المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مراحل نمو خلق الإنسان تدل على أن الله وحده الخالق المنان - صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال - جـ ١

[حسين بن محمد المهدي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأولالعِلْم

- ‌العلم هو إدراك الشيء بحقيقته

- ‌بقاء العلم

- ‌العلم عون الدين

- ‌العلم يرفع الله به الوضيع

- ‌العلم عنوان العز

- ‌أشرف العلوم

- ‌مبادئ العلوم

- ‌الجد في طلب العلم

- ‌محبة العلم

- ‌تكريم المعلم

- ‌المعلم الذي لا يؤدي واجبه

- ‌المعلم الذي يخالف علمه عمله

- ‌ترك المعاصي سبب في حفظ العلوم وجمعها

- ‌إنفاق العلم وعدم جواز كتمه

- ‌القصة في الحديث النبوي

- ‌الجهل يضاد العلم

- ‌العليم الخبير في أسماء الله الحسنى

- ‌علم الله جل وعلا علم تفرده به

- ‌ثمرة معرفة اسم الله تعالى العليم الخبير

- ‌دعاء الله باسمه العالم العليم

- ‌الفصل الثانيالعَقْل

- ‌العقل

- ‌العقل والهوى متعاديان

- ‌عداوة العاقل خير من صداقة الأحمق

- ‌العقل مناط التدبر وطريق الهدى والرشاد

- ‌العقل نوعان: مطبوع ومسموع

- ‌الإنكار على من لم يُعمِل عقله

- ‌التجارب تزيد في العقل

- ‌الأدب النفسي ودوره في تنمية العقل

- ‌كمال العقل

- ‌القصة

- ‌العقل يرشد الى توحيد الله

- ‌اسم الله دال على جميع الاسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الجامع للاسماء الحسنى

- ‌دعاء الله باسمه الجامع للاسماء الحسنى

- ‌الفصل الثالثالإنسانية أصلها واحد

- ‌الإنسانية أصلها واحد

- ‌القصة

- ‌الإسلام يدعو إلى الأخوة والتعاون

- ‌مبدأ الوحدة الإنسانية والمساواة البشرية

- ‌نجاح الأفراد والأمم وأثر الاتفاق والاختلاف على الأسرة الإنسانية

- ‌مراحل نمو خَلق الإنسان تدل على أن الله وحده الخالق المنان

- ‌الخالق في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الخالق وحده لا شريك له

- ‌دعاء الله باسمه الخالق

- ‌الفصل الرابعالقلم

- ‌القلم

- ‌القلم تحيا به الأمم وتتعلّم

- ‌دور القلم في سعادة الأمم وشقاؤها

- ‌القلم الالكتروني

- ‌الكتابة الإلكترونية: ماهيتها وطبيعتها

- ‌القوة الثبوتية للكتابة الالكترونية

- ‌تسمية ما يكتب فيه عند العرب

- ‌الكَتبُ إنشاؤه وزبره

- ‌السطر

- ‌الكتاب عرضه وحفظه

- ‌الحفيظ والمحصي من أسماء الله الحسنى

- ‌دعاء الله باسمه الحفيظ الحافظ المحصي

- ‌الفصل الخامسالإيمان

- ‌الإيمان

- ‌النجاة في الإيمان بالله

- ‌الرفعة بالإيمان

- ‌الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌القدر في القرآن

- ‌الرضا والتسليم دليل الإيمان

- ‌قصة إيمان أهل الكهف في القرآن

- ‌الإيمان بالله يزيل الهم

- ‌من يؤمن بالله يهدي قلبه

- ‌الخلال الدنيئة ليست من صفات المؤمن

- ‌النفاق يضاد الإيمان

- ‌الإيمان بالغيب

- ‌علم الفلك والنجوم

- ‌الإيمان بأسماء الله وصفاته

- ‌الذكر يقوي الإيمان

- ‌ذكر الله في جوف الليل

- ‌ذكر الله شرف ونعمة

- ‌الدعاء يقوي الإيمان

- ‌من تقرب إلى الله بالدعاء ضمن الإجابة

- ‌المؤمن من أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة التعرف على اسم الله المؤمن

- ‌الفصل السادسالعمل

- ‌العمل

- ‌العمل سبب الغنى

- ‌البكور في طلب الرزق

- ‌الحرفة أو الصنعة ضرورة

- ‌إتقان العمل

- ‌البحث عن العمل

- ‌القصة

- ‌إعطاء العامل أجره

- ‌إعطاء العامل حظه من الراحة

- ‌بعث الهمم على العمل

- ‌الباعث في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الباعث

- ‌الدعاء باسم الله الباعث

- ‌الفصل السابعالسفر والسياحة

- ‌السفر والسياحة

- ‌حقيقة السفر

- ‌السفر فيه قضاء الحوائج

- ‌علاج (الروتين) الممل

- ‌تأكد من قدرتك الصحية على السفر

- ‌آداب السفر

- ‌الابتسامة والبهجة في السفر

- ‌ثلاث نصائح أسديها إليك فلا تنساها في سفرك وحضرك:

- ‌الاستمتاع بالسفر والسياحة لا يعني السقوط في الوحل

- ‌حاجة المسافر إلى قراءة شيء من القرآن في أسفاره

- ‌المشي يعين على الطاعة ويجلب السعادة

- ‌العز والشرف في التنقل

- ‌أخطار السفر في هذا الزمن قليلة فتمتع بنعمته الكبيرة

- ‌الطائرات السابحات في الجو

- ‌السفر يهدي إلى التعرف على عظمة الصانع جلت قدرته

- ‌الهادي من أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الهادي

- ‌دعاء الله باسمه الهادي

- ‌الفصل الثامنالحرية والإباء

- ‌الحرية والإباء

- ‌الحرية التي ليس عليها ضوابط

- ‌الحرية ليس لها ثمن

- ‌لوم الحر نجاة له

- ‌الحر لا يريق ماء وجهه

- ‌الحر يأبى الذل والهوان

- ‌الحر يحفظ الود

- ‌فقد الحر رزيئة

- ‌الفصل التاسعالوطن

- ‌الوطن

- ‌حب الوطن ووصفه

- ‌دعائم المواطنه

- ‌وأنه لا يأثم امرؤ بحليفه،وأن النصر للمظلوم

- ‌خيانة الأوطان جناية

- ‌مرارة الغربة عن الأوطان

- ‌وطن العرب والمسلمين واحد

- ‌خصوصية الوطن الأول

- ‌في الانتقال عن الأوطان

- ‌الفصل العاشرالمال

- ‌المال

- ‌حب المال

- ‌إنفاق المال في وجوه البر

- ‌لا تبخل عن بذل المال

- ‌فتنة المال وميل الناس إلى صاحبه

- ‌ذهاب المال

- ‌الغنى والفقر

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الغني المغني الرزاق

- ‌دعاء الله بأسمه الغني المغني الرزاق

- ‌الفصل الحادي عشرالمُلك والسياسة

- ‌المُلك والسياسة

- ‌الملك هبة الله الواحد المنان

- ‌اختيار الوزراء

- ‌مما يستعان به على السياسة

- ‌وملاك الأمر في هذا كله تقوى الله والرجوع إليه

- ‌فساد بطانة السلطان

- ‌السياسة الرعناء

- ‌خساسة السياسة

- ‌السياسة الرشيدة والملك المحبوب

- ‌طاعة السلطان

- ‌المَلِك مالك المُلك والمليك في الأسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسمه جل وعلا الملك

- ‌دعاء الله باسمه الملك والمَالِك ملك الملُك

- ‌الفصل الثاني عشرالشُكر

- ‌الشُكر

- ‌استدامة النعمة بالشكر

- ‌شكر الخالق واجب

- ‌من شكر الله شكر الناس

- ‌الشكر فيه الزيادة

- ‌الشكر أمان من العذاب

- ‌جحود النعمة والإعراض عن الشكر سبب في الهلاك

- ‌الشكور الشاكر من أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة هذا الاسم

- ‌الفصل الثالث عشرالكِبر

- ‌الكِبر

- ‌الكِبر يغضب الجبار، ويكون سبباً في دخول النار

- ‌المتكبرون شرار الناس

- ‌الكِبر بطر الحق

- ‌أسباب الكبر

- ‌قصه للأحنف بن قيس

- ‌الكبير والمتكبر في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الكبير المتكبر

- ‌دعاء الله باسمه الكبير المتكبر

- ‌الفصل الرابع عشرالتواضع

- ‌التواضع

- ‌حقيقة التواضع وفضيلته

- ‌التواضع فريضة، والعُجب رذيلة

- ‌قصة لهارون الرشيد مع اللأمام مالك

- ‌الفصل الخامس عشرالحُب

- ‌الحُب

- ‌مفردات الحب

- ‌ضرورة الحب وحاجة الناس إليه

- ‌امنح الثقات محبتك

- ‌الحب وآدابه

- ‌آفات الحب

- ‌الحب زينة الحياة

- ‌حب الجمال نعمة

- ‌حب الله

- ‌محبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أكثر محبةً له ولأهل بيته

- ‌محبة المؤمنين

- ‌محبة الله لعبده أعظم نعمة

- ‌الفرق بين الحب والود

- ‌الودود من اسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الودود

- ‌الفصل السادس عشرالجمال

- ‌الجمال

- ‌جمال الإنسان

- ‌جمال الكون

- ‌الجميل في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الجميل

- ‌دعاء الله باسمه الجميل الجليل

- ‌الفصل السابع عشرالحَسَدُ

- ‌الحسد

- ‌الحاسد جاحد

- ‌الحسد خطير وعلاجه عسير

- ‌الحاسد لا يرد قدر الرازق

- ‌الحسد ذميم فلا تتخلق به

- ‌الكرام من الناس تُحسد

- ‌قصة لقيس بن زهير:

- ‌علاج الحسد

- ‌الفصل الثامن عشرالغيبة

- ‌الغيبة

- ‌حد الغيبة

- ‌من اغتاب أغتيب

- ‌قصة للحسن البصري رحمه الله

- ‌علاج الغيبة

- ‌الصمت وأدب اللسان

- ‌الإصغاء إلى الغيبة

- ‌الأعذار المرخصة في الغيبة

- ‌الفصل التاسع عشرالنميمة

- ‌النميمة

- ‌قصة لعمر بن عبد العزيز رحمة الله:

- ‌سوء الظن

- ‌الجاهل يسيء الظن باخوانه

- ‌ثمرة النميمة

- ‌ذو الوجهين

- ‌الفصل العشرونالأمانة

- ‌الأمانة

- ‌تقدير الناس للأمانة

- ‌الأمانة في الإيمان بالله وعبادته

- ‌ترك الأمانة نفاق

- ‌الأمانة في الولايات

- ‌الأمانة في الأسرة

- ‌أمانة الزوجة تقتضي حفظ أسرار زوجها

- ‌تربية الأولاد وتعليمهم أمانة

- ‌الأمانة في الأخلاق والمعاملات

- ‌الخيانة مذمة وندامة

- ‌الخيانة أسوأ ما يبطنه الإنسان

- ‌الفصل الحادي والعشرونالحِلم

- ‌الحِلم

- ‌الحلم حلية العلم

- ‌الحليم حاذق لبيب

- ‌الحلم ثبات ورفعة

- ‌الحليم ذو عزة

- ‌قصة للرشيد

- ‌الحليم اسم من أسماء الله تعالى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الحليم

- ‌دعاء الله باسمه الحليم

- ‌الفصل الثاني والعشرونالرفق

- ‌الرفق

- ‌الرفق يحبه الله

- ‌التزام الرفق ومباينة العنف

- ‌الرفيق من الأسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسمه تعالى الرفيق

- ‌دعاء الله باسمه الرفيق

- ‌الفصل الثالث والعشرونالصبر

- ‌الصبر

- ‌الصبر مفتاح النجاح

- ‌الصبر يعقبه الفرج

- ‌الصبر والرضا به

- ‌الحر الصابر لا يريق ماء وجهه

- ‌الصبور في الأسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسمه تعالى الصبور

- ‌دعاء الله باسمه الصبور

- ‌الفصل الرابع والعشرون‌‌العفو

- ‌العفو

- ‌الكريم يعفو

- ‌العز في العفو

- ‌العفو في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة التعرف على اسم الله العفوُ

- ‌قصة للقمان مع ابنه

- ‌دعاء الله باسمه العفوُ

- ‌الفصل الخامس والعشرونالكرم

- ‌الكرم

- ‌خلق الكريم المحافظة على مكارم الأخلاق

- ‌الكريم يكرم ضيفه

- ‌الكريم يجود ولا يبخل

- ‌قصة لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم

- ‌اللؤم ضد الكرم

- ‌الكرم والبخل لا يتفقان

- ‌فخر الرجال كرمهم

- ‌الأكرم الكريم في أسماء الله الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسم الله الكريم الأكرم

- ‌دعاء الله باسمه الكريم

- ‌الفصل السادس والعشرون‌‌العدل

- ‌العدل

- ‌العدل في الكلام

- ‌العدل في الشهادة

- ‌وصفُ الحسن البصري للإمام العادل

- ‌العدل في القضاء بين الناس

- ‌قصة رواها الأمام علي بن ابي طالب رضي الله عنه

- ‌قصة روتها خولة بنت قيس

- ‌العدل يحبه الله والظلم لا يحبه

- ‌الظلم في الأمثال السائرة

- ‌دعوة المظلوم لا ترد

- ‌الشرك أعظم أنواع الظلم

- ‌عاقبة الظلم

- ‌العدل في الأسماء الحسنى

- ‌ثمرة معرفة اسمه تعالى العدل

- ‌دعاء الله باسمه وصفته العدل

- ‌الفصل السابع والعشرون‌‌الصدق

- ‌الصدق

- ‌الصدق يألفه الكريم

- ‌الصدق يرفع المرء في الدارين والكذب يهوي به في الحالين

- ‌الكذب يضاد الصدق ويجانبه فتجنبه

- ‌مضرة الكذب

- ‌مكانة الصدق رفيعة

- ‌دعاء الله الصادق الكريم

- ‌الفصل الثامن والعشرونالصديق والجليس

- ‌الصديق والجليس

- ‌اصطفاء الصديق من الأخيار

- ‌صداقة الأشرار عار

- ‌التلون في الصداقة

- ‌فراق الصديق المتلون

- ‌مفارقة جليس السوء

- ‌وفاء الصديق

- ‌مصاحبة الجاهل والأحمق

- ‌صداقة الكسلان ومجالسته

- ‌صداقة العدو

- ‌من الصداقات ما يؤذي

- ‌الاحتمال للصديق واستبقاء وده

- ‌الفصل التاسع والعشرونالأخلاق الحسنة

- ‌الأخلاق الحسنة

- ‌الخُلق الحسن منزلة رفيعة

- ‌التآلف والحب بحسن الخلق

- ‌من حسّن الله خَلقه ينبغي أن يحسن خُلقه

- ‌قصة خروج جابر مع رسول الله (ص) في غزوة ذات الرقاع

الفصل: ‌مراحل نمو خلق الإنسان تدل على أن الله وحده الخالق المنان

العلا وصدق الله حيث يقول: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ اللهِ وَمَا عِندَ اللهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ} (1) .

‌مراحل نمو خَلق الإنسان تدل على أن الله وحده الخالق المنان

إن خلق الإنسان في أحسن تقويم وإحكام صنعته تدل على أن الله وحده لا شريك له الخالق العظيم قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (2) ، إن هذه الآيات تدل بوضوح على أن الإنسان خلق من طين، فالنظفة في كل من الذكر والأنثى التي يتكون منها الجنين هي وليدة عملية التغذية التي يتغذى بها الإنسان، والمراد بالنظفة في الآية هي مجموع الخلايا الحية، التي تصدر من الرجل وتعوم في السائل الموجود داخل رحم المرأة ثم تتسابق لتنال خلية الأنثى الواحدة. وأحد هذه الحيوانات المنوية الذي يصل أولاً، يخرق بيضة الأنثى ويدخل فيها ويمتزج بها، وهذه أول عملية تكوين الجنين، ثم يخبر الله

(1) - سورة آل عمران الآيات (196-198) .

(2)

- سورة المؤمنون الآيات (12-14) .

ص: 95

تعالى بأنه يصير علقة وهي مجموعة الخلايا التي تنقسم إليها البويضة بعد تلقيحها، لقد نتأت على سطحها نتوأت تصلها بحائط الرحم، وسميت علقة لنها تعلق بجدار الرحم، على أن الجنين يصير بعد ذلك مستديراً بغير انتظام ومكوراً ويبقى كذلك عدة أسابيع وقد سماه الله مضغة -لكثرة الشبة بينه وبين قطعة اللحم الممضوغة- وهي في الاصطلاح الطبي عبارة عن نمو العلقة وتنوع خلاياها وتميز بعض أجزائها عن البعض الآخر وهنا يبدأ طور التكوين وتظهر آثار العظام في المضغة، وبعد أن تتكون العظام يبدأ اللحم في التكون بظهور العظلات وذلك بتكون الخلايا التي تحيط بالعظام وبينما تظهر العظام والعظلات تتكون بقية أعضاء الجسم. (1){فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} .

إن خلق الإنسان معجزة عظيمة وآية تدل على أنه الخالق الواحد سبحانه المستحق للعبادة قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (2) ، وهذا النص يقرر أن الله جل وعلا وحده الخالق للإنسان فكيف لا يكون وحده المعبود، فآية إثبات الخلق لله تعالى وحده تثب الألوهية لله سبحانه وتعالى. فقد نبه الحق سبحانه وتعالى بذلك على أنه وحده الخالق لكم ولآبائكم ومن تقدمكم، وإنه لم يشركه أحد في خلق

(1) - انظر: الدكتور عفيف عبد الفتاح طبارة في كتابه: روح الدين الإسلامي، ص61 ، نقلاً عن كتاب الإسلام والطب الحديث ص81.

(2)

- سورة البقرة الآية (21) .

ص: 97

من قبلكم، ولا في خلقكم، وخلقه تعالى لهم متضمن لكمال قدرته وإرادته وعلمه وحكمته وحياته، وذلك يستلزم لسائر صفات كماله، ونعوت جلاله فيتضمن ذلك إثبات صفاته وأفعاله ووحدانيته في صفاته فلا شبيه له فيها ولا في أفعاله فلا شريك له فيها. (1)

قال الشاعر:

انظر إلى الكون وهو في عدمٍ

واطلب له الخالق الذي خلقه

تجد هناك الوجود منفرداً

به تعالى مقال أهل ثقه

وتعرف الكل لا وجود لهم

إلا به والعقول متفقه (2)

فإذا ضاقت عليك نفسك، أو ضاقت عليك الأرض بما رحبت، أو جفاك النوم في مرقدك، وصاحبك الأرق، وبارت حيلك، فارفع أكف الضراعة وابتهل لخالقك فهو يراك ويسمع دعاك.

قال الشاعر:

مهما رسمنا في جلالك أحرفاً

قدسية تشدو بها الأرواح

فلأنت أعظم والمعاني كلها

يا رب عند جلالكم تنداح (3)

(1) - الجامع لأسماء الله الحسنى ص116.

(2)

- تنسب هذه الأبيات لعبد الغني النابلسي (1050-1143هـ/1641-1730م) شاعر عالم بالدين والأدب مكثر من التصنيف، تصوف ولد ونشأ في دمشق ورحل إلى بغداد وعاد إلى سوريا وتنقل في فلسطين ولبنان وسافر إلى مصر والحجاز واستقر في دمشق وتوفي فيها. له مصنفات كثيرة جداً منها:(الحضرة الأنسية في الرحلة القدسية-ط) و (تعطير الأنام في تعبير الأنام-ط) و (ذخائر المواريث في الدلالة على مواضع الأَحاديث-ط) ، و (علم الفلاحة-ط) ، و (قلائد المرجان في عقائد أهل الإيمان-خ) ، و (ديوان الدواوين-خ) مجموع شعره وله عدة دواوين.

(3)

- ورد هذا البيتان في كتاب دع الحزن وابدأ الحياة تأليف عبد الله بن سعيد الزهراني ، ص11 ، الناشر: دار الطرفين للنشر والتوزيع الطائف.

ص: 98

وستجد الجواب من ربك العزيز الوهاب فاطر السموات والأرض، فابشر برحمته وحصول فرجه، فربك يخلق ما يشاء ويختار. قال الشاعر:

أقول لابني وقد قال الطبيب له

لم يبق إلا رجاء الخالق الباري

رضيت باللَه مرجوّاً إذا اعترضت

وساوس اليأس في ظني وأفكاري (1)

وقد جاء في محكم الذكر الحكيم: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} (2) .

إن مما يطمئن الإنسان ويسعده أن يعلم أن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلقه وأنه سبحانه الخالق لكل شيء، وأن الذي يخلقه الله عز وجل يبقى رهن أمره فاطمئن، فكل من حولك وما حولك بيد الله عز وجل له الخلق والأمر {إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (3)، قال الشاعر:

الحمد لله جلَّ الله من خالقٍ

وهو العليم بنا ألفاتقُ الراتق

قد ضمّ شملي به إذ كنت في عدم

لا علم عندي بمخلوقٍ ولا خالقِ

(1) - ينسب هذان البيتان لعمارة اليمني.

(2)

- سورة فاطر الآية (3) .

(3)

- سورة الأعراف الآية (54) .

ص: 99