الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حد الغيبة
حد الغيبة أن تذكر أخاك بما يكره لو بلغه سواء ذكرته بنقص في بدنه، أو نسبه، أو خلقه، أو في فعله، أو في قوله، أو دينه، أو دنياه، حتى ثوبه وداره ودابته، أما البدن فكذكرك وصف مما يكره أخوك وذلك كالطول والقصر والسواد والصفرة وكل ما يتصور أن يتأذى منه، وأما الخلق فكأن تقول: هو سيء الخلق أو بخيل أو متكبر أو عاجز أو ضعيف أو متهور أو سارق أو كذاب أو خائن أو ظالم أو متهاون أو فاسق أو خسيس إلى غير ذلك مما لا يندرج تحت حصر، وضابط الأمر أنه كلما يكره أخوك أن تذكره به فهو غيبة، ومما نسب إلى عمر رضي الله عنه أنه قال:(عليكم بذكر الله تعالى فإنه شفاء، وإياكم وذكر الناس فإنه داء) .
ولا ينبغي للمسلم أن يصغي لسماع الغيبة بل إنه يدفع عن أخيه، فإن بالدفاع بالكلام الحسن خير الدنيا والآخرة، ومن رذائل الغيبة أن من أصغى إلى سماعها حوسب، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكرت له امرأة وكثرة صلاحها وصومها ولكنها تؤذي جيرانها بلسانها فقال:(هي في النار)(1) .
وقال الحسن ذكر الغير ثلاثة: الغيبة والبهتان والإفك، وكل في كتاب الله عز وجل، فالغيبة أن تقول ما فيه، والبهتان أن تقول ما ليس فيه، والإفك أن تقول ما بلغك.
(1) - أخرجه الحاكم في المستدرك كتاب البر والصلة حديث (7304) ، واحمد في المسند عن أبي هريرة حديث (9673) .
وقد حكى بعض العلماء أن من الأسباب الداعية إلى الغيبة: اشفاء الغيظ، ومن اتقى الله لم يشف غيظه، ومن أسباب الغيبة حب موافقة الأقران، ومجاملة الرفقاء والخلان، وذلك خلق غير محمود، ومن الأسباب الداعية إلى الغيبة إرادة التصنع، والمباهاة، والتمثيل، والاستهزاء، والسخرية، والحسد، واللعب، وكل ذلك مذموم.
ويرحم الله محمد بن اسماعيل الأمير الصنعاني حيث يقول:
إياك إياك أعراض الرجال وإن
…
راقت بفيك فإن السم في الدسم (1)
أما أبو العتاهية فهو يقول:
إياك والغيبة والنميمة
…
فإنها منزلة ذميمة (2)
ولبعض الشعراء:
لا تهتكن من مساوي الناس ما ستروا
…
فيهتك الله ستراً من مساويك
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا
…
ولا تعب أحداً منهم بما فيك (3)
وإنما يجترئ على اغتياب الناس كثير الخطايا والذنوب والعيوب، وكفى بالمرء شراً أن لا يكون صالحاً وهو يقع في الصالحين، قال المتنبي:
وَإِذا أَتَتكَ مَذَمَّتي مِن ناقِصٍ
…
فَهِيَ الشَهادَةُ لي بِأَنِّيَ كامِلُ
(1) - ديون ابن الأمير ص365. وهو العلامة المحدث المحقق الإمام محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الحسني الكحلاني الصنعاني أبو إبراهيم عز الدين. (1099-1182هـ/1688-1768م) صاحب التصانيف الفائقة المشهور بالأمير الصنعاني، من كتبه (توضيح الأفكار شرح تنقيح الأنظار - ط) في مصطلح الحديث (سبيل السلام شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام لابن حجر العسقلاني - ط) ، (منحة الغفار) حاشية ضوء النهار (اليواقيت في المواقيت - خ) ، وغيرها الكثير. وله (ديوان شعر - ط) .
(2)
- ديوان أبي العتاهية ص446.
(3)
- العقد الفريد ج2ص183 ، والموسوعة الشعرية ص257.