الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال آخر:
أف وتف لمن مودته
…
إن زلت عنه سويعةً زالت
إن مالت الريح هكذا أو كذا
…
مال مع الريح حيثما مالت (1)
ولبعض الشعراء:
وما أحب إذا أحببت مكتتماً
…
يبدي العداوة أحياناً ويخفيها
تظل في قلبه البغضاء كامنةً
…
فالقلب يكتمها والعين تبديها
والنفس تعرف في عيني محدثها
…
من كان من سلمها أو من أعاديها
عيناك قد دلتا عيني منك على
…
أشياء لولاهما ما كنت أدريها
مصاحبة الجاهل والأحمق
الناس في أخلاقهم وأوصافهم أجناس وإن كان أصلهم واحداً، فإنهم يختلفون باختلاف البيئات التي تربوا فيها، والأمور التي نشأوا عليها، ولهذا اعتبر الناس باخدانهم -أي أصدقاءهم- وروي عن مالك أنه قال: الناس أشكال كأجناس الطير: الحمام مع الحمام، والغراب مع الغراب، والبط مع البط، والصعو (2) مع الصعو، وكل إنسان مع شكله. قال الشاعر:
يقاس المرء بالمرء إذا ما هو ماشاه
…
وذو العُر (3) إذا ما احتك ذا الصحة أعداه
وللشيء من الشيء مقاييس وأشباه
…
وللروح على الروح دليل حين يلقاه
(1) - بهجة المجالس ج2ص720 ، والموسوعة الشعرية ص313.
(2)
- الصعو: طائر أصغر من العصفور أحمر الرأس.
(3)
- العُر: بظم العين الجرب.
وقال آخر:
إِنَّ القُلوبَ لأَجنادٌ مُجَنَّدَةٌ
…
لِلَّهِ في الأَرضِ بِالأَهواءِ تَختَلِفُ
فَما تَعارَفَ مِنها فَهوَ مُؤتَلِفٌ
…
وَما تَناكَرَ مِنها فَهوَ مُختَلِفُ
وفي الحديث النبوي: (الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ)(1) .
وقال أبو حاتم رضي الله عنه: العاقل يجتنب مواشاة المريب في نفسه، ويفارق صحبة المتهم في دينه، لأن من صحب قوماً عرف بهم، ومن عاشر أمرءاً نسب إليه، والرجل لا يصاحب إلا مثله أو شكله، فإذا لم يجد المرء بداً من صحبة الناس تحرى صحبة من زانه إذا صحبه، وإن رأى منه حسنة عدّها، وإن رأى منه سيئةً سترها، وإن سكت عنه ابتدأه، وإن سأله أعطاه (2) ، وذلك لا يكون في أحمق أو جاهل،
…
لأن الجاهل يجهل حق الصداقة وحظها، والأحمق إن لم يعدك من حمقه تدنست بعشرته، بل ربما أصابك ضررٌ من صداقته، فإنك إن أعرضت عنه اغتم، وإن أقبلت عليه اغتر، وإن حلمت عنه جهل عليك، وإن أحسنت إليه أساء إليك، قال الشاعر:
لا تصحب الجاهـ
…
ـل إياك وإياه
فكم من جاهل أردى
…
حليماً حين آخاه
(1) - أخرجه مسلم في صحيحه باب الأرواح جنود مجندة حديث (4773) .
(2)
- روضة العقلاء ص88.
يقاس المرء بالمرء
…
إذا ما هو ماشاه
وللشيء من الشيء
…
مقاييس وأشباه
وللقلب على القلب
…
دليل حين يلقاه
قال مسكين الدارمي:
اتقِ الأحمق أَن تصحبه
…
إِنَّما الأَحمق كالثوب الخلق
كُلما رقعت منه جانباً
…
حرّكته الريح وهناً فانخرق
أَو كصدع في زجاج فاحش
…
هَل ترى صدع زجاج متفق
وَإِذا جالسته في مجلسٍ
…
أَفسد المجلس منه بالخرق
وإِذا نهنهته كي يرعوي
…
زاد جهلا وَتَمادى في الحمق
واذا الفاحش لاقى فاحشاً
…
فهناكم وافق الشن الطبق
إِنَّما الفحش ومن يعتاده
…
كَغُراب السوء ما شاء نعق
أَو حمار السوء إِن أَشبعته
…
رمح الناس وان جاع نهق
وَغلام السوء إِن جوَّعته
…
سرق الجار وان يشبع فسق
أَيُّها السائل عما قد مَضى
…
هَل جديد مثل ملبوس خلق
أَنا مسكين لمن انكرني
…
ولمن يعرفني جد نطق
لا أَبيع الناس عرضي إِنَّني
…
لَو أَبيع الناس عرضي لنفق
وقال آخر:
لن يسمع الأحمق من واعظ
…
في رفعه الصوت وفي همه
لن تبلغ الأعداء من جاهل
…
ما يبلغ الجاهل من نفسه
والحمق داء ما له حيلة
…
ترجى كبعد النجم في لمسه
وقيل: "لا تؤاخ الفاجر فإنه يزين لك فعله، ويحب لو أنك مثله، ويزين لك أسوء خصاله، ومدخله عليك ومخرجه من عندك شين وعار.
…
ولا الأحمق فإنه يجتهد بنفسه لك ولا ينفعك، وربما أراد أن ينفعك فيضرك، فسكوته خير من نطقه، وبعده خير من قربه، وموته خير من حياته.
…
ولا الكذاب فإنه لا ينفعك معه عيش، ينقل حديثك، وينقل الحديث إليك، حتى كأنه ليحدث بالصدق فيصدق. (1)
وقال بعض الحكماء: "من أخلاق الحمق: العجلة والخفة والجفاء والغرور والفجور والسفه والجهل والتواني والخيانة والظلم والضياع والتفريط والغفلة والسرور والخيلاء والفجر والمكر، وإن استغنى بطر، وإن افتقر قنط، وإن فرح أشر، وإن قال فحش، وإن سأل ألح، وإن قال لم يحسن، وإن قيل له لم يفقه، وإن ضحك نهق، وإن بكى خار".
وقيل: "يعرف الأحمق بست خصال: الغضب من غير شيء، والإعطاء في غير حق، والكلام من غير منفعة، والثقة بكل أحد، وإفشاء السر، وأن لا يفرق بين عدوه وصديقه، ويتكلم ما يخطر على قلبه، ويتوهم أنه أعقل الناس".
وقال أبو حاتم بن حيان الحافظ: من علامات الحمق سرعة الجواب، وترك التثبت، والإفراط في الضحك، وكثرة الالتفات، والوقيعة في الأخيار، والاختلاط بالأشرار. فمن ابتلي بصحبة الأحمق فليكثر من حمد الله على ما وهب له مما حرمه ذاك. قال محمد الشامي:
(1) - روي هذا الكلام عن الإمام علي رضي والله عنه.