الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما الثواب:
فلا يؤجر ولا يثاب إلا إذا قصد الامتثال بالترك، فنية التقرب إلى الله تعالى إذًا شرط في تحقيق الأجر والثواب لا في مجرد حصول الصورة وإن كان يصدق عليه أنه تارك للزنا.
وذلك لأن الذي عليه العلماء أنه لا ثواب إلا بنية؛ إذ إن المقصود من النية هو تمييز العبادات من العادات، وتمييز رتب العبادات من بعضها البعض (1)، وقد نقل ابن تيمية الإجماع على اشتراط النية في الأعمال التي هي مقاصد، واختلفوا في الوسائل - والجمهور على اشتراطها في الوسائل - (2) والمراد باشتراط النية ترتب الأحكام على العمل، ومن ذلك الثواب المتعلق به وعلى ذلك فيشترط في الترك لكي يثاب عليه أن يكون بنية التقرب إلى الله تعالى.
وقد نص على ذلك جماعة من العلماء فمن ذلك:
قول السيوطي (3): "وأما التروك كترك الزنا وغيره فلم يحتج إلى نية
= (1/ 354)، الخطيب الشربيني في مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (1/ 86)، تصنيف: الشيخ شمس الدين محمد بن الخطيب الشربيني على متن منهاج الطالبين للإمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي (ت/ 676 هـ)، اعتنى به: محمد خليل عتاني، الناشر: دار المعرفة، بيروت - لبنان، ط. الأولى (1418 هـ - 1997 م)، واشتراط النية لإزالة النجاسة قول لبعض المتأخرين من الشافعية والحنابلة، قال ابن تيمية: وهو قول شاذ (18/ 258).
(1)
الأشباه والنظائر (1/ 40).
(2)
انظر: مجموع الفتاوى (18/ 258)، فتح الباري (1/ 20).
(3)
هو: عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي الشافعي، علم مشهور متفنن كثير التصنيف، ولد سنة 849 هـ، وتوفي سنة 911 هـ، له تصانيف منها "الأشباه والنظائر" =
لحصول المقصود منها وهو اجتناب النهي بكونه لم يوجد وإن [لم](1) يكن نية، نعم يحتاج إليها في حصول الثواب المترتب على الترك" (2).
قال ابن حجر: "والتحقيق أن الترك المجرد لا ثواب فيه، إنما يحصل الثواب بالكف الذي هو فعل النفس، فمن لم تخطر المعصية بباله أصلًا ليس كمن خطرت فكف نفسه عنها خوفًا من الله تعالى"(3).
وقال أيضًا: "الذي يحتاج إلى النية هو العمل بجميع وجوهه لا الترك المجرد"(4).
ونقل عن الزين بن المنيِّر (5) في قوله صلى الله عليه وسلم: "وليمسك عن الشر فإنه له صدقة" قوله: "إنما يحصل ذلك المسك عن الشر إذا نوى بالإمساك القربة
= و "الإتقان في علوم القرآن" و "همع الهوامع شرح جمع الجوامع في النحو".
[شذرات الذهب (10/ 74)، الضوء اللامع (4/ 56 / 203)].
(1)
ليست في الأصل ولا يستقيم المعنى بدونها.
(2)
الأشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية (1/ 41) لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت/ 911 هـ)، تحقيق: محمد حسن محمد حسن إسماعيل الشافعي، ط. (1422 هـ - هـ 2001 م)، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
(3)
فتح الباري (1/ 21).
(4)
المرجع السابق (1/ 21)، وذلك بعد ما أدخل الكف في العمل.
(5)
هو: أبو العباس أحمد بن منصور الجذامي، الإسكندري، المالكي، المعروف بابن المنير، المفسر، الأصولي الفقيه، توفي سنة 683 هـ، من كتبه "البحر الكبير في نخب التفسير" و "مختصر التهذيب".
[شذرات الذهب (7/ 666)، سير أعلام النبلاء (17/ 326)].
بخلاف محض الترك" (1)، وأقره على ذلك.
وقال النووي (2): " والمراد أنه إذا أمسك عن الشر لله تعالى كان له أجر ذلك كما أن للمتصرف بالمال أجرًا"(3).
ونقل ابن حجر عن الكرماني (4) أنه نازع في إطلاق الشيخ محيي الدين عن الترك أنه لا يحتاج إلى نية بأن التروك إذا أريد بها تحصيل الثواب بامتثال أمر الشارع فلابد فيها من قصد الترك وأقره على ذلك (5).
(1) المرجع السابق (3/ 362).
(2)
هو يحيى بن شرف بن مري الحزامي النووي الشافعي الملقب بمحيي الدين، ويكنى بأبي زكريا، جمع إلى العلم الزهد في الدنيا والقوة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولد سنة 631 هـ، وتوفي سنة 676 هـ، وله كتب منها "شرح مسلم" و "شرح المهذب" و "روضة الطالبين".
[سير أعلام النبلاء (17/ 321)، شذرات الذهب (7/ 618)، البداية والنهاية (17/ 539)].
(3)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (7/ 96): يحيى بن شرف النووي ت/ 676 هـ، تحقيق: خليل مأمون شيحا، ط. الثالثة (1417 هـ - 1996 م)، دار المعرفة، بيروت - لبنان.
(4)
هو: محمد بن يوسف بن علي بن سعيد شمس الدين الكرماني، عالم بالحديث، أصله من كرمان، قال ابن حجر: تصدى لنشر العلم ببغداد ثلاثين سنة، ولد سنة 717 هـ، وتوفي سنة 786 هـ، من كتبه "الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري" و "شرح مختصر ابن الحاجب" وسماه لا السبعة السيارة" لأنه جمع فيه سبعة شروح.
[الدرر الكامنة (6/ 66)، شذرات الذهب (8/ 505)].
(5)
فتح الباري (1/ 14).
وذكر الرملي (1) أن "التروك وإن كانت لا تفتقر إلى نية في عهدة الخروج من التكليف بها، لكن لا يثاب عليها إلا بها"(2).
وقال أحمد الحنفي الحموي (3) في شرحه على الأشباه والنظائر لابن نجيم: "لا يثاب المكلف على التروك إلا إذا ترك قصدًا، فلا يثاب على ترك الزنا إلا إذا كف نفسه عنه قصدًا"(4).
وقال الزركشي: "لا يحصل الثواب على الكف إلا مع النية والقصد"(5).
(1) هو: محمد بن أحمد بن حمزة الرملي المنوفي المصري الأنصاري الشافعي شمس الدين، ولد بالقاهرة سنة 919 هـ، وولي افتاء الشافعية، من تصانيفه:"نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للنووي"، "غاية البيان في شرح زبد ابن رسلان"، توفي سنة 1004 هـ.
[الأعلام للزركلي (6/ 7)، معجم المؤلفين (3/ 61)].
(2)
غاية البيان في شرح زبد ابن رسلان (1/ 7): محمد بن أحمد الرملي الأنصاري، دار المعرفة - بيروت.
(3)
هو: أحمد بن محمد مكي: أبو العباس شهاب الدين الحسيني الحموي، حموي الأصل، حنفي، تولى إفتاء الحنفية، توفي سنة 1098 هـ[الأعلام للزركلي (1/ 239)].
(4)
غمز عيون البصائر شرح الأشباه والنظائر (1/ 94): شهاب الدين أحمد الحموي الحنفي ط. الأولى (1405 هـ - 1985 م)، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
(5)
البحر المحيط (1/ 385).