الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بهذا الحديث، سواء من المؤذن أو غيره، لعموم الحديث وذلك على الكيفية التي كانت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من أن يكون ذلك من كل شخص بمفرده سرًّا في نفسه.
ومع أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك إلا أنه لم يأمر المؤذن أن يصلي عليه في أذانه جهرًا عقب الأذان، ولم يقم أحد بفعل ذلك.
وينقل المقريزي (1) في خططه أن أول من أحدث الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جهرًا عقب الأذان كان محتسب القاهرة صلاح الدين عبد الله بن عبد الله البرلسي، وكان ذلك في ليلة الجمعة فقط، وكان ذلك بعد سنة ستين وسبعمائة، وأنقل هنا كلام المقريزي لأهميته.
يقول المقريزي:
" فاستمر إلى أن كان في شعبان سنة إحدى وتسعين وسبعمائة. . .، فسمع بعض الفقراء الخلاطين سلام المؤذنين على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة جمعة، وقد استحسن ذلك طائفة من إخوانه، فقال لهم: أتحبون أن يكون هذا السلام في
(1) هو: أحمد بن علي بن عبد القادر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن تميم بن عبد الصمد الشيخ تقي الدين المقريزي، وأصله من بعلبك ثم تحول أبوه إلى القاهرة، ولد تقي الدين سنة ست وستين وسبعمائة، وحفظ كتابًا لأبي حنيفة تبعًا لجده لأمه شمس الدين بن الصايغ، ثم تحول بعد ذلك شافعيًّا وأحب أتباع الحديث، توفي في يوم الخميس التاسع عشر من شهر رمضان سنة خمس وأربعين وثمانمائة.
[إنبا الغمر بأبناء العمر (4/ 187)، شذارت الذهب (9/ 370)، الضوء اللامع (2/ 21 / 66)].
كل أذان؟ قالوا: نعم، فبات تلك الليلة وأصبح متواجدًا يزعم أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه، وأنه أمره أن يذهب إلى المحتسب ويبلغه عنه أن يأمر المؤذنين بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل أذان، فمضى إلى محتسب القاهرة وهو يومئذ نجم الدين محمد الطنبدي، وكان شيخًا جهولًا سيء السيرة في الحسبة والقضاء، متهافتًا على الدرهم ولو قاده إلى البلاء. . .، وقال له: رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تتقدم لسائر المؤذنين بأن يزيدوا في كل أذان قولهم: الصلاة والسلام عليك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يفعل في كل ليالي الجمع.
فأعجَب الجاهل هذا القول، وجهل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأمر بعد وفاته إلَّا بما يوافق ما شرعه الله على لسانه في حياته، وقد نهى الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز عن الزيادة في شرعه، حيث يقول:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إياكم ومحدثات الأمور"، فأمر بذلك في شعبان من السنة المذكورة وتمت هذه البدعة واستمرت إلى يومنا هذا في جميع ديار مصر وبلاد الشام، وصارت العامة وأهل الجهالة ترى أن ذلك من جملة الأذان الذي لا يحل تركه، وأدى ذلك إلى أن زاد بعض أهل الإلحاد في الأذان ببعض القرى السلام بعد الأذان على شخص من المعتقدين الذين ماتوا، فلا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون" (1) اهـ. باختصار.
(1) المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المعروف بـ "الخطط المقريزية"(3/ 209)، تأليف: تقي الدين أحمد بن علي المقريزي، تحقيق: د. محمد زينهم، مديحة الشرقاوي، مكتبة =