الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع: الآثار الأصولية المترتبة على كون الترك فعلاً:
المسألة الأولى: التكليف بالترك:
ذهب جمهور أهل السنة إلى أنه لا تكليف إلا بفعلاً (وإن اختلفوا في صفة ذلك الفعل في النهي كما سيأتي بيانه)، خلافًا لأبي هاشم الجبائي (1) من المعتزلة، حيث ذهب إلى جواز أن يرد التكليف في النهي بالعدم الأصلي (2).
قال الغزالي (3) في المستصفى:
(1) هو: أبو هاشم عبد السلام بن الأستاذ أبي علي محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائي المعتزلي، ولد سنة 247 هـ، وله كتاب "الجامع الكبير" وكتاب "العرض"، توفي يوم الأربعاء في شعبان سنة 321 هـ ببغداد.
[سير أعلام النبلاء (11/ 527)، وفيات الأعيان (3/ 183 / 383)، الوافي بالوفيات (18/ 263 / 7004)، ميزان الاعتدال (4/ 352)].
(2)
بهذا التقرير يتضح أن هناك مذهبين في التكليف بالفعل، والجمهور الذين يقولون بأنه لا تكليف إلا بفعل اختلفوا في صفة هذا الفعل في النهي، وقد ذهب الدكتور علي عبد الرحمن بسام - في مقدمة تحقيقه لشرح الأبياري لبرهان الجويني وهي رسالته لدرجة الدكتوراه - ذهب إلى أن هناك أربعة مذاهب في الترك هل هو فعل أم لا، وعد هذه المذاهب كما يلي:
الأول: مذهب الجمهور أن كل مكلف به فعل، فالمكلف به في النهي وهو الترك فعل - الثاني: مذهب كثير من المعتزلة أن الترك ليس بفعل.
الثالث: قول الأشعري والقدرية أن مقتضَى النهي فعل ضد المنهي عنه.
الرابع: يشترك في الإتيان بالمكلف به في النهي مع الانتهاء عن المنهي عنه قصد الترك.
والذي يظهر للباحث أن الدكتور أدخل مسألة الترك هل هو فعل أم لا في مسألة التكليف هل لابد أن يكون بفعل أم لا، والصحيح في ذلك ما قُرِّرَ في أول الكلام.
(3)
هو: محمد بن محمد بن محمد زين الدين أبو حامد الطوسي الغزالي، ولد بطوس سنة =
"وقال بعض المعتزلة: قد يقتضي الكف فيكون فعلًا، وقد يقتضي ألا يفعل، ولا يقصد التلبس بضده "(1).
والذي قال بذلك من المعتزلة هو أبو هاشم الجبائي نقله عنه الآمدي (2) والمرداوي (3)(4) وابن تيمية (5) وغيرهم.
= 450 هـ، تفقه ببلده أولاً ثم تحول إلى نيسابور فلازم إمام الحرمين، قال عنه الذهبي:"الشيخ الإمام العلامة البحر حجة الإسلام أعجوبة الزمان، صاحب التصانيف، والذكاء المفرط"، من تصانيفه:"إحياء علوم الدين"، "تهافت الفلاسفة"، "إلجام العوام عن علم الكلام"، توفي سنة 505 هـ.
[طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (1/ 293)، سير أعلام النبلاء (14/ 320)، طبقات الشافعية للسبكي (6/ 191).
(1)
المستصفى (1/ 300): أبو حامد الغزالي، تحقيق: حمزة بن زهير حافظ (بدون بيانات عن دار النشر).
(2)
الإحكام فى أصول الأحكام (1/ 196).
(3)
هو: علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان بن أحمد بن محمد المرداوي - نسبة إلى مردا وهي إحدى قرى فلسطين - السعدي ثم الصالحي الحنبلي، شيخ المذهب وإمامه ومصححه ومنقحه، ولد سنة 817 هـ ببلده مردا، باشر نيابة الحكم دهرًا طويلاً فحسنت سيرته، وفتح عليه في التصنيف فله تصانيف كثيرة منها:"الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف"، و"تحرير المنقول في تهذيب علم الأصول" وشرحه في "التحبير شرح التحرير" وغيره من المصنفات، توفي سنة 885 هـ.
[شذرات الذهب (9/ 510)، الضوء اللامع (5/ 225 / 176)].
(4)
التحبير شرح التحرير (3/ 1166): علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، تحقيق: عوض بن محمد القرني، ط. الأولى (9429 هـ - 2000 م)، مكتبة الرشد - الرياض.
(5)
المسودة (1/ 218): آل تيمية، تحقيق: د. أحمد بن إبراهيم بن عباس الذروي، =