الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الهادي من أسماء الله الحسنى
الهادي من أسماء الله الحسنى ورد ذكره في القرآن الكريم: {وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً} (1)، وقال تعالى:{وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (2) .
وفي الموطأ عن عبد الله بن الزبير أنه كان يقول: (إن الله هو الهادي)(3)، وورد عند الترمذي:(إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَاّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ) ، وعدَّ منها الهادي (4) .
فالهادي هو الذي يهدي ويرشد عباده إلى جميع المنافع، وإلى دفع المضار، ويعلمهم ما لم يعلموا، ويهديهم لهداية التوفيق والتسديد، ويلهمهم التقوى، ويجعل قلوبهم منيبة إليه ومنقادة إلى أمره.
والهداية: هي دلالة بلطف وهداية الله تعالى للإنسان على أربعة أوجه:
الأول: الهداية التي عم بجنسها كل مكلف من العقل، والفطنة، والمعارف الضرورية التي أعم منها كل شيء بقدر فيه حسب احتماله كما قال تعالى:{رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} (5) .
الثاني: الهداية التي جعل للناس بدعائه إياهم على ألسنة الأنبياء وإنزال القرآن ونحو ذلك وهو المقصود بقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} (6) .
الثالث: التوفيق الذي يختص به من اهتدى وهو المعني بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} (7)، وقوله تعالى:{وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} (8)، وقوله:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ} (9)، وقوله:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (10) .
الرابع: الهداية في الآخرة إلى الجنة المعنيُّ بقوله: {سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ} (11)، وقوله:{الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} (12) ، وهذه الهدايات الأربع مترتبة فإنَّ من لم تحصل له الأولى لا تحصل الثانية بل لا يصح تكليفه، ومن
(1) - سورة الفرقان الآية (31) .
(2)
- سورة الحج الآية (54) .
(3)
- موطأ مالك بن أنس، تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي، باب النهي عن القول بالقدر ج5ص1324 حديث (3341)، الناشر: مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان، الطبعة: الاولى 1425هـ2004م.
(4)
- سنن الترمذي باب ما جاء في عقد التسبيح باليد حديث (3429) .
(5)
- سورة طه الآية (50) .
(6)
- سورة السجدة الآية (24) .
(7)
- سورة محمد الآية (17) .
(8)
- سورة التغابن الآية (11) .
(9)
- سورة يونس الآية (9) .
(10)
- سورة العنكبوت الآية (69) .
(11)
- سورة محمد الآية (5) .
(12)
- سورة الأعراف الآية (43) .
لم تحصل له الثانية لا تحصل له الثالثة والرابعة، ومن حصل له الرابع فقد حصل له الثلاث التي قبلها، ومن حصل له الثالث فقد حصل له اللذان قبله، ثم ينعكس فقد تحصل الأولى ولا يحصل له الثاني ولا يحصل الثالث والإنسان لا يقدر أن يهدي أحداً إلا بالدعاء وتعريف الطرق دون سائر أنواع الهدايات وإلى الثانية أشار بقوله:{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (1) ، {يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} (2) ، {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} (3)، أي داع. وإلى سائر الهدايات أشار بقوله:{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ (4) } . (5)
وقال د. محمد راتب النابلسي: كلمة الهادي مأخوذة من فعل هدى والهادي اسم فاعل والله سبحانه وتعالى خلق ثم هدى، وأول بند من بنود الهدى: خلقه {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ} (6)، والبند الثاني: اسم من أسماء ذاته لأنه متكلم فالله سبحانه وتعالى يهدي بكلامه، إذاً الهادي اسم من أسماء ذاته. (7)
قلتُ: كلام النابلسي فيه تحقيق، فالله جل وعلا هدى الإنسان بخلقه، قال جل شانه: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي
(1) - سورة الشورى الآية (52) .
(2)
- سورة السجدة الآية (24) .
(3)
- سورة الرعد الآية (7) .
(4)
- سورة القصص الآية (56) .
(5)
- انظر: شرح أسماء الله الحسنى للقحطاني ص133-135.
(6)
- سورة الروم الآية (20) .
(7)
- موسوعة أسماء الله الحسنى ج2ص618-619.
أَخْرَجَ الْمَرْعَى} (1)، وقال سبحانه:{فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ * إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} (2)، وقال جل وعلا:{الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ} (3) .
ففي هذه الآيات دلالة واضحة أن الله هداك بالكون الذي خلقه وأودع فيه من الآيات ما يدلك على وجود الله وعلى أسمائه، فإذا أردت أن تؤمن ففكر في الكون فإذا فكرت في الكون عرفت صانعه، وفي قصة إيمان الفتية الذين آووا إلى الكهف التي يؤكد القرآن الكريم حقيقة إيمانهم بوصف يدل على رجحان عقولهم وصحة معتقدهم وإكرام الله لهم بزيادة هدايتهم:{إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً} (4) .
إذا تبين لك ذلك عرفت أن الهادي اسم من أسماء أفعاله، وأنه يهدي من يشاء إلى التفكر في خلق السماوات والأرض وأن الله وحده هو الصانع لهذا الكون الخالق المبدع وحده لا شريك له، وأنه سبحانه وتعالى يهدي من يشاء بالقرآن قال تعالى:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (5)، وقال سبحانه:{ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} (6) .
(1) - سورة الأعلى الآيات (1-4) .
(2)
- سورة الطارق الآيات (5-8) .
(3)
- سورة الأنعام الآية (1) .
(4)
- سورة الآيتان الآية (13و14) .
(5)
- سورة الإسراء الآية (9) .
(6)
- سورة البقرة الآية (2) .