الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إمساك الأعواد في تسوية الصف - ولم يقل بذلك أحد من الفقهاء، وتسوية الصف بالخطوط في نفس معنى إمساك العيدان في التسوية باليد فتأخذ حكمها.
المطلب التاسع: بناء المئذنة للمسجد:
المئذنة أو المنارة موضع الأذان للصلاة، والمراد المآذن المعروفة اليوم، فالمعروف أن هذه المآذن لم تكن موجودة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأن أول من اتخذ المآذن الوليد بن عبد الملك، ولم تكن معروفة من قبل.
أين كان يقف المؤذن قبل اتخاذ المنارة؟
أخرج ابن سعد عن أم زيد بن ثابت رضي الله عنهما قالت: "كان بيتي أطول بيت حول المسجد فكان بلال يؤذن فوقه من أول ما أذن إلى أن بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده، فكان يؤذن بعدُ على ظهر المسجد وقد رفع له شيء فوق ظهره"(1).
وهذا الحديث رواه أبو داود دون قوله: "قد رفع له شيء فوق ظهره"(2).
قال الشيخ الألباني: "من المقطوع به أن الأذان كان حينذاك في مكان مرتفع على المسجد يرقى إليه .. ومن المحتمل أن الرقي المذكور إنما هو إلى ظهر
(1) الطبقات الكبير لمحمد بن سعد بن منيع الزهري (10/ 391) ترجمة رقم (5388)، تحقيق: د/ علي محمد علي، مكتبة الخانجي - القاهرة، ط. الأولى (1421 هـ - 2001 م)، وضعف الألباني إسناده في الأجوبة النافعة (ص 33)[الأجوبة النافعة عن أسئلة لجنة مسجد الجامعة، تأليف: محمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف - الرياض، ط. الأولى من الطبعة الجديدة (1420 هـ - 2000 م)].
(2)
رواه أبو داود (1/ 140 / 519) كتاب الصلاة، باب الأذان فوق المنارة، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود (3/ 7 / 532).
المسجد فقط، ومن المحتمل أنه إلى شيء كان فوق ظهره" (1).
أما الآن بعد انتشار مكبرات الصوت لم تعد هناك حاجة ماسة إلى المآذن حيث لم يعد المؤذن يصعد فوقها واستغنى عنها الناس.
ولأجل ذلك ذهب بعض المعاصرين إلى أن بناء المآذن بدعة لأمور:
- أنها لم تكن موجودة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
- أنها لم يعد لها فائدة الآن لوجود مكبرات الصوت.
- أنها صارت بابًا للسَّرَف والمخيلة وذلك لما ينفق فيها من أموال.
ويلاحظ أن بناء المآذن وسيلة للعبادة - وهي وسيلة مباحة في الأصل - إذ هي وسيلة لإبلاع الأذان، ولا يقصد بها التعبد، وهي من الأفعال التي لا يقصد بها التقرب بذاتها، بل لابد لها من النية، ووجود مكبرات الصوت الآن لا يجعل المآذن بلا قيمة، ذلك أنه قد ينقطع التيار فلا يصل الأذان عبر مكبرات الصوت، بل مع ارتفاع المباني في هذه الأيام صارت مكبرات الصوت لابد لها من أن توضع على مكان مرتفع، كما أن المسافر قد يهتدي إلى موضع المسجد عن طريق المآذن.
وإذا كانت وسائل العبادات مباحة في الأصل، ولا يحكم ببدعيتها إلا إذا قصد بها التقرب فإن الأقرب هنا الحكم بجواز بناء المآذن، وذلك لأن بناءها لا يقصد به التقرب بذاته.
(1) الأجوبة النافعة (ص 33).