الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: أقسام الترك
تبين مما سبق أن الترك يعرف بطريقين، فالترك الثابت من الطريق الأول يصح أن يقال فيه أنه الترك المنقول، والنوع الثاني يصح أن يقال فيه أنه متروك النقل، وكل طريق منهما ينقسم الترك بحسبه إلى عدة أقسام، ولذا فإنه لأجل أن تتبين الأقسام التي ينقسم إليها الترك لابد أولًا من بيان أقسام كل طريق، ووجه هذه القسمة؛ من أجل الوصول إلى تقسيم صحيح للترك، وهذا يقتضي بيان تقسيم الأصوليين للأفعال؛ لأن الترك الوجودي فعل - كما سبق بيانه - فلابد من النظر في تقسيم الأصوليين للأفعال أولًا ثم النظر بعد ذلك في مدى صلاحية هذا التقسيم لاعتباره في الترك وهل يحتاج إلى نوع من التعديل أم لا، ثم بيان تقسيم الترك الكفي باعتبار تلك القسمة، ثم بيان الأنواع التي ينقسم إليها متروك النقل، وبجمع هذه الأقسام يمكننا الوصول إلى تقسيم مناسب للترك، وبيان ذلك في المطالب التالية.
المطلب الأول: أقسام الترك المنقول:
*
قسمة الأصوليين للأفعال:
قسَّم الزركشي أفعال النبي صلى الله عليه وسلم إلى تسعة أقسام هي:
1 -
ما كان من هواجس النفس والحركات البشرية كتصرف الأعضاء وحركات الجسد، وهذا على الإباحة.
2 -
ما لا يتعلق بالعبادات ووضح فيه أمر الجبلة، قال: والمشهور في كتب الأصول أنه يدل على الإباحة.
3 -
ما احتمل أن يخرج عن الجبلية إلى التشريع بمواظبته على وجه خاص كالأكل والشرب واللبس والنوم وهو دون ما ظهر فيه قصد القربة وفوق ما ظهر فيه الجبلية، وفيه خلاف بين الإباحة والاستحباب.
4 -
ما علم اختصاصه به وهو واضح.
5 -
ما يفعله لانتظار الوحي.
6 -
ما يفعله مع غيره عقوبة.
7 -
ما يفعله مع غيره إعطاء.
8 -
الفعل المجرد عما سبق وقد ورد بيانًا.
9 -
الفعل المجرد عما سبق ولم نعلم صفته في حق النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قسمان:
أ - أن يظهر فيه قصد القربة.
ب - أن لا يظهر فيه قصد القربة.
أما الأول: فاختلف فيه بين الوجوب والاستحباب.
والثاني: اختلف فيه على خمسة أقوال (1).
وهذه القسمة قد تختلف من أصولي إلى أصولي آخر (2)، فأبو شامة ذكر
(1) البحر المحيط (4/ 176 - 184).
(2)
انظر تقسيم الأصوليين للأفعال في المواضع الآتية: الواضح لابن عقيل (4/ 126، 2/ 19)، والمحصول (3/ 229)، وأصول الجصاص (3/ 215)، ولباب المحصول (2/ 631)، وشرح الكوكب المنير (2/ 178)، والمسودة =
في كتابه (المحقق من علم الأصول) أقسام أفعال النبي صلى الله عليه وسلم، وقسمها إلى سبعة أنواع والذي يهمنا من تقسيم أبي شامة هو تفصيله لمورد التقسيم حيث قال:
"وبيان الحق أن نقول: فعله صلى الله عليه وسلم لا يخلو إما أن يكون امتثالًا لما ساوته أمته فيه أو لا، فإن لم يكن فلا يخلو إما أن يكون من الأفعال الجبلية أو لا، فإن لم يكن فلا يخلو إما أن يكون من خواصه أو لا، فإن لم يكن فلا يخلو إما أن يكون بيانًا أو لا، فإن لم يكن فلا يخلو إما أن تعلم صفته أو لا، فإن لم تعلم فلا يخلو إما أن يظهر فيه قصد القربة أو لا، فهذه سبعة أقسام"(1).
وهذه الأقسام السبعة هي:
ما ساوته فيه أمته، والفعل الجبلي، والفعل المختص به، والفعل بيانًا لحكم مجمل، والفعل المبتدأ المطلق، وهذا ثلاثة أنواع:
الأول: أن يكون معلوم الصفة.
الثاني: أن يكون غير معلوم الصفة وظهر فيه قصد القربة.
الثالث: أن يكون غير معلوم الصفة ولم يظهر فيه قصد القربة.
وهذه الأقسام السبعة هي في الأصل خمسة أقسام كما هو واضح.
والتقسيمات الأخرى للأصوليين لا تخرج عن التقسيم المذكور بل كلها تدور في فلكه، ولذا فلا حاجة للتطويل بذكرها.
= (1/ 196، 1/ 255)، وكشف الأسرار (3/ 374)، وإرشاد الفحول (1/ 198).
(1)
المحقق من علم الأصول فيما يتعلق بأفعال الرسول (ص 45).