الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (1) .
الحسد خطير وعلاجه عسير
الحسد: تمني زوال النعمة عن صاحبها فهو يلعب دوراً خطيراً، فيمزق أواصر المجتمع، فربما حسد الفقير الغني فأفسد دينه، وحسد النساء الرجال، وحسدت القبيحة من النساء الجميلة، وقديماً قيل:
حَسَدوا الفَتى إِذ لَم يَنالوا سَعيهُ
…
فَالقَومُ أَعداءٌ لَهُ وَخُصومُ
كَضَرائِرِ الحَسناءِ قُلنَ لِوَجهِها
…
حَسداً وَبَغياً إِنَّهُ لَدَميمُ (2)
أما الوأواء الدمشقي (3) فهو يقول:
هُمْ يَحْسُدُوني عَلَى مَوْتِي فَوا أَسَفِي
…
حَتَّى عَلَى المَوْتِ لا أَخْلوُ مِنَ الحَسَدِ
فإذا شاع الحسد بين الناس وحسد بعضهم بعضا زال الخير عنهم، وحل الجفاء، واشتعلت نار الفتنة، وعمتهم المصيبة والمحنة، وفي الحديث النبوي:(لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا)(4) أي أنهم إذا تحاسدوا زال الخير
(1) - سورة البقرة الآية (109) .
(2)
- هذان البيتان لأبي الأسود الدؤلي.
(3)
- الوأواء الدمشقي (385هـ/995م) محمد بن أحمد العناني الدمشقي أبو الفرج. شاعر مطبوع، حلو الألفاظ: في معانيه رقة، كان مبدأ أمره منادياً بدار البطيخ في دمشق. له (ديوان شعر-ط) .
(4)
- أخرجه الطبراني في الكبير حديث (8157) .
عنهم، وجاء في حديث آخر:(دب إليكم داء الأمم من قبلكم: الحسد والبغضاء)(1) .
فالحاسد خلقه اللؤم، ولذته الوشاية، والوقيعة بين الناس، فهو لا ينفك في الدس على المحسود الناجح لأنه يريد تشويه سمعته أو زحزحته من مكانته، والحسود إنسان فاقد الثقة بنفسه، مستشعر العجز عن تحقيق غايته، لذلك نهى القرآن عن الحسد فقال:{وَلَا تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} (2) ، وقد نهى الله في هذه الآية عن تمني ما أوتي الغير وهو التعرض له بالقلب حسداً، فكيف إذا حاول إزالة هذه النعمة واستنكر على ربه تلك المنة إنه يكون بذلك في عداد المستكبرين، وقد حكى الله قصته في محكم الذكر الحكيم، ولقد أخبر الله في الآية السالفة البيان المؤمنين بأن ما يكتسبه الإنسان هو نتيجة عمله وسعيه وما تفضل به عليه ربه فليسأل الله المؤمن أن يعطيه من فضله وبره.
(1) - أخرجه الترمذي في سننه حديث (2510) .
(2)
-سورة النساء الآية (32) .