الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن تيمية: "فترك النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر الذي كلان عنده أفضل الأمرين للمعارض الراجح وهو حدثان عهد قريش بالإسلام لما في ذلك من التنفير لهم فكانت المفسدة راجحة على المصلحة"(1).
وقد بوَّب البخاري على هذا الحديث "باب من ترك بعضر الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس فيقعوا في أشد منه".
ج - أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك أن يدعو الله إسماع أصحابه عذاب القبر خشية أن يتركوا الدفن:
فقد ورد من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر"(2).
أي: "لولا خشية أن يفضي سماعكم إلى ترك أن يدفن بعضكم بعضًا"(3).
د - أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك قتل المنافق المستحق للقتل خشية مفسدة صرح بها وهي خشية أن يتحدث أن محمدًا يقتل أصحابه:
فقد ورد من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: كنا في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار،
(1) الفتاوى الكبرى (2/ 351): تقي الدين ابن تيمية (661 - 728 هـ)، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، ومصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
(2)
رواه مسلم (4/ 2200 / 2868) كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، والنسائي (4/ 102) كتاب الجنائز، باب عذاب القبر (عنوان غير مصدر بباب).
(3)
حاشية السندي على سنن النسائي [مطبوع مع سنن النسائي](4/ 102).
وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"ما بال دعوى الجاهلية"، قالوا: يا رسول الله، كسع رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار، فقال:"دعوها فإنها منتنة"، فسمع بذلك عبد الله بن أبي فقال: فعلوها!، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقام عمر رضي الله عنه فقال: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"دعه، لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه"(1).
قال ابن تيمية: "وإنما ترك النبي صلى الله عليه وسلم قتله لما خيف من قتله من نفور الناس عن الإسلام لما كان ضعيفًا"(2).
وقد ورد من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسمًا أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم فقال: يا رسول الله، اعدل، فقال:"ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل، قد خبت وخسرت إن لم أعدل"، فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله، ائذن لي فيه فأضرب عنقه، فقال: "دعه فإن له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق
(1) رواه البخاري (8/ 516 - 517/ 4905) كتاب التفسير، باب قوله تعالى:{سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} ، ومسلم (1998/ 4 - 1999/ 2584) كتاب البر والصلة والآداب، باب نصر الأخ ظالمًا أو مظلومًا.
(2)
الصارم المسلول على شاتم الرسول (ص 148): ابن تيمية، تحقيق: أبي عمرو الأثري، ط. الأولى (1424 هـ - 2003 م)، دار ابن رجب، المنصورة - مصر.