الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجاء في شعر الإمام الشافعي رضي الله عنه:
إِذا رُمتَ أَن تَحيا سَليماً مِنَ الرَدى
…
وَدينُكَ مَوفورٌ وَعِرضُكَ صَيِّنُ
فَلا يَنطِقَن مِنكَ اللِسانُ بِسَوأَةٍ
…
فَكُلُّكَ سَوءاتٌ وَلِلناسِ أَلسُنُ
وَعَيناكَ إِن أَبدَت إِلَيكَ مَعائِباً
…
فَدَعها وَقُل يا عَينُ لِلناسِ أَعيُنُ
وَعاشِر بِمَعروفٍ وَسامِح مَنِ اِعتَدى
…
وَدافِع وَلَكِن بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ
الصمت وأدب اللسان
إن من لزم الصمت غدا في عقله فاضلاً، وفي جهله عاقلاً، وفي قدرته حليماً، وفي عجزه حكيماً، وقد قيل:"إياك وفضول الكلام فإنه يظهر من عيوبك ما بطن ويحرك من عدوك ما سكن، فكلام المرء بيان فضله وترجمان عقله، فالعاقل من اقتصر على الجميل، واقتصر من الكلام على القليل"، فخير الناس من حفظ لسانه، وكف عن عرض أخيه واعرض عمّا لا يعنيه، وفي الحديث النبوي حكمة ومثل:(مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ)(1) .
وقال أبو حاتم رضي الله عنه: الصمت يكسب المحبة والوقار، ومن حفظ لسانه أراح نفسه، والرجوع من الصمت أحسن من الرجوع عن الكلام، والصمت منام العقل والمنطق يقظته، وعن أنس أن لقمان قال:"من الحكم الصمت وقليل فاعله"، وأنشد للكريزي:
أقلل كلامك واستعذ من شره
…
إن البلاء ببعضه مقرون
واحفظ لسان واحتفظ من غييه
…
حتى يكون كأنه مسجون (2)
وقال مالك بن أنس: كل شيء ينتفع بفضله إلا الكلام فإن فضله يضر.
(1) - أخرجه الترمذي في سننه باب فيمن تكلم بكلمه يضحك بها الناس حديث (2317) .
(2)
- ووردت أيضا منسوبة لعبد الله بن طاهر.
وقال أبو الدرداء: لا خير في الحياة إلا لأحد رجلين منصت واعٍ أو متكلم عالم. (1)، ولقد أحسن من قال:
إِن كانَ يُعجِبُكَ السُكوتُ فَإِنَّهُ
…
قَد كانَ يُعجِبُ قَبلَكَ الأَخيارا
وَلَئِن نَدِمتَ عَلى سُكوتِكَ مَرَّةً
…
فَلَقَد نَدِمتَ عَلى الكَلامِ مِرارا
وفي الامثال السائرة: عي الصمت أحسن من عي المنطق، العِيُّ-بالكسر المصدر-،والعَيُّ-بالفتح-الفاعل، يعني عِيٌ مع صمت خير من عي مع منطق، وهذا كما يقال السكوت ستر ممدود على العي، وفدام (2) على الفدامة.
قال الشاعر:
خَلِّ جَنبَيكَ لِرامِ
…
وَاِمضِ عَنهُ بِسَلامِ
مُت بِداءِ الصَمتِ خَيرٌ
…
لَكَ مِن داءِ الكَلامِ
عِش مِن النَاسِ إنْ اسطعـ
…
ـت سَلاماً بِسَلامِ (3)
وقديماً قيل: عثرة القدم اسلم من عثرة اللسان، وليس من العدل سرعة العذل، أي لا تعجل فيما تقول أو فيما تأتي قبل ان تعرف العذر لأنك ربما وقعت في الخطأ.
وقد قال بعض الصالحين: "الزم الصمت يُكسبك صفو المحبة، ويأمنك سوء المغبة، ويلبسك ثوب الوقار، ويكفك مؤنة الاعتذار"، وقيل:"الصمت آية الفضل، وثمرة العقل، وزين العلم، وعون الحلم؛ فالزمه تلزمك السلامة"،
(1) - روضة العقلاء ص37.
(2)
- الفدام- بوزن سحاب او كتاب- المصفاة تجعل على فم الابريق ليصفى ما فيه.
(3)
- وردت هذه الابيات في مجمع الامثال للميداني ج (2) ص (25) غير منسوبة الى قائل بعينه، غير انها وردت هذه الابيات منسوبة الى ابي نواس في ديوانه والله اعلم.