الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الإيماء والتنبيه:
كـ "ذكر الحكم عقب الوصف"، أو "التفرقة بين حكمين لوصف"، أو "القياس على وصف"، أو "ربط الحكم باسم مشتق منه"، أو "منع الوصف ما يفوت المطلوب من الحكم"(1).
والأمثلة على هذه الأنواع تظهر خلال ذكر الأمثلة على أنواع الترك المسبب.
المطلب الثاني: أقسام الترك المسبب وأمثلتها:
الأحاديث التي نقل فيها ترك النبي صلى الله عليه وسلم وسبب تركه كثيرة، ومن خلال الأحاديث التي وقفت عليها يمكن تقسيم تلك الأسباب إلى أحد عشر نوعًا، ويمكن أن تنقسم إلى أكثر من ذلك؛ إذ كل نوع يدخل تحته أمثلة كثيرة، ويمكن كذلك إدخال بعض تلك الأنواع في بعض، وليست المسألة أكثر من مجرد اصطلاح.
وفيما يلي ذكر لتلك الأسباب وما يندرج تحتها من أمثلة، وبيان ما تضمنته تلك الأحاديث من أحكام فقهية ذكرها الفقهاء مما يتعلق بتركه صلى الله عليه وسلم، وذلك بتخصيص مسألة لكل قسم.
المسألة الأولى: الترك لأجل حكم خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم
-:
ومثاله: ما ورد من حديث أنس رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بتمرة مسقوطة فقال: "لولا أن تكون صدقة لأكلتها"(2).
(1) انظر تفصيل ذلك في البحر المحيط للزركشي (4/ 184 - 206).
(2)
رواه البخاري (4/ 344 / 2055) كتاب البيوع، باب ما يتنزه من الشبهات (5/ 103 / =
وورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إني لأنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة على فراشي فأرفعها لآكلها ثم أخشى أن تكون صدقة فألقيها"(1).
فتَرْك النبي صلى الله عليه وسلم لأكل هذه التمرة كان سببه حكمًا خاصًا به صلى الله عليه وسلم، وهو من علامات النبوة أنه صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ولا تحل له الصدقة.
قال ابن قدامة: "فأما النبي صلى الله عليه وسلم فالظاهر أن الصدقة جميعها كانت محرمة عليه فرضها ونفلها، لأن اجتنابها كان من دلائل نبوته وعلاماتها، فلم يكن ليخل بذلك"(2).
وقد ثبتت خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم بتحريم الصدقة من قوله صلى الله عليه وسلم فقد قال: "إنا لا تحل لنا الصدقة".
وذلك فيما رواه مسلم من حديث أبي هريرة قال: أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كخ كخ، إرم بها، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة"، وفي رواية:"إنا لا تحل لنا الصدقة"(3).
= 2431) كتاب اللقطة، باب إذا وجد تمرة في الطريق.
(1)
رواه البخاري (5/ 103 / 2432) كتاب اللقطة، باب إذا وجد تمرة في الطريق، ومسلم (2/ 751 / 1070) كتاب الزكاة، باب تحريم الزكاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله.
(2)
المغني (4/ 115).
(3)
رواه مسلم (2/ 751 / 1069) كتاب الزكاة، باب تحريم الزكاة على آل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله.
قال النووي: قوله صلى الله عليه وسلم: "أما علمت أنا لا نأكل الصدقة" هذه اللفظة تقال في الشيء الواضح التحريم ونحوه، وإن لم يكن المخاطب عالمًا به، وتقديره "عجب كيف خفي عليك هذا مع ظهور تحريم الزكاة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وهم بنو هاشم وبنو المطلب"(1)(2).
وأيضًا: ما ورد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أبا بكر ولكن أخي وصاحبي"(3).
فالنبي صلى الله عليه وسلم ترك اتخاذ الخلة وهذا حكم خاص به، وذلك لكونه خليل الرحمن، وقد ورد هذا مصرحًا به في حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لو كنت متخذًا من أهل الأرض خليلًا لاتخذت ابن أبي قحافة خليلًا ولكن صاحبكم خليل الله"(4)، ويشترط أن يدل الدليل على الخصوصية،
(1) شرح صحيح مسلم (7/ 174).
(2)
اختلف العلماء فيمن هم آل النبي صلى الله عليه وسلم الذين تحرم عليهم الصدقة على أقوال:
القول الأول: هم بنو هاشم وبنو عبد المطلب، وقال به الشافعي وبعض المالكية.
القول الثاني: هم بنو هاشم خاصة، وقال به أبو حنيفة ومالك.
القول الثالث: قريش كلها، وقال به بعض العلماء فيما نقله النووي ولم يعزه.
القول الرابع: بنو قصي، وقال به أصبغ.
[شرح صحيح مسلم (7/ 175)].
(3)
رواه البخاري (7/ 21 / 3656) كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لو كنت متخذًا خليلًا".
(4)
رواه مسلم (4/ 1855 / 2383) كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه.