الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الحسن: ابن آدم، أنتَ أسيرٌ في الدنيا، رَضيتَ من لذّتها بما يَنْقضي، ومن نَعِيمها بما يَمْضي، ومن مُلْكها بما يَنْفد، فلا تَجمْع الأوزار لِنَفْسك ولأهلك الأمْوال، فإذا مِتّ حملتَ الأوزار إلى قَبْرك، وتركتَ أموالَك لأهلك. أخذ أبو العتاهية هذا المعنى فقال:
أبْقَيْتَ مالَك مِيراثاً لوارِثه
…
فليتَ شِعْرِيَ ما أبقى لك المالُ
القومُ بَعدك في حالٍ تَسرُّهم
…
فكيفَ بَعدهم دارت بك الحال
مَلُّوا البُكاء فما يَبْكيك من أحد
…
واستَحْكَم القِيلُ في الميراث والقَال
وفي الحديث المرفوع: أشدّ الناس حَسْرَةً يوم القيامة رجلٌ كَسب مالاً من غير حِلِّه فدخلَ به النارَ، وورَّثه مَن عَمِل فيه بطاعة اللهّ فَدَخل به الجنة.
فتنة المال وميل الناس إلى صاحبه
الناس يفتتنون بالمال، ويميلون إلى صاحبه، والعاقل لا يغتر بهذه الشهوة، ولا يسعى إلى هذه الفتنة في كل الأحوال، ومن أراد السلامة من ذلك فإنه لا يسعى لجمع المال إلا من الحلال، ولا يشبع رغبته وشهوته في جميع الأحوال لأنه يعلم أن مصير ذلك إلى الزوال، وفي محكم التنزيل:{وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (1)، وفي سورة التغابن:{إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (2) .
(1) - سورة الأنفال الآية (28) .
(2)
- سورة التغابن الآية (15) .
وفي كلام بعض الشعراء التمقت من محاربة من لا مال له ونعت صاحب المال بالشرف:
أرى الناس للصعلوك (1) حرباً ولا أرى
…
لذي نشب إلا خليلاً مصافياً
أرى المال يغشى ذا الوصومِ (2) فلا ترى
…
ويدعى من الأشراف من كان غانياً (3)
ولعقيل بن علفة:
إني ليحمدني الخليل إذا اجتد مالي
…
ويكرهني ذوي الأضغانِ
وأبيت تخلجني (4) الهموم كأنني
…
دلو السقاة تمد بالأشطانِ (5)
وأعيش بالبلل (6) القليل وقد أرى
…
أن الرموس مصارع الفتيانِ
ولقد علمت لئن هلكت ليذكرن
…
قومي إذا عكف النجي مكاني (7)
(1) - الصعلوك: الفقير وهو القرصوب والسبروت.
(2)
- الوصوم: العيوب
(3)
- غانيا: أي غنياً ومعنى ذا غنى، أورد هذين البيتين الشريف المرتضى لبعض الشعراء ولم يسمية، وانظر: أمالي العلامة الشريف المرتضى: (355 - 436 هـ/ 966 - 1044م) علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم أبو القاسم. من أحفاد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، نقيب الطالبيين، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر يقول بالاعتزال مولده ووفاته ببغداد. وكثير من مترجميه يرون أنه هو جامع نهج البلاغة، لا أخوه الشريف الرضي. له تصانيف كثيرة منها (غرر الفرائد ودرر القلائد -ط) يعرف بأمالي المرتضى، و (الشهاب بالشيب والشباب -ط) ، و (تنزيه الأنبياء -ط) و (الانتصار -ط) فقه، و (تفسير العقيدة المذهبة -ط) شرح قصيدة للسيد الحميري، و (ديوان شعر -ط) . ص371، الطبعة الثانية، الناشر: دار التكاب العربي بيروت.
(4)
- تخلجني: أي تشغلني كذا ذكره صاحب اللسان واستشهد بالبيت.
(5)
- الأشطان: الحبال
(6)
- البلل في الأصل: ما بل الحلق من ماء أو لبن أو غيره.
(7)
- الشاعر يصف نفسه بحفظ الأسرار، فكأنه يقول إذا مت والناس يناجون غيري فيفشى أسرارهم فيذكرني عند ذلك ويذكر مكاني.