الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: منهج الشيخ ابن عاشور في تقريراته وفي تناوله لبعض متممات الخطاب
التفصيل والتقسيم:
إبلاغ المخاطبين، بإيصال مقاصد الخطاب إليهم، لا يكون فقط باستعمال اللغة الصحيحة الفصيحة. فذلك أمر يشترك في الحاجة إليه الخاصّة وأهل المعرفة وسائر الناس. وإنما تتأكد الحاجة إلى هذه المتمّمات والمتعلّقات لدى طلاب العلم وأهل النظر العلمي والشرعي لمساعدتها لهم على الفهم الصحيح، وعلى استنباط الأحكام من الأدلة وضبطها.
وقد تقدم لنا بحث قسم من هذه المتمِّمات عند عرض قضية التعليل والقياس وعند الحديث عن الاستدلال وأنواعه وأهميته، وعند بيان معنى المقام والسياق اللذين يُعتبران مجرى للخطاب، تحفّ به مختلف القرائن المقالية والحالية. وإلى جانب هذا نذكر جملة من تقريرات الإمام ومنهجه عند التعرض للقضايا الشرعية كالتفصيل والتقسيم، والضبط والشروط، والتقرير والتقعيد، والوسيلة والمقصد، والحاجة إلى إعمال النظر الشرعي.
1 -
فمن هذا الباب مقامات الأقوال والأفعال الصادرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتفرقة بين أنواع تصرّفاته فيها.
2 -
التمييز بين مظاهر تيسير الشريعة الثلاثة:
(أ) في أحكامها المعيّنة المبنيّة على التيسير في الغالب.
(ب) اعتبار ما حصل من تغيير في الأحكام الشرعية من صعوبة إلى سهولة في الأحوال العارضة للأمة أو للأفراد.
(ج) بناء أحكام الشريعة على أصول مرعية من التعليل والضبط والحِكمة. فلا يقبل الصدوف عنها لما في الأحكام من مقاصد تحقق للناس النفع وتدفع عنهم الضر (1).
3 -
تقسيم مقاصد الناس في تصرّفاتهم إلى قسمين:
° الأول: أعلاها؛ وهو عبارة عن أنواع التصرّفات التي اتفق عليها العقلاء أو جمهورهم، لما وجدوها ملائمة لانتظام حياتهم الاجتماعية.
° الثاني: أدناها. وهو الذي يقصده فريق من الناس أو آحاد منهم في تصرّفاتهم لملاءمة خاصة بأحوالهم الشخصية (2).
4 -
تفصيل الشريعة في تعيين أصحاب الحقوق، وبيان أولويّة بعض الناس ببعض الأشياء، أو بيان كيفية تشاركهم في الانتفاع فيما يقبل التشارك على منهج فطري عادل. وجماع أصول تعيين الحقوق أحد أمرين: التكوين، أو الترجيح (3).
5 -
تقسيم الحقوق ثلاثة أقسام: حق الله، وحق العبد، والحقان مقترنان.
وهو بعد هذا يفصّل القول في تعيين أصحاب الحقوق. وقد ورد بعد استقراء الشيخ لعامة المستحقين ترتيبهُ لهم على تسع مراتب:
° الأولى: الحق الأصلي المتحقق بالتكوين وأصل الجِبِلَّة.
(1) المقاصد: 355 - 356.
(2)
المقاصد: 402.
(3)
المقاصد: 410.
° الثانية: وهي قريبة من الأولى غير أنها تخالفها من حيث إن فيها شائبة من تواضع، اصطلح عليه نظام الجماعة والشريعة.
° الثالثة: أن يكون المستحق وغيره سَواء في إمكان تحصيل الحق، ولكن بعض المستوفين للحقّ قد سعى بجهد، وعمِل بيده أو بدنه، أو بابتدار إلى تحصيل الشيء قبل غيره.
° الرابعة: وهي دون الثالثة. وذلك بأن يكون الطريق إلى نوال الشيء هو الغلبة والقوة.
° الخامسة: حق السبق الذي لم يصاحبه إعمال جهد في تحصيل الحق.
° السادسة: أن يكون المستحق قد نال الحق بطريق ترجيحه على متعدّدين من المستحقين في مراتب أخرى، لتعذّر تمكين الجميع من الانتفاع بالشيء المستحق.
° السابعة: نوال الحق ببذل عوض في مقابلته يُدفع إلى صاحب الحق إرضاءً له.
° الثامنة: أن ينال الحق بعد انقراض مستحقه أقربُ الناس إليه وأولاهم بوراثته وانتقال حقوقه إليه.
° التاسعة: مجرد المصادفة دون عمل أو سعي. وهذه أضعف المراتب (1).
6 -
بيان أصول التكسّب الذي هو معالجة إيجاد ما يسدّ الحاجة إما بعمل البدن، أو بالمراضاة مع الغير. وتعتبر تلك الأصول
(1) المقاصد: 410 - 416.