الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسايرة لها هي الطريق التي تظهر بعد إقبالهم على ربهم. وهي طريق التسليم والامتثال (1).
ويتم التحقق من صحّة الاستنباط للأحكام الشرعية بالبحث عن علل الأحكام، وبإدراك المقاصد التي ناط الشارع بها الأحكام المنصوصة. وبلوغ هذه يكون عن طريق دلالة النص، ومن فقه الباحث في الشريعة الذي به تدرك مناطات الحكم من وصف ظاهر، أو مما في الفعل من جلب مصلحة أو درء مفسدة، أو مما يترتّب على تشريع الحكم من مصلحة.
العلَّة:
العلّة: لغة ماخوذة إما من العلّة التي هي المرض، أو من قولهم: العَلَل بعد النَهَل. والعَلَل: معاودة الشرب مرة بعد مرة، أو مِن اعتلّ إذا تمسك بحُجَّة.
والعلّة ذات دلالات متعددة:
1 -
فهي إما ما يترتب على الفعل من نفع أو ضرر كالذي ترتب على البيع الذي هو مبادلة مال بمال من نفع كل من المتبادلين ودفع الحرج والمشقة عنهما لو لم يتبادلا، أو كالذي يترتب على الزنا من اختلاط الأنساب، وما يترتب على القتل من ضياع النفوس وإهدارها.
2 -
وإما ما يترتب على تشريع الحكم من جلب مصلحة، أو دفع مفسدة، كالذي يترتب على إباحة البيع من تحصيل النفع السابق، وما يترتب على تحريم الزنا والقتل وشرع الحد والقصاص لحفظ الأنساب والنفوس.
(1) أصول النظام الاجتماعي: 55.
3 -
وهي الوصف الظاهر المنضبط الذي يترتب على تشريع الحكم عنده مصلحة للعباد كالزنا وقتل النفس، ولفظي الإيجاب والقبول "بعت واشتريت".
وخصّ أهل الاصطلاح الوصف باسم العلّة، وفرّقوا بين العلّة والحكمة، والعلّة والمقصد مجازاً. وقالوا: العلّة في تحريم الخمر الإسكار، ومقصد الشارع من التحريم مصلحة حفظ العقول.
وجعلوا السَفر والمرض علّة للإفطار وقصر الصلاة. والمصلحة من ذلك الإباحةُ، رفعاً للحرج ودفعاً للمشقة.
وأما العلة عند المعتزلة هي الوصف المؤثّر بذاته في الحكم. فأفعال الله معلّلة بمصالح العباد أو معلّلة بالأغراض.
وهي عند الأصوليين الوصف المعلَّل به الحكم من حيث تأثيره في وجوده، أو من حيث كونه سبباً باعثاً على شرع الحكم. وقال بعضهم: هي علامة وأمارة على الحكم فقط.
وعرفها فخر الإسلام في أصوله. فقال مرة: هي ما حصل علماً على حكم النص من وصف يشتمل عليه النص بصيغة القدر والجنس. وأورد تعريفاً ثانياً عند بيان علل الشرائع فقال: هي عبارة عما يضاف إليه وجوب الحكم ابتداء (1).
وقالت الحنفية: هي المعرّفة لحكم الأصل لا من حيث ذاته، بل من حيث تعدّيه إلى الفرع، فالمعَرَّفة بالعلّة إنما هي التَعْدية (2).
وقال الآمدي: العلة في الأصل بمعنى الباعث؛ أي: مشتملة
(1) تعليل الأحكام: 112، 113.
(2)
السُّبكي. الإبهاج: 3/ 39؛ الإسنوي. نهاية السول: 3/ 36.