الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوطن
إن محبة الأوطان، ومؤانسة الإخوان، والتمتع بنعم الله الوهاب المنان، من أمور الفطرة التي جُبِل عليها الإنسان، وتتوق إليها أفئدة الشيوخ والكهول والشباب والولدان، فالحنين إلى الأوطان والشوق إليها في سائر الأزمان ومختلف البلدان، أمر طالما تحدث عنه الفصحاء، ونطق به البلغاء، ونظمه الشعراء، ويرحم الله يحيى بن إبراهيم جحاف حيث يقول:
إنما المقصد الحسن
…
أبدا رؤية الوطن
واجتماعي بمن به
…
وبقلبي الشجي سكن
وطني حيث لم يكن
…
لي في غيره شجن
إنه برؤ ساعة
…
من أذى البث والحزن
وهو قوت القلوب إن
…
عافت الزبد واللبن
كلما عنَّ ذكره
…
سنح الشوق لي وعن
وإذا حن طائر
…
حن قلبي هوى وأن
يا نزول بسفحه
…
أنتم من ذوي الفطن
هـ
إلى أن قال:
أصبح الروح في حبور
…
وفي ريمة البدن
كم وكم فيه من رشا
…
يشبه الشادي الأغن
قلت والروح في يديه
…
مني الروح مرتهن
أبرزوا وجهه المليـ
…
ـح ولاموا من افتتن
لو أرادوا صلاحنا.... ستروا وجهه الحسن
والوطن:هو الأقليم من الأرض الذي أتخذته مجموعة من الناس موضع للاقامة والسكن والعيش المشترك فهو موضع الأقامة،ومنه كلمة مواطن الذي جاء بها القران الكريم قال تعالى:{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ} التوبة25 وفي المنار المواطن جمع موطن والأصل فيه مقر الإنسان ومحل أقامته كالوطن،وهذه المواطن كانت محل للنصرة والعلو وتجد مصطلح الإرض بمعنى الوطن قد جاء في قوله تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} النور55، وفي الأمثال السائرة يحن اللبيب الى وطنه كما يحن النجيب إلى عطنه (1) وقال الشاعر:
أحن حنين النيب للموطن الذي
…
مغاني غوانيه إليه جواذبي
ومن سار عن أرض ثواى قلبه بها
…
تمنا له بالجسم أوبت آيب (2)
(1) - التمثيل والمحاضرة ص 298.
(2)
- وردا هذان البيتان في معجم كنوز الأمثال منسوبه لابن حميدس، وفي المفردات النيب جمع الناب وهي الناقة المسنة