعة

- ‌دعاء الله الصادق الكريم

- ‌الفصل الثامن والعشرونالصديق والجليس

- ‌الصديق والجليس

- ‌اصطفاء الصديق من الأخيار

- ‌صداقة الأشرار عار

- ‌التلون في الصداقة

- ‌فراق الصديق المتلون

- ‌مفارقة جليس السوء

- ‌وفاء الصديق

- ‌مصاحبة الجاهل والأحمق

- ‌صداقة الكسلان ومجالسته

- ‌صداقة العدو

- ‌من الصداقات ما يؤذي

- ‌الاحتمال للصديق واستبقاء وده

- ‌الفصل التاسع والعشرونالأخلاق الحسنة

- ‌الأخلاق الحسنة

- ‌الخُلق الحسن منزلة رفيعة

- ‌التآلف والحب بحسن الخلق

- ‌من حسّن الله خَلقه ينبغي أن يحسن خُلقه

- ‌قصة خروج جابر مع رسول الله (ص) في غزوة ذات الرقاع

الفصل: ‌تسمية ما يكتب فيه عند العرب

ومحوت الكتاب أمحوه محواً بالواو، وهي في لغة: محيت أمحي محياً، وفي أمثال العرب:"ما أنت إلا ممحياً كاتبا"، فإذا أمرت قلت: امحُ، والواو أفصح وبها نزل القرآن:{يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} (1) .

‌تسمية ما يكتب فيه عند العرب

تسمي العرب ما يكتب فيه القرطاس أو الصحيفة أو السفر، ويجمع القرطاس على قراطيس، والصحيفة على صحائف، والسفر على أسفار (2) ، وقد نزل القرآن بجميعها، ففي سورة الأنعام يقول الحق سبحانه وتعالى:{وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلَاّ سِحْرٌ مُّبِينٌ} (3)، ويقول جل شأنه:{وَمَا قَدَرُواْ اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} (4) .

وقد أكثر العرب من ذكر القراطيس في أخبارهم وأشعارهم ومن ذلك قول العباس بن الأحنف (5) :

(1) - سورة الرعد الآية (39) .

(2)

- أدب الكتاب ص104.

(3)

- الآية (7) .

(4)

- سورة الأنعام الآية (91) .

(5)

- العبّاس بن الأحنف بن الأسود، الحنفي (نسبة إلى بني حنيفة) ، اليمامي، أبو الفضل، المتوفى (192هـ/807م) شاعر غَزِل رقيق، قال فيه البحتري: أغزل الناس، أصله من اليمامة بنجد، وكان أهله في البصرة وبها مات أبوه ونشأ ببغداد وتوفي بها، وقيل بالبصرة. خالف الشعراء في طرقهم فلم يمدح ولم يَهجُ بل كان شعره كله غزلاً وتشبيباً، وهو خال إبراهيم بن العباس الصولي، قال في البداية والنهاية: أصله من عرب خراسان ومنشأه ببغداد.

ص: 119

جاءَ الرَسولُ بِقُرطاسٍ فَشَوَّقَني

مِنها فَأَحبَبتُ مِنهُ كُلَّ قُرطاسِ

فيهِ مُعاتَبَةٌ مِنها تُذَكِّرُني

ما كانَ مِنها كَأَنّي غافِلٌ ناسِ

وقال آخر:

إن القراطيس من نفسي بمنزلة

تكون كالسمع والعينين في الراسي

لولا القراطيس مات العاشقون معاً

هذا بغم وهذكم بوسواسي

أما ابن مكنسة (1) فهو يقول:

أهلاً بها جنةً أَهْدَ ثمارَ نُهى

وعرَّس الطَّرْفُ فيها أَيَّ تعريسِ

ما دار في خَلَدِي لولا كتابكُمُ

أَنَّ البساتينَ تُهْدَى في القراطيس

وقال آخر:

وشق قرطاس من تهوى وكن حذرا

يا رب ذي ضيعة من حفظ قرطاس

أما الأسفار فقد ورد ذكرها في كلام العزيز الجبار إخباراً عن أحوال من حمّلوا التوراة ثم لم يحملوها قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (2) ، وفي ذلك عظة واعتبار، فمن ذا الذي يحب أن يكون مثل الحمار لا يعمل بما تحويه الأسفار؟!! فحظه من حملها مثل حظ الحمار.

(1) - إسماعيل بن محمد، أبو طاهر المعروف بابن مكنسة (ت 510هـ1116) شاعر مكثر، من أهل الإسكندرية، أورد العماد الأصفهاني مختارات حسنة من شعره.

(2)

- سورة الجمعة الآية (5) .

ص: 120

وقد ورد ذكر الأسفار في أخبار العرب وأشعارهم، في إقامتهم وأسفارهم، وفي مديحهم وفي هجائهم، وقد أحسن ابن الصباغ حيث يقول في مدح الرسول صلى الله عليه وآله وسلم:

أي الكتاب بفخره قد أنزلتِ

وبمدحه قد نظمت أسفار

أما العلامة احمد بن حجر العسقلاني (1) فهو يقول:

سَلوا النجمَ يَشهَد أَنَّني بِتُّ ساهِداً

وَإِلا الدُجى هَل طابَ لي فيهِ مضجعُ

أُطالِعُ أَسفارَ الحَديثِ تَشاغُلاً

لأَقطَعَ أَسفاري بخُبرٍ يجمَّعُ

فليس للأسفار بعد الحفظ من فائدة غير دراستها والعمل بما فيها، ولقد كان ذلك دأب العلماء كما هو حال العلامة ابن حجر.

أما أحمد الكاشف (2) فهو يرى أن العلم ما دارت به الأيام لا ما حوته الكتب والأسفار فيقول:

والعلم ما دارت به الأيام لا

ما جاء في كتب وفي أسفار

(1) - أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني أبو الفضل شهاب الدين بن حجر، (773-852هـ/1371-1449م) ، من أئمة العلم والتاريخ أصله من عسقلان (بفلسطين) ومولده ووفاته بالقاهرة، ولع بالأدب والشعر ثم أقبل على الحديث، ورحل إلى اليمن والحجاز وغيرهما لسماع الشيوخ، وعلت شهرته فقصده الناس للأخذ عنه وأصبح حافظ الإسلام في عصره، وكان فصيح اللسان، راوية للشعر، عارِفاً بأيام المتقدمين وأخبار المتأخرين صبيح الوجه، وولي قضاء مصر عدة مرات ثم اعتزل، تصانيفه كثيره جليلة منها:(الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة-ط) ، و (لسان الميزان-ط) تراجم، و (ديوان شعر-خ) ، و (تهذيب التهذيب-ط) ، و (الإصابة في تمييز الصحابة-ط) وغيرها الكثير.

(2)

- أحمد بن ذي الفقار بن عمر الكاشف، (1295-1367هـ/1878-1948م) ، شاعر مصري، من أهل القرشية (من الغربية بمصر) ، مولده ووفاته فيها قوقازي الأصل، قال خليل مطران: الكاشف ناصح ملوك، وفارس هيجاء ومقرع أمم، ومرشد حيارى، له ديوان شعر-ط) .

ص: 121

والظاهر أن الأيام تعلّم وتفيد أن من لم يعمل بعلمه ويستفيد من الأسفار فإن الأسفار لا تفيده فهو كمثل الحمار، كما أعلم الحق سبحانه وتعالى بذلك.

أما الصحف فقد ورد ذكرها في القرآن الكريم في اخبار الله العلي العظيم الدالة على كمال حكمته وجليل قدرته وصدق نبوءة محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} (1)، وفي سورة طه:{وَقَالُوا لَوْلا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الأُولَى} (2)، وفي سورة التكوير النبأ اليقين:{وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ} (3) .

ويغفر الله لابن الأحنف حيث يقول:

صَحائِفُ عِندي لِلعِتابِ طَوَيتُها

سَتُنشَرُ يَوماً وَالعِتابُ يَطولُ

عِتابٌ لَعَمري لا بَنانٌ تَخُطُّهُ

وَلَيسَ يُؤَدّيهِ إِلَيكِ رَسولُ

ولله در القائل:

يا حروفاً قد أضاءت في الصحف

أخبرتني بأحاديث السلف

(1) - الآيتان (18و19) .

(2)

- الآية (133) .

(3)

- الآيات (10-14) .

ص: 122

قدرها عندي لو تعلمه.........كل فضل وجلال وشرف (1)

أما أبو العلاء المعري فهو يقول:

وَجاءَت صَحائِفُ قَد ضُمِّنَت

كَبائِرَ آثامِهِم وَاللِمَم

رَأَيتُ بَني الدَهرِ في غَفلَةٍ

وَلَيسَت جَهالَتُهُم بِالأُمَم

فَنُسكُ أُناسٍ لِضَعفِ العُقولِ

وَنُسكُ أُناسٍ لِبُعدِ الهِمَم

ويقول أبو فراس الحمداني (2) :

وَما هَذِهِ الأَيّامُ إِلا صَحائِفٌ

لأَحرُفِها مِن كَفِّ كاتِبِها بَشرُ

أما عماد الدين الأصبهاني (3) فهو يقول:

وما هذه الأَيامُ إلَاّ صحائف

يؤرَّخ فيها ثمَّ يُمحى ويُمحقُ

وعلى نفس المنوال سلك عمارة اليمني (4) حيث يقول:

(1) - مقامات القرني العلامة والأديب الكبير صاحب القلم السيال واللسان العذب والكلام الطيب والعلم الغزير الدكتور عائض بن عبد الله القرني، ص215، طبعة مكتبة الصحافة الشارقه-الامارات مكتبة التابعين- القاهرة، الطبعة الثالثة 1423هـ-2002م.

(2)

- الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي الربعي، أبو فراس (320-357 هـ/932-967م) شاعر أمير، فارس، ابن عم سيف الدولة. له وقائع كثيرة، قاتل بها بين يدي سيف الدولة، وكان سيف الدولة يحبه ويجله ويستصحبه في غزواته ويقدمه على سائر قومه، وقلده منبج وحران وأعمالها، فكان يسكن بمنبج ويتنقل في بلاد الشام، جرح في معركة مع الروم، فأسروه وبقي في القسطنطينية أعواماً، ثم فداه سيف الدولة بأموال عظيمة، قال الذهبي: كانت له منبج، وتملك حمص وسار ليتملك حلب فقتل في تدمر، وقال ابن خلّكان: مات قتيلاً في صدد (على مقربة من حمص) ، قتله رجال خاله سعد الدولة.

(3)

- محمد بن محمد صفي الدين بن نفيس الدين حامد بن أله أبو عبد الله عماد الدين الأصبهاني (519-597هـ/1125-1201م) مؤرخ عالم بالأدب، من أكابر الكتاب، ولد في أصبهان، وقدم بغداد حدثاً، فتأدب وتفقه، واتصل بالوزير عون الدين "ابن هبيرة" فولاه نظر البصرة ثم نظر واسط، ومات الوزير، فضعف أمره، فرحل إلى دمشق، فاستخدم عند السلطان "نور الدين" في ديوان الإنشاء، وبعثه نور الدين رسولاً إلى بغداد أيام المستنجد ثم لحق بصلاح الدين بعد موت نور الدين، وكان معه في مكانة "وكيل وزارة" إذا انقطع (الفاضل) بمصر لمصالح صلاح الدين قام العماد مكانه، لما ماتَ صلاح الدين استوطن العماد دمشق ولزم مدرسته المعروفة بالعمادية وتوفي بها، له كتب كثيرة منها (خريدة القصر-ط) وغيره، وله (ديوان شعر) .

(4)

- عمارة بن علي بن زيدان الحكمي المذحجي اليمني، أبو محمد، نجم الدين (ت 569هـ1174م) مؤرخ ثقة، وشاعر فقيه أديب، من أهل اليمن، ولد في تهامة ورحل إلى زبيد سنة 531هـ، وقدم مصر برسالة من القاسم بن هشام (أمير مكة) إلى الفائز الفاطمي سنة 550هـ في وزارة (طلائع بن رزيك) فأحسن الفاطميون إليه وبالغوا في إكرامه، فأقام عندهم، ومدحهم. ولم يزل موالياً لهم حتى دالت دولتهم وملك السلطان (صلاح الدين) الديار المصرية، فرثاهم عمارة واتفق مع سبعة من أعيان المصريين على الفتك بصلاح الدين، فعلم بهم فقبض عليهم وصلبهم بالقاهرة، وعمارة في جملتهم. له تصانيف، منها (أخبار اليمن- ط) ، و (أخبار الوزراء المصريين- ط) ، و (المفيد في أخبار زبيد) ، و (ديوان شعر-خ) .

ص: 123

وما هذه الأعمار إلا صحائفٌ

تؤرخ وقتاً ثم تُمحى وتُمحق

أما مطلق بن عبد الخالق (1) فهو يقول:

وما كنت أخشى الموت لولا صحيـ

ـفة لو انقلبت بيضاء ساد سكون

وذهب كثير من الشعراء على اعتبار الحياة صحيفة يؤرخ فيها كل شيء، وهي كذلك، لا يدوم فيها نعيم، ولا تخلو من هم وغم، وإنما هي دار ابتلاء وامتحان، قال تعالى:{إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً} (2) ، فالعاقل لا يثق بها بل يثق بالله الواحد القهار، فهو يأخذ من وجهها الكظيم ابتسامة عريضة يسير فيها سيرة الحكماء الأعزة الكرام لأنه يعلم أن اليوم الذي يراك الناس فيه مخبراً غداً ستكون فيه خبراً من الأخبارِ، ويرحم الله القائل:

حُكمُ المَنِيَّةِ في البَرِيَّةِ جاري

ما هَذِهِ الدُنيا بِدار قَرار

بَينا يَرى الإِنسان فيها مُخبِراً

حَتّى يُرى خَبَراً مِنَ الأَخبارِ

طُبِعَت عَلى كدرٍ وَأَنتَ تُريدُها

صَفواً مِنَ الأَقذاءِ وَالأَكدارِ

لَيسَ الزَمانَ وَإِن حرصت مُسالِماً

خُلُق الزَمانِ عَداوَة الأَحرارِ

(1) - مطلق بن عبد الخالق الناصري، شاعر فيه صوفية، وفي شعره فلسفة، من أهل الناصرة (بفلسطين) ولد وتعلم ابتدائياً بها، وأكمل تحصيله الثانوي في روضة المعارف بالقدس، وعمل في الصحافة محرراً ورئيساً للتحرير، وفي التدريس فكان مديراً لإحدى المدارس الوطنية بحيفا، توفي بحادث سيارة في حيفا، ودفن في بلده، له (الرحيل-ط) ديوان شعره جمع وطبع بعد وفاته.

(2)

- سورة الإنسان الآية (2) .

ص: 124

فالعاقل لا يقتله اليأس فهو يستطيع أن ينهض بعد الكبوة وأن ينتصر بعد الإخفاق ويملأ صحيفته وأيامه وتأريخه بالأعمال الصالحة والخلق الكريم، فأصخ سمعك إلى التشجيع والحماسة التي يتحدث عنها الشابي (1) حيث يقول:

وقالتْ ليَ الأَرضُ لما سألتُ

أيا أمُّ هل تكرهينَ البَشَرْ

أُباركُ في النَّاسِ أهلَ الطُّموحِ

ومَن يَسْتَلِذُّ ركوبَ الخطرْ

وأَلعنُ مَنْ لا يماشي الزَّمانَ

ويقنعُ بالعيشِ عيشِ الحجرْ

فضع نفسك في المحل الذي يحبه الله تعالى ويرضاه، وأهتم بنظافتك وعملك وتذكر أن الله جل وعلا يقول:{يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلَا تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (2)، ويقول:{مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} (3) .

ابتعد عن الذين يحبطون عزيمتك، ويفترون إصرارك فهم أعداؤك، وتأمل معي قول الحق تبارك وتعالى:{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (4) .

(1) - أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم الشابي، شاعر تونسي في شعره نفحات أندلسية، ولد في قرية الشابية من ضواحي توزر عاصمة الواحات التونسية في الجنوب، قرأ العربية بالمعهد الزيتوني بتونس وتخرج من مدرسة الحقوق التونسية وعلت شهرته، ومات شاباً بمرض الصدر ودفن في روضة الشابي بقريته، له (ديوان شعر-ط) و (كتاب الخيال الشعري عند العرب) و (آثار الشلبي-ط) و (مذكرات-ط) .

(2)

- سورة الأعراف الآية (31) .

(3)

- سورة الأنعام الآية (38) .

(4)

- سورة البقرة الآية (268) .

ص: 125

إن كلمات مفعمة بالتشجيع مصبوغة بالإصرار والتحدي قد تصنع في النفس ما لا تصنعه الملايين ولا القصور، وقد تبعث فيها من الأمل ما لا يقدر عليه الأطباء والعقاقير، تدبر قول الحق تبارك وتعالى:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (1) ، وتذكر أن كلما تحويه صحيفة أعمالك هو ما تسجله أنت بأعمالك وأفعالك، وفي الذكر الحكيم:{فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} (2) .

فالله حفيظ لا ينسى كل أعمالك، وكل أقوالك، وكل مواقفك، وكل عطاءتك، وكل منعك، وكل الصراعات التي في ذهنك، فأعمالك كلها مسجلة، قال الله تعالى:{لَّقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ} (3) .

(1) - سورة إبراهيم الآيتان (24و25) .

(2)

- سورة الزلزلة الآيتان (7و8) .

(3)

- سورة آل عمران الآية (181) .

ص: 126