الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال العلامة/ عبد الحميد بن محمد المهدي (1) رضي الله عنه:
دعني أُمتع مقلتي وجَناني
…
فلقد نزلت-كما ترى- بِجنانِ
المرء يعجبه الجمال بطبعه
…
حب الجمال غريزة الإنسان (2)
حب الله
لمحبة الله حلاوة في النفس توجب إتباع الحق، ومحبة الخلق، قال الشاعر:
إن المحب إذا أحب إلهه
…
طار الفؤاد وألهم التفكيرا
فاسأل هدايتك الإله بنية
…
فكفى بربك هادياً ونصيرا
وفي الحديث النبوي: (ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ)(3) .
فحب الله يقتضي طاعته ومحبة خلقه، ومحبة أعمال البر، والنفور عن المعصية، فإذا كنت تحب الله فلا تعصه، وإذا كنت ترجو الله فلا تؤذه، فإن عصيانك لله يتنافى مع ادعاء حبه، وقد جاء في شعر محمود الوراق:
(1) - هو الشاعر والأديب الكبير والفقيه المحقق العلامة عبد الحميد بن محمد المهدي صاحب القلم السيال والذهن الوقاد واللسان العذب، قال عنه الدكتور والأديب الكبير عبد العزيز المقالح:"عبد الحميد محمد المهدي شاعر رقيق الشعور صادق التعبير تتحرك شاعريته تجاه كل حدث إنساني قريباً كان أو بعيداً، فهو من القلة القليلة من بني الإنسان الذين يصرون على ان يكتبوا الشعر وأن يستخدموا كلمات اللغة في إيجاد حالات نغمية تحمل من المعاني والصور البديعة ما يعكس اهتزازات النفس تجاه ما يعتريها في حالات الحزن والسرور واستحضار القضايا والمواقف التي تؤثر في حياتنا من قريب أو بعيد". شارك في الحياة العامة بعد تخرجه من المدرسة العلمية ثم من جامعة صنعاء وتقلد عدة مناصب كان يؤدي عمله فيها بعفة ونزاهة واقتدار، وهو الآن الوكيل المساعد لوزارة النقل، صدرت له عدة دواوين: بين يدي الإسراء، ومن أوراق العمر، وألوان، وانظر ما قاله عنه الدكتور المقالح في مقدمة ديوانه (من أوراق العمر) .
(2)
- انظر: من أوراق العمر ص111، من اصدارات اتحاد المبدعين العرب فرع اليمن، صنعاء، الطبعة الأولى 1427هـ2006م.
(3)
- أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الإيمان حديث (16) .
تَعصي الإِلَهَ وَأَنتَ تُظهِرُ حُبَّهُ
…
هَذا مَحالٌ في القِياسِ بَديعُ
لَو كانَ حُبُّكَ صادِقاً لأَطَعتَهُ
…
إِنَّ المُحِبَّ لِمَن يُحِبُّ مُطيعُ (1)
فلا تجعل محبتك كلها إلا لله ثم محبة من يحب؛ يكمل إيمانك، ويزدهر بالخير عرفانك، وتكن في عداد المتقين، ولا تحب شيئاً محبةً تساوي محبته لكي لا تكون من الظالمين الذي اتخذوا من دون الله أنداداً وجعلوا له من خلقه أضداداً، وفي الذكر الحكيم:{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} (2) .
فالقلوب المحبة لله تمتلئ نوراً، وتزداد سروراً، ويجلس أصحابها على منابر من نور يوم القيامة، لأنهم أحبوا الله وأحبوا من أحب، ففي الحديث النبوي:(قَالَ اللَّهُ عز وجل الْمُتَحَابُّونَ فِي جَلالِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمْ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ)(3) .
وما أجمل قول الشاعر:
قلوب براها الحب حتى تعلقت
…
مذاهبها في كل غرب وشارق
تهيم بحب الله والله ربها
…
معلقة بالله دون الخلائق
(1) - ينسب هذان البيتان للوراق وللامام عبد الله بن المبارك المتوفى سنة 181هـ، وجاءت في ديوانه ص (50) ، الطبعة الثانية 1429هـ، دار اليقين للنشر والتوزيع المنصورة مصر، وجاء في ديوان الامام الشافعي رضوان الله عليه مع زيادة بيت يقول فيه:
…
في كُلِّ يَومٍ يَبتَديكَ بِنِعمَةٍ
…
مِنهُ وَأَنتَ لِشُكرِ ذاكَ مُضيعُ،
ونسبت الى غيرهم والله اعلم.
(2)
- سورة البقرة الآية (165) .
(3)
- أخرجه الترمذي في سننه باب ما جاء في الحب في الله حديث (2390) .
ولله در احمد شوقي حيث يقول:
وَمَن يَعدِل بِحُبِّ اللَهِ شَيئاً
…
كَحُبِّ المالِ ضَلَّ هَوىً وَخابا
وقال آخر:
أُحِبُّكِ أَصنافاً مِنَ الحُبِّ لَم أَجِد
…
لَها مَثَلاً في سائِرِ الناسِ يوصَفُ
فَمِنهُنَّ حُبٌّ لِلحَبيبِ وَرَحمَةٌ
…
بِمَعرِفَتي مِنهُ بِما يَتَكَلَّفُ
وَمِنهُنَّ أَلّا يَعرِضَ الدَهرُ ذُكرَها
…
عَلى القَلبِ إِلا كادَتِ النَفسُ تَتلَفُ
وَحُبٌّ بَدا بِالجِسمِ وَاللَونِ ظاهِرٌ
…
وَحُبٌّ لَدى نَفسي مِنَ الرَوحِ أَلطَفُ
ويرحم الله الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث يقول:
قَريحُ القَلبِ مِن وَجَعِ الذُنوبِ
…
نَحيلُ الجِسمِ يَشهَقُ بِالنَحيبِ
أَضرَّ بِجِسمِهِ سَهَرُ اللَيالي
…
فَصارَ الجِسمُ مِنهُ كَالقَضيبِ
وَغَيَّرَ لَونَهُ خَوفٌ شَديدٌ
…
لِما يَلقاهُ مِن طَولِ الكَروبِ
يُنادي بِالتَضَرُّعِ يا إِلَهي
…
أَقِلني عَثرَتي وَاِستُر عُيوبي
فَزِعتُ إِلى الخَلائِقِ مُستَغيثاً
…
فَلَم أَرَ في الخَلائِقِ مِن مُجيبِ
وَأَنتَ تُجيبُ مَن يَدعوكَ رَبّي
…
وَتَكشِفُ ضُرَّ عَبدِكَ يا حَبيبي
وَدائي باطِنٌ وَلَدَيكَ طِبُّ
…
وَمِن لي مِثلَ طِبِّكَ يا طَبيبي
والإمام علي رضي الله عنه في هذه المقطوعة الشعرية يصف نفسه بأنه جريح القلب من وجع الذنوب وانه ضعيف الجسم يشهق بالبكاء، غير لونه خوف شديد مما يلقاه، وانه التجأ إلى الله يناديه بالتضرع ليقيل عثرته وينهضه مما هو فيه، وانه فزع إلى الناس فلم يجد منهم نجدة، وان الله هو