الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محمداً يقتل أصحابه" (1).
وهذان المصدران: الكتاب والسُّنة؛ والاستنباطُ منهما مستَنَدُ التشريع، تتبين المقاصد للناظر فيهما بإدراك ما تضمّناه من أهداف الأحكام، وغاياتها التشريعية. ولا شك أن السُّنة بالإضافة إلى ما ذكرناه مبيّنة للمراد من القرآن. وهي تشتمل أيضاً على بيان مقاصد بعض الأحكام التي لم ينصّ القرآن على مقاصدها، وعلى زيادة بيان لما ورد من ذلك في الكتاب.
ومن المقاصد التي نبّهت إليها السُّنة في خصوص أحكام النكاح مثلاً قوله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوّج. فإنه أغضّ للبصر وأحصن للفرج"(2). ومن المقاصد التي بيّنتها السُّنة قوله صلى الله عليه وسلم في الجمع بين المرأة وعمّتها، والمرأة وخالتها:"إنكنّ إن فعلتن ذلك قَطَعْتُنّ أرحامكن"(3).
والحديث عن هذين المصدرين الأساسيين مستوفى أو يكاد عند أكثر الأصوليين.
الإجماع:
هو المصدر الثالث من مصادر التشريع المتفق عليها. وهو لغة: العزم، والاتفاق، واصطلاحاً: اتفاق مجتهدي الأمة، وقيل: اتفاق جميع من هو أهل له على حكم شرعي في عصر من العصور بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وشرطه عند الشافعية انقراض العصر، وثبوته من أهل العدالة
(1) خَ: 6/ 46.
(2)
خَ: 6/ 117.
(3)
حَب. الإحسان: 9/ 426.
والاجتهاد كالثبوت بالنصّ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يَجمع أمتي على ضلالة، ويد الله مع الجماعة، ومن شذّ شذّ إلى النار أو في النار". وقال الحاكم معقّباً على هذا الحديث بأنه روي بأسانيد يصحّ بمثلها الحديث (1). ومن شروطه المتفق عليها شرائطُ الأهلية كالعقل والبلوغ والإسلام والعدالة، والكينونة من أهل الاجتهاد ومن أهل السُّنة والجماعة (2).
واستدلّوا على حجيّته بما أفادوا من قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} (3).
وأما سببه فقد يكون توقيفاً على الكتاب والسُّنة، أو استنباطاً منهما، أو توفيقاً من الله للمجمِعين إلى الصواب وإلهامهم الرشد. فـ "ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن". قال الحاكم: هذا الحديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه (4).
وهو فيما اتفق عليه أهل العلم يدعو إلى الانتباه والتأمل كالذي أشار إليه البخاري في كتاب الاعتصام من صحيحه في باب ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وحضّ فيه على اتفاق أهل العلم، وما أجمع عليه الحرمان مكة والمدينة، وما كان بها من مشاهد النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار ومصلى النبي والمنبر والقبر (5).
(1) المستدرك: 1/ 115.
(2)
الآمدي. الأحكام: 1/ 324 - 328؛ الغزالى. المستصفى. 1/ 181 - 185؛ البخاري. كشف الأسرار: 1/ 236؛ السرخسي. الأصول: 1/ 310.
(3)
سورة النساء، الآية:115.
(4)
المستدرك: 3/ 87.
(5)
أدلة الشريعة اللفظية لا تستغني عن معرفة المقاصد الشرعية. المقاصد: 82.