الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
ترك الاستعانة بالمشرك في الحرب
(1):
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بدر فلما كان بحَرة الوبَرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة، ففرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه، فلما أدركه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: جئت لأتبعك وأصيب معك، قال له:"تؤمن بالله ورسوله؟ "، قال: لا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فارجع فلن أستعين بمشرك"، قال: ثم مضى، حتى إذا كنا بالشجرة أدركه الرجل فقال له كما قال أول مرة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كما قال أول مرة، قال:"فارجع فلن أستعين بمشرك"، قال: ثم رجع فأدركه بالبيداء فقال له كما قال أول مرة: "تؤمن بالله ورسوله؟ " قال: نعم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فانطلق"(2).
(1) ترددت كثيرًا في هذا المثال هل هو من الترك المسبب أم من الترك المطلق؟ والسبب في ذلك: أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "فارجع فلن أستعين بمشرك" هل هو بيان لسبب الترك أم إخبار عن حصول الترك؟ لكل من الأمرين حظ من النظر، والذي أميل إليه أنه من الترك المطلق، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخبر بسبب الترك في هذا الحديث، وإنما أخبر عن نفسه أنه لا يفعل، ومما يؤيد ذلك اختلاف الفقهاء في علة إرجاعه، وقد يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم بين سبب الترك بوصف الرجل بالمشرك، وهي نكرة في سياق النفي تفيد العموم، وهذا صحيح لكن يبقى: هل هذا البيان من جهة النص أم من جهة الاستنباط؟ الذي يظهر أنه من جهة الاستنباط إذ يحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الوصف ترغيبًا له في الإسلام، وهو ما ذكره بعض الفقهاء، وعليه فالأولى في نظري أن يكون من الترك المطلق، ونظيره من إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن تركه قوله صلى الله عليه وسلم:"إني لا آكل متكئًا".
(2)
رواه مسلم (3/ 1449 / 1817) كتاب الجهاد والسير، باب كراهة الاستعانة في الغزو بكافر.