الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبالنظر في التقسيمات السابقة نلاحظ ما يلي:
أولًا: الذي ذكره الدكتور الأشقر ليس تقسيمًا للنوع الذي ذكره ابن القيم حيث إن ابن القيم إنما قصد نوعًا خاصًا من أنواع ترك النقل، وهو ما وجد مقتضاه وانتفى مانعه، أما تقسيم الدكتور الأشقر فهو لما ترك نقله إجمالًا.
ثانيًا: الأقسام الأخرى التي ذكرها الدكتور الأشقر سبق ذكرها في مبحث القرائن التي تقوي أن عدم النقل دليل على نقل العدم في الشرعيات.
ثالثًا: ما هو الضابط الذي نستطيع أن نفرق به بين ما يدل على حكمه بطريق القياس، والذي لا يدل على حكمه بذلك؟ لم يبين الدكتور الأشقر ذلك، ولم يتطرق إليه الشاطبي على وجه التفصيل ولم يتناوله ابن القيم.
وعلى ذلك فباعتبار ما ذكره الشاطبي وابن القيم والدكتور الأشقر يمكن تقسيم ترك النقل إلى نوعين رئيسين، وبيان ذلك هو أن يقال: إن ما تُرك نقل أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله لا يخلو من أحد أمرين: الأول: أن يكون مقدورًا للنبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله.
الثاني: أن يكون غير مقدور للنبي صلى الله عليه وسلم.
فالنوع الثاني هو الذي يدل على حكمه بطريق القياس، إذ إن الأدلة الشرعية لا يمكن أن تتناوله بالنص، وذلك لأنه لم يكن موجودًا (1)، إنما
(1) ومثال ذلك التصوير الفوتوغرافي فإنه وإن لم يكن موجودًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا إنه لم يكن مقدورًا، فلا يدخل في الترك، ويدل على حكمه بطريق القياس، فيقاس على ما كان موجودًا على عهده صلى الله عليه وسلم وتناولته الأدلة الشرعية، فيقاس على الرسم عند المانعين منه، ويقاس =
تتناوله الأدلة عن طريق إلحاقه بما كان موجودًا وتناولته الأدلة (1).
وهذا النوع ليس من أنواع التروك النبوية، وذلك لأنه يشترط في جميعها قدرة النبي صلى الله عليه وسلم على الفعل، وهو غير حاصل هنا.
أما النوع الأول: وهو ما كان مقدورًا للنبي صلى الله عليه وسلم فينقسم إلى القسمين اللذين ذكرهما الشاطبي وهما:
• الأول: ما كان له مقتضٍ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يمنع منه مانع، ومع ذلك لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم.
• الثاني: ما لم يكن له مقتضٍ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم حدث المقتضي بعد.
أما القسم الأول فهو ما عبر عنه ابن القيم بأنه ما توافرت الدواعي على نقله لو حصل، غير أنه لم يبين ما هي تلك الدواعي، وإن كانت تفهم من خلال الأمثلة التي ذكرها، وكذلك الشاطبي لم يفصل القول في بيان مراده بالمقتضي.
= على المرآة عند المجيزين له، وليس هذا موضع ترجيح بين القولين، وإنما الغرض ذكر مثال على هذا النوع.
(1)
القياس لا يكون في مقابلة النص، لكن هناك أبحاث يذكرها العلماء متعلقة بهذه القضية، مثل تخصيص النص بالقياس، وهل يقدم القياس على الحديث الضعيف وغير ذلك، ولذا فإن هذا الموضع من الدراسة - علاقة الترك بالقياس - ما زال بحاجة إلى دراسة موسعة لا تفي بمثله هذه الدراسة، على أنه ليست علاقة الترك بالقياس مما لم تفصله الدراسة، بل هناك الكثير من القضايا التي ما زالت تحتاج إلى دراسة مستقلة مثل علاقة الترك بالإجماع، وهل التواطؤ على الترك من قبيل الإجماع السكوتي، ومثل التخصيص بالترك، ومثل تخصيص الترك بالقياس، وبغيره، وغير ذلك، فعلاقة الترك بقواعد الاستنباط تحتمل أن تخصص لها دراسة مستقلة.