الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذي يظهر من صنيع الأصوليين اعتبار القرائن فيما كان هذا حاله (1): فإذا دلت القرائن على أن مثل ذلك لا يخفى على النبي صلى الله عليه وسلم كان حجة، وإلا فليس بحجة، قال الأصفهاني:"ليس في هذه الدرجة - أي كنا نفعل في عهده - ما يدل على إضافة الحكم للرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن الظاهر بحسب القرينة قصد المخبر بذلك أن يُعلِم بتقرير الرسول صلى الله عليه وسلم بعد العلم بفعلهم وعدم إنكاره"(2).
ومن هذه القرائن:
أن يسوقه الصحابي في موضع الحجة، أو يتكرر فيبعد أن لا يعلم النبي صلى الله عليه وسلم به، أو يكون مما لا يخفى مثله على النبي صلى الله عليه وسلم كأن يكون فعلًا لأحد زوجاته صلى الله عليه وسلم، أو يكون فعله مستفاضًا في زمنه صلى الله عليه وسلم، أو غير ذلك مما يصلح أن يكون قرينة.
ومن أمثلة ذلك:
- ما ورد عن أبي المثنى رضي الله عنه قال: سألت ابن عمر رضي الله عنهما عن الأذان فقال: "كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى، والإقامة مرة مرة، إلا أنك إذا قلت: قد قامت الصلاة قالها مرتين، فإذا سمعنا قد قامت الصلاة توضأنا ثم خرجنا إلى الصلاة"(3).
(1) قواطع الأدلة (2/ 64).
(2)
شرح المنهاج للأصفهاني (2/ 564).
(3)
رواه النسائي (2/ 20 - 21) كتاب الأذان، باب كيف الإقامة (عنوان غير مصدر بباب)، وأبو داود (1/ 138 / 510) كتاب الصلاة، باب في الإقامة، وحسنه الألباني في صحيح سنن =
فليس في الحديث أن ذلك كان في حضور النبي صلى الله عليه وسلم ولكن مثل هذا يتكرر حدوثه خمس مرات في اليوم والليلة فيستحيل ألا يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم، ويشهد لذلك أن ابن عمر رضي الله عنهما ساقه في موضع الحجة.
وأيضًا: ما ورد من حديث جابر رضي الله عنه أنه قال: "كان معاذ يصلي العشاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة"(1).
قال أبو إسحاق الشيرازي: "إنا نعلم من طريق العادة أن مثل هذا لا يجوز أن يخفى على رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريقين:
أحدهما: أن الصلاة تتكرر ويتظاهر بها، فلا يخفى ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع طول المدة وصغر المدينة.
الثاني: أنه إقدام على إحداث شرع، فلا يقدم عليه معاذ رضي الله عنه من غير إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم كانوا يستأذنونه في مثل هذه الحوادث" (2).
- ما ورد عن أم سلمة رضي الله عنهما قالت: "كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يومًا، فكنا نطلي وجوهنا بالورس من الكلف"(3).
= أبي داود (1/ 154 / 510).
(1)
رواه البخاري (2/ 238 / 711) كتاب الأذان، باب إذا صلى ثم أم قومًا، ومسلم (1/ 340 / 465) كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، واللفظ لمسلم.
(2)
شرح اللمع (1/ 561 / فقرة 643).
(3)
رواه الترمذي (1/ 256 / 139) أبواب الطهارة، باب ما جاء في كم تجلس النفساء، وقال الألباني في صحيح الترمذي (1/ 96 / 139): حسن صحيح.
- ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان الصداق إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر أواق"(1).
- ما ورد من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: "كنا نأكل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نمشي ونشرب ونحن قيام"(2).
- ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كنت أبيت في المسجد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنت فتًى شابًا عزبًا، وكانت الكلاب تقبل وتدبر في المسجد فلم يكونوا يرشون شيئًا من ذلك"(3).
- ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: "كنا ننام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ونحن شباب"(4).
(1) رواه النسائي (6/ 117) كتاب النكاح، باب القسط في الصدقة (عنوان غير مصدر بباب)، وقال الألباني في صحيح سنن النسائي (2/ 451): صحيح الإسناد.
(2)
رواه الترمذي (4/ 265 / 1880) كتاب الأشربة، باب ما جاء في النهي عن الشرب قائمًا، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (2/ 331).
(3)
رواه أبو داود (1/ 102 / 382) كتاب الطهارة، باب في طهور الأرض إذا يبست، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/ 112 / 382).
(4)
رواه الترمذي (2/ 138 / 321) أبواب الصلاة، باب ما جاء في النوم في المسجد، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (1/ 191 / 321)، ومبيت ابن عمر في المسجد رواه البخاري (12/ 437 / 7030) كتاب التعبير، باب الأخذ على اليمين في النوم، ومسلم (4/ 1927 / 2479) كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أما ذكر إقبال الكلاب وإدبارها فعند أبي داود (1/ 102 / 382) كتاب الطهارة، باب في طهور الأرض إذا يبست.
- ما ورد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثًا عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب"(1).
- ما ورد من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "إن كان ليكون عليّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه حتى يأتي شعبان"(2).
- ما ورد من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه، فإذا أصابه شيء من الدم قالت بريقها فقصعته بظفرها"(3).
- ما ورد عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنه قالت: "نحرنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فرسًا فأكلناه"(4).
- ما ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: "كان الرجال والنساء يتوضؤون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعًا (5) "(6).
- ما ورد عن معاذة أن امرأة سألت عائشة رضي الله عنها قالت: "تختضب الحائض؟
(1) رواه البخاري (1/ 249 / 113) كتاب العلم، باب كتابة العلم.
(2)
رواه البخاري (4/ 222 / 1950) كتاب الصوم، باب متى يقضي قضاء رمضان، ومسلم (2/ 802 - 803/ 1146) كتاب الصيام، باب قضاء رمضان في شعبان.
(3)
رواه البخاري (1/ 491 / 312) كتاب الحيض، باب هل تصلي المرأة في ثوب حاضت فيه؟
(4)
رواه البخاري (9/ 556 / 5510) كتاب الذبائح والصيد، باب النحر والذبح، ومسلم (3/ 1541 / 1942) كتاب الصيد والذبائح، باب في أكل لحوم الخيل. واللفظ للبخاري.
(5)
أي: يتوضأ الرجل والمرأة من إناء واحد.
(6)
رواه البخاري (1/ 357 / 193) كتاب الوضوء، باب وضوء الرجل مع امرأته.