الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وابن قدامة (1)، والنووي (2)، ونقل النووي عن جمهور المحدثين أن ذلك يأخذ حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم (3).
واستدلوا على ذلك بأن الصحابي يسوقه في معرض الحجة، وهو لا يحكي إلا الشرع، فلا يكون هناك فارق بين ما أضافه لزمن النبي صلى الله عليه وسلم وما لم يضفه، إذ القرينة في كليهما هي سوق الصحابي له في معرض الحجة.
وذهب جماعة من القائلين بأن ذلك حجة إلى أنه من قبيل حكاية الإجماع (4)، ويشكل على هذا أن الصحابي لا يقصد به حكاية الإجماع، لكن إذا إذا قيل بعصمة عصر الصحابة من شيوع قول باطل، وهو ما ذهب إليه جماعة من الأصوليين ونصره ابن القيم (5) وهو القول الصحيح، فيصح القول بأنه إجماع إذا لم يعارضه ما يدل على اختيار صحابي لغير ذلك القول، فهو إجماع ظني.
الثاني: أنها ليست بحجة:
وهو قول جماعة منهم: الغزالي (6)، والطوفي (7)، والشوكاني (8).
(1) روضة الناظر (1/ 293).
(2)
المجموع (1/ 99).
(3)
المجموع (1/ 99).
(4)
الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (1/ 119).
(5)
إعلام الموقعين (4/ 412).
(6)
المستصفى (2/ 128).
(7)
شرح مختصر الروضة (2/ 197 - 199).
(8)
إرشاد الفحول (1/ 302).
واستدلوا على ذلك بعدم وجود ما يدل على الحجية في هذه الصورة، فليس ثَمَّ إجماع، ولا يعلم اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم إذ يحتمل أن يكون فعل بعضهم بعده صلى الله عليه وسلم.
والراجح الذي يميل إليه الباحث أنه حجة ظنية يعمل به حتى يرد ما يخالفه.
وذلك لأمرين:
* أن الله عز وجل حفظ هذا الدين من شيوع قول باطل دون أن يظهر مخالفه، وهذا الأمر وإن كان في كل عصر إلا أنه في عصر الصحابة أظهر، وهذا هو معنى عصمة الأئمة من الاجتماع على ضلالة، فشيوع فعل بين الصحابة رضي الله عنهم، ونقل الصحابي له دون منكر يدل على أن هذا القول حق، وإن لم يكن مسوق في الأصل لبيان الإجماع.
* أنه ليس كل احتمال يكون مسقطًا للاستدلال، وسوق الصحابي للحديث في معرض الحجة يدل على أن هذا الاحتمال [أي: احتمال أن يكون فعل الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم] احتمال نادر، وعلى فرض صحته فلا إشكال أيضًا، إذ هو بذلك يحكي فعلًا أطبق الصحابة على العمل به، فرجع إلى المعنى المذكور أولًا أن ذلك في حكم الإجماع، غير أنه إجماع ظني يعمل به إلى حين ورود ما يخالفه.