الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبعض المعتزلة وأكثر المالكية، وأبو زيد الدبوسي من الحنفية، والرافعي والنووي من الشافعية.
وبناء على الخلاف في الإجماع السكوتي قال الآمدي: هو ظني، والاحتجاج به ظاهر غير قطعي (1).
وهو لا يُنسخ ولا يَنسخ عند الجمهور. ولا ينسَخ الإجماعُ إجماعاً. وإذا جاء مخالفاً لشيء من النصوص استدللنا به على نسخ النص، ولو لم يقوَ هو على أن يكون ناسخاً.
وإنما تعرضنا إلى صيغ الكلام وما يتبعها من وجوه البيان والخفاء، وإلى الإجماع ومختلف أنواعه وصوره، لنميّز بذلك كلّه بين ما يمكن اعتباره قطعياً، وبين ما هو من قبيل الظنّي منَ الأدلة.
ب -
التعليل
، والعلة، والتعبّدي:
التعليل:
التعليل: تبيين علّة الشيء، وما يستدل به من العلّة على المعلول، ويسمّى البرهان اللِّمِّي (2).
ويتم التعليل بانتزاع أوصاف تؤذن بها الألفاظ، يمكن أن تجعل تلك الأوصاف باعثاً على التشريع. فتقاس فروع كثيرة على مورد اللفظ منها، باعتقاد اشتمال تلك الفروع كلها على الوصف الذي اعتقدوا أنه مرادٌ من لفظ الشارع. وهو الوصف المسمى بالعلّة (3).
(1) الآمدي. الإحكام: 1/ 315.
(2)
البرهان اللمي أو الجوازي: هو ما يكون الحد الأوسط فيه علة للنتيجة. وسُمّي لمياً أخذاً من لفظ: لم؟ الميداني. ضوابط المعرفة: 417.
(3)
المقاصد: 9.
قال الأصوليون: التعليل إثبات العلل للأحكام الشرعية، لأن الأحكام لم تصدر عن الشارع عبثاً ولا تحكّماً، وإنما اقتضتها حِكَم وغايات هي المصالح. ويكون بيانُ علل الأحكام بالاجتهاد في استخراجها اعتماداً على الأدلة والمسالك الموصّلة إليها (1).
وللتعليل طرق متعددة منها:
أولاً: ذكر الوصف المسمى بالعلّة. فهو العَلَمُ على الحكم والمعرِّف به.
وثانياً: ذكر الوصف أي الحكمة والمنفعة، أو المصلحة والمفسدة.
وبهذا يصبح التعليل أساساً للتعرّف على المقاصد التي يبديها الشارع مرّة ويخفيها أخرى، وكلّها مقاصد شرعية.
وقد ترجم الشاطبي لهذا الغرض. وجرى على طريقته الشيخ ابن عاشور بوضعه فصلاً خاصّاً لإثبات وجود الوصف أو المقصد، وبيان طرق طلبه لدى فقهاء السلف وعند المتأخرين.
وتعرّض الشيخ ابن عاشور إلى الفئة القائمة على تعليل الأحكام فوصف منهجها، وتحدث عن خطّ سيرها قائلاً: رسم الفقهاء لأنفسهم طريقة للاستدلال في الفقه وأصوله ألجأتهم عن غير اختيار منهم إلى الاقتصار على الاستدلال بألفاظ الكتاب والسُّنة وأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم وبالإجماع.
وتفيد النصوص من أقوال الشارع أحكاماً كلّية، كما تفيد أحكاماً جزئيّة. والمجتهدون ينتزعون من كل ذلك فروعاً: إما بطريق
(1) العالم. المقاصد العامة: 123؛ خلاف. مصادر التشريع: 25.
تحقيق المناط، وإما بطريق القياس، كما عمدوا إلى أحكام ثبت صدورها من الشارع في علم المجتهد، وخفي عنه مراد الله منها فاتّهم علمه، وبذل جهده في جنب سعة الشريعة. وسمّوا ذلك بالتعبّدي نسبة إلى التعبّد (1).
ومهما يكن من اختلاف بين التعليل والتعبّد، فإنا نجد من الفقهاء من يعتبر محصلات البحث والنظر الفقهي الاجتهادي استدلالاً من المجتهد، ورأياً من المستنبط.
ومن الفقهاء والأصوليين من يعتبر الطريق الموصل إلى استنباط الأحكام هو القياس. وهو المعنى الذي يدلّ على الحكم في أصل الشيء وفرعه.
وهنا فرّق العلماء بين المعقولية التشريعية والمعقولية الاعتقادية. وكان من آثار تحليل النصوص ما جعل معقولية الاعتقاد أدخل في الفطرة وأوضح في الدلالة. فكانت دعوةُ عامةِ الأمة متيسّرةً، بخلاف أدلة التشريع، فإنها تخالف أدلة الاعتقاد من وجوه ثلاثة:
° أولاً: أنها أخفى دِلالة وأدقُّ مسلكاً إلى الفطرة.
° ثانياً: أن القصد من مخاطبة الأمة بالشريعة وامتثالِها لها هو أن يكون عملها بها كاملًا.
° ثالثاً: أن المخاطبين بالشريعة هم الذين استجابوا للدعوة، وصدّقوا الرسل، وآمنوا بالرسالات. فدلَّ هذا على أن طريق الاستدلال هو الطريق الموصّلة إلى الإيمان عندهم، وأن الطريق
(1) المقاصد: 149.