الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالصبر على المكاره تحمد عواقبه، ولهذا قيل:"عواقب المكاره محمودة"، وقيل:"عند الصباح يحمد القوم السرى"، وقولهم:"لا تدرك الراحة إلا بتعب"، قال ابن عبدربه: أخذ هذا المثل حبيب فقال:
على أنني لم أحوِ مالاً مجمعاً
…
ففزت به إلا بشمل مبددِ
ولم تعطني الأيام نوماً مسكناً
…
ألذ به إلا بنوم مشردِ
وأحسن منه قوله:
بَصُرتَ بِالراحَةِ الكُبرى فَلَم تَرَها
…
تُنالُ إِلّا عَلى جِسرٍ مِنَ التَعَبِ
الحر الصابر لا يريق ماء وجهه
الصابر لا يريق ماء وجهه ولا يظهر التأفف والتضجر من حكم ربه، فحفظ ماء الوجه يعني عدم الابتذال والإسراف في الطلب، ورحم الله علي بن الجهم حيث يقول:
أَقِلّي فَإِنَّ اللَومَ أَشكَلَ واضِحُهْ
…
وَكَم مِن نَصيحٍ لا تُمَلُّ نَصائِحُهْ
مَتى هانَ حُرٌّ لَم يُرِق ماءَ وَجهِهِ
…
وَلَم تُختَبَر يَوماً بِرَدٍّ صَفائِحُهْ
سَأَصبِرُ حَتّى يَعلَمَ الصَبرُ أَنَّني
…
أَخوهُ الَّذي تُطوى عَلَيهِ جَوانِحُهْ
وَأَقبَلُ مَيسورَ الزَمانِ وَإِنَّما
…
أَرى العَيشَ مَقصوراً على مَن يُسامِحُهْ
فالظفر والنصر والفرج والعز والفلاح تأتي مع الصبر قال الشاعر:
صَبِّرِ النَفسَ عِندَ كُلِّ مُلِمٍّ
…
إِنَّ في الصَبرِ حيلَةَ المُحتالِ
لا تَضيقَنَّ في الأُمورِ فَقَد تُكـ
…
ـشَفُ غَمّاؤُها بِغَيرِ اِحتِيالِ
رُبَّما تَجزَعُ النُفوسُ مِنَ الأَمـ.... ـرِ لَهُ فُرجَةٌ كَحَلِّ العِقالِ (1)
ولبعضهم:
قد يصاب الجبان في أخر الصف
…
وينجو مقارع الأبطال
وللإمام الشافعي رضي الله عنه:
صُنِ النَفسَ وَاِحمِلها عَلى ما يَزينُها
…
تَعِش سالِماً وَالقَولُ فيكَ جَميلُ
وَلا تولِيَنَّ الناسَ إِلّا تَجَمُّلاً
…
نَبا بِكَ دَهرٌ أَو جَفاكَ خَليلُ
وَإِن ضاقَ رِزقُ اليَومِ فَاِصبِر إِلى غَدٍ
…
عَسى نَكَباتُ الدَهرِ عَنكَ تَزولُ (2)
ولإبراهيم بن عباس الصولي:
ولربّ نازِلة يَضيق بِها الفَتى
…
ذَرعاً وَعند اللَّه مِنها مَخرَج
كَمَلَت فَلَمّا اِستكملَت حَلَقاتُها
…
فُرجت وَكانَ يَظُنُّها لا تُفرَج
وقال القاضي شمس الدين احمد بن خلكان في وفيات الأعيان انه ما ردد هذين البيتين من نزلت به نازلة إلا فرج الله عنه، وقد جاء في شعر الحكمة:
وكل شديدة نزلت بقوم
…
سيأتي بعد شدتها رخاء
فان الضغط يحويه وعاء
…
ويتركه إذا فرغ الوعاء
وما ملئ الإناء وسد إلا
…
ليخرج ما به امتلئ الإناء (3)
أما الإمام إبراهيم بن قيس الهمداني الحضرمي فهو يرى انه بالصبر يبلغ ما يؤمله وذلك حيث يقول:
(1) - تنسب هذه الأبيات لعبيد بن الأبرص ونسبها بعض العلماء إلى أميه بن أبي الصلت والله اعلم.
(2)
- نسبت هذه الأبيات للشافعي، وكذلك للإمام علي، رضي الله عنهما.
(3)
- نسبت هذه الأبيات لقيس بن الخطيم، ونسبت أيضا إلى الربيع بن أبي الحقيق، ونسبت لعلي بن مقلة، والله اعلم.