الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن عبد البر: "ففي هذا الحديث دليل على أن الخميصة لو لم تثقل عليه صلى الله عليه وسلم لنكسها وجعل أعلاها أسفلها"(1).
قال الزُّرقاني (2): "الجمهور على استحباب التحويل بلا تنكيس، واستحبه الشافعي في الجديد
…
ولم يأخذ بذلك الجمهور لانفراد راويها بها في حديث ابن زيد" (3).
قال ابن حجر: "ولا ريب أن الذي استحبه الشافعي أحوط"(4).
2 - ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم مما همَّ به لم يبين مانعًا:
وهو بذلك يدخل تحت الترك المطلق.
ومن أمثلة هذا النوع ما ورد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة
(1) التمهيد (17/ 175).
(2)
هو: محمد بن عبد الباقي بن يوسف بن أحمد بن علوان الزُّرقاني المصري الأزهري المالكي، أبو عبد الله، خاتمة المحدثين بالديار المصرية.
ولد سنة (1055 هـ) بالقاهرة، ونسبته إلى زرقان (من قرى منوف بمصر)، وتوفي بالقاهرة سنة (1122 هـ)، من كتبه (تلخيص المقاصد الحسنة) في الحديث، و (شرح البيقونية) في المصطلح، و (شرح المواهب اللدنية)، و (شرح موطأ الإمام مالك)، و (وصول الأماني) في الحديث.
[سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر (4/ 32)، الأعلام للزركلي (6/ 184)].
(3)
شرح الزُّرقاني على موطأ مالك (1/ 434)، تأليف محمد بن عبد الباقي بن يوسف الزُّرقاني، الطبعة الهندية القديمة، طبعة خيرية. ولا يوجد سنة الطبع ولا رقمها.
(4)
فتح الباري (2/ 498).
فيؤذن لها، ثم آمر رجلًا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده، لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقًا سمينًا أو مرماتين حسنتين لهذا العشاء" (1).
فليس في هذا الحديث ذكر للسبب المانع لرسول الله صلى الله عليه وسلم من تحريق بيوتهم بالنار، سوى ما ورد في رواية واحدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لولا ما في البيوت من النساء والذرية، لأقمت صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار"(2).
ولكن هذه الرواية عن أبي هريرة رضي الله عنه لم ترد إلا من طريق أبي معشر
(1) رواه البخاري (2/ 148 / 644) كتاب الأذان، باب وجوب صلاة الجماعة.
(2)
هذه الزيادة رواها أحمد في المسند [(14/ 398) الأرنؤوط (2/ 367) الهندية] من طريق أبي معشر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة.
وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط (محقق المسند): أخرجه الطيالسي (2330) وابن أبي شيبة (10/ 275)، والطبراني في (الدعاء)(1318)، والقضاعي في (مسند الشهاب)(315)، والخطيب البغدادي في تاريخه (2/ 271 - 272) من طرق كلها عن أبي معشر، - وسيأتي الكلام على أبي معشر - ولذا فمدار هذه الزيادة عليه، وقد ضعف هذه الزيادة الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه للمسند، وضعفه الألباني في مشكاة المصابيح، وقال الأرناؤوط: إسناده ضعيف لضعف أبي معشر ولكنه قال، والحديث صحيح وهذا باعتبار أصل الحديث الذي في الصحيح، لكن ليس في أصل الحديث ما يشير إلى تلك الزيادة، فهي إذن لم تثبت من طريق صحيح، وفيها إثبات حكم ليس في الأصل، وعليه فالذي يميل إليه الباحث القول بضعف هذه الزيادة وعدم صحتها، ولو صحت هذه الزيادة لكان ترك ما همَّ به النبي صلى الله عليه وسلم كله من أقسام الترك المسبب ولما أفرد بمبحث خاص به.
عن سعيد المقبري عن أبي هريرة، وأبو معشر ضعيف (1) فالزيادة لم تصح، ولو صحت لكان هذا الحديث من أنواع الترك المسبب، ولم أجد لهذه الرواية غير هذا الإسناد.
ورغم اختلاف العلماء في دلالة هذا الحديث على وجوب صلاة الجماعة من عدمه، فإنه لم يقل أحد قط بجواز أن تحرق بيوت المتخلفين عن صلاة الجماعة، بل نقل ابن حجر عن الباجي انعقاد الإجماع على منع عقوبة المسلمين بذلك (2).
* * *
(1) هو: نجيح بن عبد الرحمن السندي، أبو معشر المدني (ت/ 170 هـ) قال عنه أحمد:"حديثه عندي مضطرب لا يقيم الإسناد، ولكن أكتب حديثه أعتبر به"، وقال أبو حاتم:"هو صالح، لين الحديث"، وقال البخاري:"منكر الحديث"، وقال أبو داود والنسائي:"ضعيف"، وقال ابن معين:"ليس بالقوي".
[سير أعلام النبلاء (7/ 330 - 333)].
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 54): "أبو معشر: ضعيف".
(2)
فتح الباري (2/ 149).