الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومثل الزركشي له بمثال وهو حديث: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته"(1).
قال: "فإن السائل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "إنا نركب البحر ومعنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا. . ."، فاستدل به على أن إعداد الماء الكافي للطهارة بعد دخول الوقت مع القدرة عليه غير لازم؛ لأنهم أخبروا أنهم يحملون القليل من الماء، وهو كالعام في حالات حملهم بالنسبة إلى القدرة عليه والعجز عنه، لضيق مراكبهم وغير ذلك بالنسبة إلى ما قبله وما بعده أيضا، وقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه فيكون ذلك دالًا على جوازه في هذه الأحوال"(2).
المطلب الثالث: أحوال وصور الجواب الذي يقع عن سؤال:
لا شك أن المراد هنا بالجواب الذي لم يثبت العموم من لفظه، إذ لو كان اللفظ عامًا بوضعه لما احتجنا إلى ذلك التفصيل، إذ المرجع حينئذ للقاعدة الأصولية المشهورة: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب (3)، أما في غير ذلك فقد نقل الزركشي (4) عن الأبياري (5) تقسيم صور الجواب الذي يقع
(1) رواه الترمذي (1/ 100 - 101/ 69) كتاب الصلاة، باب ما جاء في ماء البحر أنه طهور، والنسائي (1/ 50) كتاب الطهارة، باب ماء البحر، وأبو داود (1/ 21 / 83) كتاب الطهارة، باب الوضوء بماء البحر، وابن ماجه (1/ 136 / 386) كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء بماء البحر، وصححه الألباني في الإرواء (1/ 42 / 9).
(2)
البحر المحيط (3/ 151 - 152).
(3)
البرهان (1/ 374 / فقرة 274).
(4)
البحر المحيط (3/ 150).
(5)
هو: أبو الحسن علي بن إسماعيل بن علي بن عطية المالكي، الملقب بشمس الدين، الأبياري =
عن سؤال إلى الأقسام التالية:
1 -
أن يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على خصوص الواقعة فحكم فيها بحكم، فهذا لا يعم.
2 -
أن لا يثبت بأي طريق استفهام من النبي صلى الله عليه وسلم عن كيفية القضية، وهي تنقسم إلى أقسام، ويطلق النبي صلى الله عليه وسلم الجواب، فهذا يعم. والسبب في كونه يعم أنه "لو كان الحكم يختلف باختلاف الأحوال حتى يثبت تارة ولا يثبت أخرى لما صح لمن التبس عليه الحال أن يطلق الحكم، لاحتمال أن تكون تلك الحالة واقعة على وجه لا يستقر معها الحكم، فلابد من التعميم على هذا التقدير بالإضافة إلى جميع الأحوال"(1).
3 -
أن يُسأل صلى الله عليه وسلم عن واقعة باعتبار دخولها الوجود لا باعتبار وقوعها فيكون السؤال مبهمًا ولا يفصل صلى الله عليه وسلم في الجواب، فهذا يعم.
4 -
أن تكون الواقعة المسئول عنها حاصلة في الوجود، ويطلق السؤال عنها فيجيب صلى الله عليه وسلم بدون تفصيل.
تعارض هنا أمران:
= نسبة إلى أبيار - بفتح الهمزة - من بلاد مصر، ولد بها سنة 557 هـ، وتوفي سنة 616 هـ، كان بارعًا في علوم الفقه وأصوله، له تصانيف حسنة منها:"التحقيق والبيان في شرح البرهان" شرح فيه برهان الجويني.
[الديباج المذهب (ص 306، ترجمة 409)، حسن المحاضرة (1/ 454)].
(1)
البحر المحيط (3/ 150).
1 -
القيد الوجودي يمنع القضاء على الأحوال كلها، أي أنها لم تقع في الوجود إلا خاصة.
2 -
الإطلاق في السؤال يقتضي استواء الأحوال في غرض المجيب.
نظر إلى الثاني: الشافعي.
ونظر إلى الأول: أبو حنيفة.
ونظر الشافعي أرجح من جهة التأصيل والتطبيق.
أما التأصيل فلأن ذلك أقرب إلى مقصود الإرشاد، وإزالة الإشكال، وحصول تمام البيان، إذ النبي صلى الله عليه وسلم مشرّع بقوله ولا يصح تقدير أنه علم ما لم يثبت أنه علمه فضلًا عن بناء الحكم عليه.
أما من جهة التطبيق فإن جمع روايات حديث غيلان رضي الله عنه يثبت عكس ما ذكره أبو حنيفة، إذ إنه قد ثبت عند الترمذي بلفظ:"فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخير أربعًا منهن"(1)، وأقوى منه - لكنه لم يصح - ما ورد من حديث نوفل بن معاوية رضي الله عنه قال: أسلمت وتحتي خمس نسوة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فارق واحدة منهن"، قال: فعمدت إلى أقدمهن عندي عاقر منذ ستين سنة ففارقتها (2).
(1) رواه الترمذي (3/ 435 / 1128) كتاب النكاح، باب ما جاء في الرجل يسلم، وعنده عشر نسوة، وصححه الألباني في الإرواء (6/ 291 / 1883).
(2)
رواه البيهقي (7/ 184) كتاب النكاح، باب من يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة، وضعفه الألباني لأجل جهالة شيخ الشافعي فإنه لم يسمه. انظر: الإرواء (6/ 295 / 1884).