المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الملك مالك الملك والمليك في الأسماء الحسنى - صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال - جـ ١

[حسين بن محمد المهدي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأولالعِلْم

- ‌العلم هو إدراك الشيء بحقيقته

- ‌بقاء العلم

- ‌العلم عون الدين

- ‌العلم يرفع الله به الوضيع

- ‌العلم عنوان العز

- ‌أشرف العلوم

- ‌مبادئ العلوم

- ‌الجد في طلب العلم

- ‌محبة العلم

- ‌تكريم المعلم

- ‌المعلم الذي لا يؤدي واجبه

- ‌المعلم الذي يخالف علمه عمله

- ‌ترك المعاصي سبب في حفظ العلوم وجمعها

- ‌إنفاق العلم وعدم جواز كتمه

- ‌القصة في الحديث النبوي

- ‌الجهل يضاد العلم

- ‌العليم الخبير في أسماء الله الحسنى

- ‌علم الله جل وعلا علم تفرده به

- ‌ثمرة معرفة اسم الله تعالى العليم الخبير

- ‌دعاء الله باسمه العالم العليم

- ‌الفصل الثانيالعَقْل

- ‌العقل

- ‌العقل والهوى متعاديان

- ‌عداوة العاقل خير من صداقة الأحمق

- ‌العقل مناط التدبر وطريق الهدى والرشاد

- ‌العقل نوعان: مطبوع ومسموع

- ‌الإنكار على من لم يُعمِل عقله

- ‌التجارب تزيد في العقل

- ‌الأدب النفسي ودوره في تنمية العقل

- ‌كمال العقل

- ‌القصة

- ‌العقل يرشد الى توحيد الله

- ‌اسم الله دال على جميع الاسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الجامع للاسماء الحسنى

- ‌دعاء الله باسمه الجامع للاسماء الحسنى

- ‌الفصل الثالثالإنسانية أصلها واحد

- ‌الإنسانية أصلها واحد

- ‌القصة

- ‌الإسلام يدعو إلى الأخوة والتعاون

- ‌مبدأ الوحدة الإنسانية والمساواة البشرية

- ‌نجاح الأفراد والأمم وأثر الاتفاق والاختلاف على الأسرة الإنسانية

- ‌مراحل نمو خَلق الإنسان تدل على أن الله وحده الخالق المنان

- ‌الخالق في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الخالق وحده لا شريك له

- ‌دعاء الله باسمه الخالق

- ‌الفصل الرابعالقلم

- ‌القلم

- ‌القلم تحيا به الأمم وتتعلّم

- ‌دور القلم في سعادة الأمم وشقاؤها

- ‌القلم الالكتروني

- ‌الكتابة الإلكترونية: ماهيتها وطبيعتها

- ‌القوة الثبوتية للكتابة الالكترونية

- ‌تسمية ما يكتب فيه عند العرب

- ‌الكَتبُ إنشاؤه وزبره

- ‌السطر

- ‌الكتاب عرضه وحفظه

- ‌الحفيظ والمحصي من أسماء الله الحسنى

- ‌دعاء الله باسمه الحفيظ الحافظ المحصي

- ‌الفصل الخامسالإيمان

- ‌الإيمان

- ‌النجاة في الإيمان بالله

- ‌الرفعة بالإيمان

- ‌الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌القدر في القرآن

- ‌الرضا والتسليم دليل الإيمان

- ‌قصة إيمان أهل الكهف في القرآن

- ‌الإيمان بالله يزيل الهم

- ‌من يؤمن بالله يهدي قلبه

- ‌الخلال الدنيئة ليست من صفات المؤمن

- ‌النفاق يضاد الإيمان

- ‌الإيمان بالغيب

- ‌علم الفلك والنجوم

- ‌الإيمان بأسماء الله وصفاته

- ‌الذكر يقوي الإيمان

- ‌ذكر الله في جوف الليل

- ‌ذكر الله شرف ونعمة

- ‌الدعاء يقوي الإيمان

- ‌من تقرب إلى الله بالدعاء ضمن الإجابة

- ‌المؤمن من أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة التعرف على اسم الله المؤمن

- ‌الفصل السادسالعمل

- ‌العمل

- ‌العمل سبب الغنى

- ‌البكور في طلب الرزق

- ‌الحرفة أو الصنعة ضرورة

- ‌إتقان العمل

- ‌البحث عن العمل

- ‌القصة

- ‌إعطاء العامل أجره

- ‌إعطاء العامل حظه من الراحة

- ‌بعث الهمم على العمل

- ‌الباعث في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الباعث

- ‌الدعاء باسم الله الباعث

- ‌الفصل السابعالسفر والسياحة

- ‌السفر والسياحة

- ‌حقيقة السفر

- ‌السفر فيه قضاء الحوائج

- ‌علاج (الروتين) الممل

- ‌تأكد من قدرتك الصحية على السفر

- ‌آداب السفر

- ‌الابتسامة والبهجة في السفر

- ‌ثلاث نصائح أسديها إليك فلا تنساها في سفرك وحضرك:

- ‌الاستمتاع بالسفر والسياحة لا يعني السقوط في الوحل

- ‌حاجة المسافر إلى قراءة شيء من القرآن في أسفاره

- ‌المشي يعين على الطاعة ويجلب السعادة

- ‌العز والشرف في التنقل

- ‌أخطار السفر في هذا الزمن قليلة فتمتع بنعمته الكبيرة

- ‌الطائرات السابحات في الجو

- ‌السفر يهدي إلى التعرف على عظمة الصانع جلت قدرته

- ‌الهادي من أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الهادي

- ‌دعاء الله باسمه الهادي

- ‌الفصل الثامنالحرية والإباء

- ‌الحرية والإباء

- ‌الحرية التي ليس عليها ضوابط

- ‌الحرية ليس لها ثمن

- ‌لوم الحر نجاة له

- ‌الحر لا يريق ماء وجهه

- ‌الحر يأبى الذل والهوان

- ‌الحر يحفظ الود

- ‌فقد الحر رزيئة

- ‌الفصل التاسعالوطن

- ‌الوطن

- ‌حب الوطن ووصفه

- ‌دعائم المواطنه

- ‌وأنه لا يأثم امرؤ بحليفه،وأن النصر للمظلوم

- ‌خيانة الأوطان جناية

- ‌مرارة الغربة عن الأوطان

- ‌وطن العرب والمسلمين واحد

- ‌خصوصية الوطن الأول

- ‌في الانتقال عن الأوطان

- ‌الفصل العاشرالمال

- ‌المال

- ‌حب المال

- ‌إنفاق المال في وجوه البر

- ‌لا تبخل عن بذل المال

- ‌فتنة المال وميل الناس إلى صاحبه

- ‌ذهاب المال

- ‌الغنى والفقر

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الغني المغني الرزاق

- ‌دعاء الله بأسمه الغني المغني الرزاق

- ‌الفصل الحادي عشرالمُلك والسياسة

- ‌المُلك والسياسة

- ‌الملك هبة الله الواحد المنان

- ‌اختيار الوزراء

- ‌مما يستعان به على السياسة

- ‌وملاك الأمر في هذا كله تقوى الله والرجوع إليه

- ‌فساد بطانة السلطان

- ‌السياسة الرعناء

- ‌خساسة السياسة

- ‌السياسة الرشيدة والملك المحبوب

- ‌طاعة السلطان

- ‌المَلِك مالك المُلك والمليك في الأسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسمه جل وعلا الملك

- ‌دعاء الله باسمه الملك والمَالِك ملك الملُك

- ‌الفصل الثاني عشرالشُكر

- ‌الشُكر

- ‌استدامة النعمة بالشكر

- ‌شكر الخالق واجب

- ‌من شكر الله شكر الناس

- ‌الشكر فيه الزيادة

- ‌الشكر أمان من العذاب

- ‌جحود النعمة والإعراض عن الشكر سبب في الهلاك

- ‌الشكور الشاكر من أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة هذا الاسم

- ‌الفصل الثالث عشرالكِبر

- ‌الكِبر

- ‌الكِبر يغضب الجبار، ويكون سبباً في دخول النار

- ‌المتكبرون شرار الناس

- ‌الكِبر بطر الحق

- ‌أسباب الكبر

- ‌قصه للأحنف بن قيس

- ‌الكبير والمتكبر في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الكبير المتكبر

- ‌دعاء الله باسمه الكبير المتكبر

- ‌الفصل الرابع عشرالتواضع

- ‌التواضع

- ‌حقيقة التواضع وفضيلته

- ‌التواضع فريضة، والعُجب رذيلة

- ‌قصة لهارون الرشيد مع اللأمام مالك

- ‌الفصل الخامس عشرالحُب

- ‌الحُب

- ‌مفردات الحب

- ‌ضرورة الحب وحاجة الناس إليه

- ‌امنح الثقات محبتك

- ‌الحب وآدابه

- ‌آفات الحب

- ‌الحب زينة الحياة

- ‌حب الجمال نعمة

- ‌حب الله

- ‌محبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أكثر محبةً له ولأهل بيته

- ‌محبة المؤمنين

- ‌محبة الله لعبده أعظم نعمة

- ‌الفرق بين الحب والود

- ‌الودود من اسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الودود

- ‌الفصل السادس عشرالجمال

- ‌الجمال

- ‌جمال الإنسان

- ‌جمال الكون

- ‌الجميل في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الجميل

- ‌دعاء الله باسمه الجميل الجليل

- ‌الفصل السابع عشرالحَسَدُ

- ‌الحسد

- ‌الحاسد جاحد

- ‌الحسد خطير وعلاجه عسير

- ‌الحاسد لا يرد قدر الرازق

- ‌الحسد ذميم فلا تتخلق به

- ‌الكرام من الناس تُحسد

- ‌قصة لقيس بن زهير:

- ‌علاج الحسد

- ‌الفصل الثامن عشرالغيبة

- ‌الغيبة

- ‌حد الغيبة

- ‌من اغتاب أغتيب

- ‌قصة للحسن البصري رحمه الله

- ‌علاج الغيبة

- ‌الصمت وأدب اللسان

- ‌الإصغاء إلى الغيبة

- ‌الأعذار المرخصة في الغيبة

- ‌الفصل التاسع عشرالنميمة

- ‌النميمة

- ‌قصة لعمر بن عبد العزيز رحمة الله:

- ‌سوء الظن

- ‌الجاهل يسيء الظن باخوانه

- ‌ثمرة النميمة

- ‌ذو الوجهين

- ‌الفصل العشرونالأمانة

- ‌الأمانة

- ‌تقدير الناس للأمانة

- ‌الأمانة في الإيمان بالله وعبادته

- ‌ترك الأمانة نفاق

- ‌الأمانة في الولايات

- ‌الأمانة في الأسرة

- ‌أمانة الزوجة تقتضي حفظ أسرار زوجها

- ‌تربية الأولاد وتعليمهم أمانة

- ‌الأمانة في الأخلاق والمعاملات

- ‌الخيانة مذمة وندامة

- ‌الخيانة أسوأ ما يبطنه الإنسان

- ‌الفصل الحادي والعشرونالحِلم

- ‌الحِلم

- ‌الحلم حلية العلم

- ‌الحليم حاذق لبيب

- ‌الحلم ثبات ورفعة

- ‌الحليم ذو عزة

- ‌قصة للرشيد

- ‌الحليم اسم من أسماء الله تعالى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الحليم

- ‌دعاء الله باسمه الحليم

- ‌الفصل الثاني والعشرونالرفق

- ‌الرفق

- ‌الرفق يحبه الله

- ‌التزام الرفق ومباينة العنف

- ‌الرفيق من الأسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسمه تعالى الرفيق

- ‌دعاء الله باسمه الرفيق

- ‌الفصل الثالث والعشرونالصبر

- ‌الصبر

- ‌الصبر مفتاح النجاح

- ‌الصبر يعقبه الفرج

- ‌الصبر والرضا به

- ‌الحر الصابر لا يريق ماء وجهه

- ‌الصبور في الأسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسمه تعالى الصبور

- ‌دعاء الله باسمه الصبور

- ‌الفصل الرابع والعشرون‌‌العفو

- ‌العفو

- ‌الكريم يعفو

- ‌العز في العفو

- ‌العفو في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة التعرف على اسم الله العفوُ

- ‌قصة للقمان مع ابنه

- ‌دعاء الله باسمه العفوُ

- ‌الفصل الخامس والعشرونالكرم

- ‌الكرم

- ‌خلق الكريم المحافظة على مكارم الأخلاق

- ‌الكريم يكرم ضيفه

- ‌الكريم يجود ولا يبخل

- ‌قصة لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم

- ‌اللؤم ضد الكرم

- ‌الكرم والبخل لا يتفقان

- ‌فخر الرجال كرمهم

- ‌الأكرم الكريم في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الكريم الأكرم

- ‌دعاء الله باسمه الكريم

- ‌الفصل السادس والعشرون‌‌العدل

- ‌العدل

- ‌العدل في الكلام

- ‌العدل في الشهادة

- ‌وصفُ الحسن البصري للإمام العادل

- ‌العدل في القضاء بين الناس

- ‌قصة رواها الأمام علي بن ابي طالب رضي الله عنه

- ‌قصة روتها خولة بنت قيس

- ‌العدل يحبه الله والظلم لا يحبه

- ‌الظلم في الأمثال السائرة

- ‌دعوة المظلوم لا ترد

- ‌الشرك أعظم أنواع الظلم

- ‌عاقبة الظلم

- ‌العدل في الأسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسمه تعالى العدل

- ‌دعاء الله باسمه وصفته العدل

- ‌الفصل السابع والعشرون‌‌الصدق

- ‌الصدق

- ‌الصدق يألفه الكريم

- ‌الصدق يرفع المرء في الدارين والكذب يهوي به في الحالين

- ‌الكذب يضاد الصدق ويجانبه فتجنبه

- ‌مضرة الكذب

- ‌مكانة الصدق رفيعة

- ‌دعاء الله الصادق الكريم

- ‌الفصل الثامن والعشرونالصديق والجليس

- ‌الصديق والجليس

- ‌اصطفاء الصديق من الأخيار

- ‌صداقة الأشرار عار

- ‌التلون في الصداقة

- ‌فراق الصديق المتلون

- ‌مفارقة جليس السوء

- ‌وفاء الصديق

- ‌مصاحبة الجاهل والأحمق

- ‌صداقة الكسلان ومجالسته

- ‌صداقة العدو

- ‌من الصداقات ما يؤذي

- ‌الاحتمال للصديق واستبقاء وده

- ‌الفصل التاسع والعشرونالأخلاق الحسنة

- ‌الأخلاق الحسنة

- ‌الخُلق الحسن منزلة رفيعة

- ‌التآلف والحب بحسن الخلق

- ‌من حسّن الله خَلقه ينبغي أن يحسن خُلقه

- ‌قصة خروج جابر مع رسول الله (ص) في غزوة ذات الرقاع

الفصل: ‌الملك مالك الملك والمليك في الأسماء الحسنى

‌المَلِك مالك المُلك والمليك في الأسماء الحسنى

ان مما يجب على المكلف العاقل ان يعلم ان الله سبحانه وتعالى الملك

الحق المبين وحده لا شريك له، فهو الملك الآمر الناهي المعز المذل الذي يُصرّف أمور عباده، وانه وحده لا شريك له ملكنا ومالكنا ومليكنا وإلاهنا واليه نلجأ كما يرشدنا إلى ذلك ويأمرنا جل شأنه:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ*مَلِكِ النَّاسِ*إِلَهِ النَّاسِ} (1) ، فهو الملك الأعظم المطلع على السر والعلانية المحيط بكل شيء، فهو الموصوف بصفة الملك وهو مالك الملك جل جلاله وتقدست أسماؤه، فقد ورد هذا الاسم في التنزيل وفي السنة النبوية وأجمعت عليه الأمة المحمدية، ففي سورة الفاتحة يقول جل شأنه:{الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (2)، وفي قراءة:{مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (3) ،

وعن أم سلمة قالت: كان رسول الله عليه وآله وسلم يقول: (الحمد لله رب العالمين) ثم يقف (الرحمن الرحيم) ثم يقف وكان يقرؤها (ملك يوم الدين)(4) .

(1) - سورة الناس (1-3) .

(2)

- سورة الفاتحة (2) .

(3)

- هي قراءة نافع وهي قراءة متواترة.

(4)

- أخرجه الترمذي في القراءات حديث (2927) وقال: (هذا حديث غريب وبه يقول أبو عبيده ويختاره، هكذا روى يحيى ابن سعيد الأموي عن ابن جريج عن ابن أبي مليكه عن أم سلمه، وليس إسناده بمتصل، لأن الليث بن سعد روى هذا الحديث عن ابن أبي مليكه عن يعلا بن مملك عن أم سلمه وحديث الليث اصح) ، وأبو داود في الحروف والقراءات حديث (4001) ، والبيهقي في السنن الكبرى ج (2) ص (44) واخرج الترمذي أيضا قراءة (مالك يوم الدين) عن انس حديث (2928) ، وقال عنه الترمذي هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث الزهري عن انس إلا من حديث هذا الشيخ ايوب بن سويد الرملي، وأخرجه أبو داود في الحروف والقراءات حديث (4000) مرسلاً، والخلاصة ان القراءتين (ملك) و (مالك) متواترتان.

ص: 365

وروي انه كان يقرؤ (مالك) والقراءتان متواترتان، وثمرة اعمال القراءتين هو وجوب الإيمان بان الله جل وعلا يوصف بالملك والمالك، قال القرطبي: فأما ملك ومالك فقد جاء في القران قال الله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ} (1)، وقال:{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ} (2) ، وعند الترمذي (ملك) و (مالك) وقرأ القراء بهما ورويت القراءتان عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأما مليك فجاء أيضا في القران:{فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ} (3)، وهو كثير في أشعار العرب من ذلك:

فارضِ بما قسم المليك فإنما

قسم الخلاق بيننا علامها

وقال آخر:

تتبع خبايا الارض ودع مليكها

لعلك ان تجاب يوماً فترزقا

وهذا الاسم من أمهات الأسماء لان باب التعديل والتجوير يدور عليه، ووصف التنزيه والكمال في الإثبات معنى يسند إليه (4) ، فهو سبحانه الموصوف بصفة الملك، وهي صفة العظمة والكبرياء والقهر والتدبير، الذي له التصرف المطلق في الخلق والأمر والجزاء، وله جميع العالم العلوي والسفلي كلهم عبيد ومماليك (5) ومضطرون إليه، ومعنى الملك الحقيقي ثابت له

(1) - سورة طه (114) .

(2)

- سورة آل عمران (26) .

(3)

- سورة القمر (55) .

(4)

- الآسنى في شرح أسماء الله الحسنى للقرطبي ص (438-439) .

(5)

- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للعلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي ص595و1023و1038، والجامع لأسماء الله الحسنى ص (968) .

ص: 366

سبحانه بكل وجه، وهذه الصفة تستلزم سائر صفات الكمال، فهو سبحانه الرب الحق، الملك الحق، الإله الحق، خلقهم بربوبيته وبهرهم بملكه واستعبدهم بالاهيته، فتأمل هذه العظمة التي تضمنتها هذه الألفاظ الثلاثة على أبدع نظام، وأحسن سياق (رب الناس - ملك الناس- إله الناس) وقد اشتملت هذه الإضافات الثلاث على جميع قواعد الإيمان وتضمنت معاني أسمائه الحسنى، أما تضمنها لمعاني الأسماء الحسنى:

فان الرب: هو القادر، الخالق، البارئ، المصور، الحي، القيوم، العليم، السميع، البصير، الحسن، المنعم، الجواد، المعطى المناع، الضار النافع، المقدم المؤخر، الذي يضل من يشاء ويهدي من يشاء، إلى غير ذلك من معاني ربوبيته التي له منها ما يستحق من الأسماء الحسنى.

وأما الملك: فهو الآمر، الناهي، المعز، المذل، الذي يصرف أمور عباده كما يحب ويقلبهم كما يشاء، وله من معنى الملك ما يستحق من الأسماء الحسنى، كالعزيز، الجبار، المتكبر، الحكم، العدل، الخافض، الرافع، المعز المذل، العظيم، الجليل، الكبير الحسيب، المجيد، الولي، المتعال، مالك الملك، المقسط الجامع إلى غير ذلك من الأسماء العائدة إلى الملك.

وأما (الإله) : فهو الجامع لجميع صفات الكمال ونعوت الجلال، فيدخل في الاسم جميع الأسماء الحسنى والصفات العلى، فقد تضمنت هذه الأسماء

ص: 367

الثلاثة جميع معاني أسمائه الحسنى، فكان المستعيذ بها جديراً بان يُعاذ، ويُحفظ، ويُمنع من الوسواس الخناس، ولا يسلط عليه (1) .

ويتضح من هذا العرض ان ملك الله جل وعلا تفرد فيه بالقوة والعظمة والقدرة المطلقة، والضر والنفع، والأفضال والإحسان، والإحياء والإماتة كما قال جل شأنه:{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ*الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} (2) ، وتفرده بالإحاطة بكل شيء، ونفاذ تصرفه في كل شيء، وحسن تدبيره وحكمته بوضع الأمور في مواضعها، فهو الملك الحق المقدس المنزه، وهو الملك القدوس العزيز الحكيم، وهو المقدم المؤخر، المعطي النافع، الذي يأتي الملك ممن يشاء وينزع الملك ممن يشاء كما يقول جل شأنه {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (3) .

قال القرطبي: وهذا الاسم من أمهات الأسماء وهو يحتوي على معاني أكثرها، أو على كلها، فليس في الأسماء ما يعارضه، ولهذا انفرد سبحانه اسماً واستحق التسمية به لعشرة أمور لا توجد لغيره:

أحدها: وجود افتقار الملك إليه.

(1) - بدائع الفوائد للعلامة الجليل الإمام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر الحنبلي الدمشقي المعروف بابن القيم الجوزية صاحب التأليف الماتعة والأخلاق الفاضلة والفقه الغزير، ج (2) ص (249) ، والجامع لأسماء الله الحسنى (269) .

(2)

- سورة الملك الآيتان (1-2) .

(3)

- سورة آل عمران الآيتان (26-27) .

ص: 368

والثانية: ان ملك كل الملك منه.

والثالث: انه يقول للشيء كن فيكون.

والرابعة: ثبوت الملك له قبل وجود الملك والمملوك.

والخامسة: استغناؤه عن الأعوان.

والسادسة: عموم الملك في الدنيا والآخرة.

والسابعة: ان جنده لا يحصون كثرة وقوة.

والثامنة: ان ملكه لا يبيد.

والتاسعة: ان العقول تحيل الشركة عليه.

والعاشرة: إحاطته سبحانه بملكه إحاطة لا يغيب عنه منها دقيق ولا جليل: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (1) .

وقال القاضي أبو بكر العربي: واختص سبحانه بنعوت- اقتضاها كونه ملكاً - جماعها احد عشر حكماً:

احدها: انه يعز من يشاء ويذل من يشاء ويستحيل عليه الإذلال.

الثانية: انه المملك لغيره السالب له.

الثالث: انه الممكن لسواه المانع له.

الرابع: انه يولي ويعزل ولا يتوجه عليه بالعزل.

الخامس: انه المنفرد بالعز والسلطان لا يشارك فيه احد.

السادس: انه يقضي ولا يقضى عليه.

السابع: ان الإنفاق إليه، يرزُق ولا يرزَق، ويطعِم ولا يطعَم.

الثامن: انه يؤلم ولا يتألم.

(1) - سورة الحديد الآية (3) .

ص: 369

التاسع: انه يضر وينفع، ولا يتوجه عليه الضر والنفع.

العاشر: انه يَحرس ولا يُحرس.

الحادي عشر: ان العرض عليه، والثواب والعقاب إليه، والعفو لا يرجى إلا لديه، وفي كل نعت منها أية وحديث يدل عليه (1) .

وقد أحسن من قال:

ملك تدين له المُلوك وَيلتجى

يَومَ القيامة فقرهم بِغناه

هُوَ أوّل هُوَ آخر هو ظاهر

هُوَ باطِن لَيسَ العيون تَراه

حجبته أَسرار الجَلال فَدونه

تَقِف الظنون وَتخرس الافواه

صمد بِلا كفء وَلا كَيفية

أَبدا فَما النظراء والاشباه

شهدت غَرائب صنعه بوجوده

لَولاه ما شهدت به لَولاه

واليه أذعنت العُقول فآمنت

با لغيب تؤثر حبها اياه

سُبحان من عنت الوجوه لوجهه

وَله سجود أَوجه وَجباه

طوعا وَكرها خاضعين لعزه

فَله عليها الطوع والإكراه

سل عنه ذرات الوجود فانها

تدعوه معبودا لها رباه

ما كانَ يعبد من اله غيره

وَالكل تحت القهر وَهواله

أَبدى بمحكم صنعه من نطفة

بشرا سويا جل من سواه

وَبَني السَموات العَلي وَالعَرش

وَالكرسيّ ثم عَلى الجَميع علاه

وَدحا ببسط الأَرض فَرشا مثبتا

بالراسيات وَبالنبات حلاه

(1) - الآسنى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العلى للإمام شمس الدين أبي عبد الله القرطبي ص (451-452) ، راجعه وأشرف على تحقيقه أبو عبد الله مصطفى بن العدوي تحقيق الشحات الطحان، الناشر مكتبة فياض المنصورة مصر الطبعة الأولى 1427هـ2006م.

ص: 370