الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحُب
الحُب نعمة جليلة، يسعد بها المحبون، ويظفر بها المتقون، ويتمتع بها الراشدون، ويضل بها المنافقون، فنعمة الحب كبيرة وجليلة، وهي من أفضل النعم، والحب ضروب وأنواع أفضله: محبة الله، ثم محبة أنبيائه ورسله، ومحبة المتحابين فيه، ومحبة شرعه ودينه، ومحبة خيره وكرمه، ومحبة خلقه، ومحبة ما يحبه الله، وفي الحديث النبوي:(أحبوا الله لما يغدوكم به من نعمه، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي)(1) .
الحب أنواع
تتجلى في واقع الحياة أنواع من الحب عديدة، ودرجات رفيعة، وصفات متعددة، فهناك: حب الله ورسله ومحبة شريعته وكتبه، وهناك: الحب الأخلاقي عند العذريين، وحب الأسرة والأبناء والأباء والأقرباء والإخوة والأزواج، وحب الأوطان والمواطنين والأصدقاء والزملاء، وحب الثقافة والعلوم والفنون والآداب والرياضة والطبيعة والجمال والبحار والأنهار والسباحة والسياحة والتنقل والرحلات والمُلك والرئاسة والجاه والشجاعة والسياسة والشهرة والذات والمال والعمل والأخلاق، إلى غير ذلك من الأمور التي يحبها الإنسان فتستولي على جوارحه ومشاعره،
…
وربما جعلت المحبة من المحب بصيراً يدرك الأشياء على حقيقتها فتملئ قلبه
(1) - أخرجه الترمذي في سننه باب مناقب أهل البيت حديث (3789) ، والحاكم في المستدرك باب ومن مناقب أهل البيت حديث (4716) .
حباً يبعث على الرحمة والرأفة والإخاء والمودة والصداقة والصدق والطاعة والشجاعة والبر، وربما جعلت المحبة المفرطة من المحب أعمى لا يدرك إلا ما يحب، وربما تابع المحبوب على غير بصر ولا هدى، وفي الحديث النبوي:(حُبُّكَ الشَّيْءَ يُعْمِي وَيُصِمُّ)(1)، وهو في الأمثال السائرة:"حبك الشيء يعمي ويصم" أي يخفي عليك مساويه ويصمّك عن سماع العذل فيه (2) ، فللمحبة في سلوك الإنسان، وفي عبادته، وفي غدوه ورواحه، وفي إقامته وانتقاله، وفي أعماله وآماله، الأثر الكبير.
فإذا غمر الحب قلب المحب ترك آثاره كبيرة في كلام الإنسان، وملامح وجهه وتصرفاته، ومواقفه من الآخرين، بل ومن الكون كله، قل ما يفارق الإنسان ذلك في صباه وشبابه وشيخوخته، ومن نعم الحب أنه يجرد الإنسان من الغربة والوحشة، فيشعر المحب بأن كل ما في الوجود معجب محبوب، فهو مصدر الشعر والفنون الجميلة، وهو الذي يولد القوة، ويطرد الاكتئاب، ويحث على العمل، ويحفز على الإبداع والانتصار على الشدائد والصعاب، المرغب في طاعة الله الملك الوهاب.
(1) - أخرجه أبو داود في سننه باب في الهوى حديث (5130) .
(2)
- مجمع الأمثال للميداني ص196.