الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعقد الإجارة ملزم لكل من المتعاقدين. فليس لأحدهما فسخه لأنه عقد معاوضة ومبادلة كالبيع تماماً فكان لازماً مثله، ولأن الإجارة لا تختلف عن البيع إلا باختصاصها باسم معين. وأقر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس يستأجرون ويؤاجرون ونهاهم عن مفسداتها.
والإجارة ضربان: إجارة عين. وهي ما يمكن استيفاء المنفعة المباحة منها مع بقائها كاستئجار الدار الصالحة للسكنى.
وإجارة منفعة في الذمة على شيء معين أو موصوف بصفات يمكن ضبطها بالعلم أو المدة كخياطة الثوب ونحوه.
والاستئجار، كما قال ابن رشد الجد، هو الذي أذن الله به لعباده، وجعله قواماً لأحوالهم، وسبباً لمعاشهم وحياتهم ليس على إطلاقه، بل هو مقيد بما أحكمته السُّنة والشريعة؛ فمنه الجائز، ومنه المحظور. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"(1).
وللإجارة مقاصد منها: قضاء حاجات الناس، على وجه يحقق المصلحة والعدل فيما بينهم. فلكل عملية من العمليات، أو تصرّف معتبر من التصرّفات عقدٌ خصّه الشارع به. فاحتياجات الإنسان اليومية لا يمكن له وحده أن يقوم بها لكثرتها، ولعدم قدرته على توفيرها كلها عملياً، واحتياجِه إلى وجود سوق الشغل واستخدام الكثير من أصحاب القدرات والمواهب الراقية، دفعاً للمشقّة ورفعاً للحرج، شرع الله لعباده عقد الإجارة، عقداً يكون به تمليك المنفعة بعوض.
السَّلَم:
هو لغة: الإعطاء والترك والتسليف.
(1) ابن رشد الجد. المقدمات: 2/ 164.
واصطلاحاً: بيع موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلاً. وقد اختلفت عبارات الفقهاء في تعريفه. فهو عند الحنفية والحنابلة: بيع مؤَجَّلٍ بمُعجَّل، اعتماداً على شروط صحّته عندهم. وهي قبض رأس المال في المجلس وتأجيل المسلم فيه.
وقالت الشافعية: هو عقد على موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلاً. وقد نظروا إلى شروطه عندهم. وهي قبض رأس المال في المجلس، وإجازة أن يكون السَّلَم مؤجلاً.
وذهبت المالكية إلى: أنه عبارة عن بيع معلوم في الذمة، محصور بالصفة بعين حاضرة أو ما في حكمها، إلى أجل معلوم. وقولُهم هذا مبنيٌّ على منعهم السلم الحالّ، وعدم اشتراطهم تسليم رأس المال في المجلس (1).
فالسَّلَم نوع من أنواع البيع، ينعقد بما ينعقد به، وبلفظ السلم والسلف. وقد أقرّ الكتاب والسُّنة والإجماع مشروعيتَه. ودليل ذلك من الكتاب قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} (2). شهد ابن عباس أنها نزلت في السَّلَم يعني بيع الثمار ونحوها من المثليات في ذمة البائع إذا كان ذا ذمة إلى أجل. وقد كان السَّلَم من معاملات أهل المدينة، أذن فيه الشارع وإن اعتبر الأصوليون السبب الخاص لا يخصص العموم (3).
ودليل مشروعية السَّلَم من السُّنة قوله صلى الله عليه وسلم من رواية ابن عباس: "من أسلم في شيء فليسلم في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل
(1) د/ نزيه كمال حماد. معجم المصطلحات الاقتصادية: 193.
(2)
سورة البقرة، الآية:282.
(3)
التحرير والتنوير: 3/ 99.