الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والظاهر أن من عود نفسه الفضيلة والخلق الحسن اعتادها، قال عبد الله ابن المبارك:
خَالِق الناسَ بِخُلقٍ حَسَن
…
لا تَكُن كَلباً عَلى الناسِ تَهر (1)
وفي الحديث النبوي الشريف: (اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ)(2) .
من حسّن الله خَلقه ينبغي أن يحسن خُلقه
إن من أكرمه الله بحسن الخَلق يبغي أن يكون حسن الخُلق، وقد قيل أن الخُلق عبارة عن هيئة في النفس راسخة عنها تصدر الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروية فإن كانت الأفعال بحيث تصدر عنها الأفعال الجميلة المحدودة شرعاً وعقلاً سميت تلك الأفعال خلقاً حسناً، وإن كان الصادر عنها الأفعال القبيحة سميت الهيئة التي هي المصدر خلقاً سيئاً. (3)
وفي الحديث النبوي: (أطلبوا الخير عند حسان الوجوه)(4)، وفي الذكر الحكيم:{اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ قَرَاراً وَالسَّمَاء بِنَاء وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (5)، وفي سورة التغابن يقول العزيز الحكيم: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ
(1) - وورد في الموسوعة الشعرية لمحمد بن زنجي البغدادي.
(2)
- أخرجه الترمذي في سننه باب ما جاء في معاشرة النساء حديث (1910) .
(3)
- دليل السائلين ص193.
(4)
- أخرجه الطبراني في الأوسط ج6ص176، وفي الكبير ج11ص81.
(5)
- سورة غافر الآية (64) .
الْمَصِيرُ} (1) ، فسبحان من أحسن خلق الإنسان وأوجد من العدم الصور الحسان، وجاء في سورة الرحمن مزيد بيان:{الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} (2)، فمن خلقه الله في أحسن تقويم وجب عليه أن يكون من المحسنين الشاكرين للعزيز الرحيم:{وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ* وَطُورِ سِينِينَ* وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ* لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (3) .
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (خالطوا الناس بالأخلاق وزايلوهم بالأعمال) . وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: "إن العبد لبيلغ بحسن خُلقه أعلى درجات الجنة وهو غير عابد، ويبلغ بسوء خُلقه أسفل درجات جهنم وهو عابد". وقال يحيى بن معاذ رحمه الله: "حسن الخُلق حسنة لا تضر معها كثرة السيئات، وسوء الخُلق سيئة لا تنفع معها كثرة الحسنات"(4) .
وإن حسن الوجه إذا كان حسن الأخلاق كان قريباً من الله قريباً من الناس، يحبهم ويحبوه، ويألفهم ويألفوه، يسعى بالبر ويعين عليه، بحسن أخلاق المرء تنصلح أحواله، وتزكو أعماله، وتحسن طويته، وتكبر همته، ويعظم نفعه، قال الشاعر:
حَسَنُ الوَجْهِ والخَلائِقِ والعَهْدِ
…
كريمُ الأقْوالِ والأفْعالِ
(1) - سورة التغابن الآية (3) .
(2)
- سورة الرحمن الآيات (1-4) .
(3)
- سورة التين الآيات (1-4) .
(4)
- دليل السائلين ص185.