الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الإقليشي: منع الشرع ما أطلقه العرب من هذا الاسم على المخلوق، وحجر أن يسمى موجود في الوجود خالقاً غير الله تعالى؛ لأنه مخترع الأعيان ومقدر الأشياء، فاتصاف العبد بالاختراع باطل قطعاً، واتصافه بالتقدير مجاز، لأن التقدير الذي يقدره العبد مخترع له في الوقت الذي يقدره فهو منسوب لله تعالى حقيقة وللعبد مجازاً. (1)
والخلاصة: أن الخلق بمعنى الإيجاد من العدم مختص به سبحانه وتعالى،
…
أما الخلق بمعنى التجميع من شيء أوجده الله وتركيبه أو توظيفه ضمن النواميس التي قدرها الله تعالى وأوجدها وعلمها الإنسان وأذن الحق سبحانه وتعالى بإستعمالها وتوظيفها وتركيبها فهذا قد ينسب إلى الإنسان لا على سبيل الحقيقة والإيجاد من العدم، وذلك كصناعة السيارات مثلاً أو غير ذلك من الإلكترونيات، فإن الله خالق المواد والإنسان أبدع في تركيب وتوظيف هذه المواد، وكتركيب الكلمات ومنه قوله تعالى:{وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً} (2) .
ثمرة معرفة اسم الله الخالق وحده لا شريك له
إذا عرف المكلف أن الله جل وعلا وحده لا شريك له خالق كل شيء وحده لا شريك له، وعرف أن السموات والأرض ومن فيهن والكون بما فيه مخلوق له سبحانه وتعالى؛ آمن به ووجب عليه أن يفرده بالعبادة، قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ
(1) - الآسنى في شرح اسماء الله الحسنى ص408.
(2)
- سورة العنكبوت الآية (17) .
الْعَالَمِينَ} (1)، وقال جل شأنه:{ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} (2) ، وأن يشكره على نعمة الخلق فهو الذي أعطى كل مخلوق خصائصه في التصوير، وقدر رزقه، فبيد الخالق البارئ المصور كل شئون الخلق، يمنعهم ويعطيهم ويتفضل عليهم ويرحمهم.
ولهذا فإن المؤمن يعبد الله ويرجوه ويسأله الرحمه والفوز والفلاح، لأنه يعلم أن الله خالق كل شيء، فهو يعبد الله، ويرحم عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء، وفي الحديث النبوي:(إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِائَةَ رَحْمَةٍ كُلُّ رَحْمَةٍ طِبَاقَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ فَجَعَلَ مِنْهَا فِي الأَرْضِ رَحْمَةً فَبِهَا تَعْطِفُ الْوَالِدَةُ عَلَى وَلَدِهَا وَالْوَحْشُ وَالطَّيْرُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَكْمَلَهَا بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ)(3) .
ولهذا فإن من عرف أن الله خالقه ورازقه، وأن مدار الدنيا، وكل نفع وضر، وإعطاء ومنع، وإحياء وإماته، ومجازات على الحسنات والسيئات؛ بيد الله؛ التزم طاعة خالقه وابتعد عن ظلم الناس، وعاش في سعادة، ومات على التوحيد، قال تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ * قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَاّ عَلَيْهَا وَلَا
(1) - سورة الأعراف الآية (54) .
(2)
- سورة الأنعام الآية (102) .
(3)
- أخرجه مسلم في صحيحه باب في سعة رحمة الله تعالى حديث (4946) .