الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول: بيان الترك المسبب
المطلب الأول: تعريف الترك المسبب:
التعريف بالمركب يقتضي التعريف بجزءيه أولًا، فالتعريف بالترك المسبب يقتضي التعريف بالترك وبالسبب، وإذا كان التعريف بالترك قد سبق بيانه، فلابد هنا من التعريف بالسبب حتى يكتمل تعريف جزئي المركب ثم التعريف بوصفه بعد ذلك لقبًا.
أولاً: السبب في اللغة
(1):
السبب في اللغة: هو كل ما يتوصل به إلى غيره، وجمعه: أسباب.
وفي لسان العرب: "وكل شيء يتوصل به إلى الشيء فهو سبب".
والسبب: الحبل: كالسِّبْ (وهو الحبل في لغة هذيل).
ومنه قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ} [الحج: 15].
قال أبو عبيدة: "السبب: كل حبل حدرته من فوق".
(1) الصحاح للجوهري (1/ 144)[تاج اللغة وصحاح العربية، لإسماعيل بن حماد الجوهري، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، نشر دار العلم للملايين - بيروت، ط. الأولى، القاهرة (1376 هـ- 1956 م)، ط. الثانية، بيروت (1399 هـ- 1979 م)]، ولسان العرب (4/ 461)، والمصباح المنير (ص 159)، والتحبير (3/ 1060)، القاموس المحيط (1/ 176)، مختار الصحاح (ص 162)، تاج العروس (3/ 38)، تهذيب اللغة (12/ 314).
وقيل: السبب: هو الحبل الذي يتوصل به إلى الماء ثم استعير لكل ما يتوصل به إلى الشيء.
وقيل: لا يسمى السبب سببًا حتى يكون طرفه معلقًا بالسقف.
وقال ابن فورك: "السبب في اللغة: هو ما يتوصل به إلى أمر مطلوب"(1).
وذكر السرخسي أن السبب في اللغة: الطريق إلى الشيء، قال تعالى:{وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا} [الكهف: 84]، وذكر معانٍ ثم قال: فالكل يرجع إلى معنى واحد وهو طريق الوصول إلى الشيء (2).
(1) الحدود (159).
(2)
أصول السرخسي (2/ 351) وقد نقل جماعة من أهل الأصول أن السبب في اللغة عبارة عما يحصل الحكم عنده لا به كابن قدامة في الروضة، والزركشي في (البحر المحيط)(1/ 306). وقد بحثت فيما وقع تحت يدي من معاجم على مَن نص مِن أهل اللغة على أن ذلك تعريف للسبب فلم أجد، وأول من وجدته ذكر تلك العبارة بنصها من الأصوليين الغزالي [المستصفى (1/ 314)] ومع ذلك فلم يذكر أن ذلك هو التعريف اللغوي، ولكنه قال بعد ذلك أن ذلك هو وضع اللسان، فإنه قد قال: "واعلم أن السبب مشترك في اصطلاح الفقهاء وأصل اشتقاقه من الطريق ومن الحبل الذي ينزح به الماء من البئر، وحدّه: ما يحصل الحكم عنده لا به، فإن الوصول بالسير لا بالطريق، ولكن لابد من الطريق، ونزح الماء بالاستقاء لا بالحبل، ولكن لابد من الحبل، فاستعار الفقهاء لفظ السبب من هذا الموضع وأطلقوه على أربعة أوجه
…
".
هذا التعليل الذي علل به الغزالي هذا الحد ذكره أيضًا السرخسي [أصول السرخسي (2/ 351)، تعليلًا لتعريفه للسبب عند الفقهاء، وكذلك فعل السمعاني [قواطع الأدلة (2/ 272)]، فإنه قال: "وإذا كان السبب في اللغة اسمًا فنقول حده: ما يوصل إلى المسبب مع جواز المفارقة بينهما
…
"، ثم ذكر نفس تعليل الغزالي وأطال النفس في الاستدلال على أن السبب =