الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والفكر والروح من حقائق التوحيد (1).
وتمحض الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي من بين هؤلاء الدارسين لنظرة شاملة موضوعية في دراسة الفقه الإسلامي بين الأصالة والتجديد مركّزاً على جملة من الاعتبارات والأسس قائلاً:
"ليس التجديد هو تطويعَ الفقه الإسلامي حتى يساير القوانين الوضعية: لا اللاتينية ولا الجرمانية، لا الرأسمالية ولا الاشتراكية. فهذا ليس من التجديد في شيء بل هو تحريف وتزييف. إنما التجديد الحق هو تنمية الفقه الإسلامي من داخله وبأساليبه هو، مع الاحتفاظ بخصائصه الأصلية وبطابعه المميّز. وهي الخصائص التي يرتكز عليها. والأساس الرباني، والوازع الديني، والإنسانية، والوسطية، والتوازن بين الفردية والجماعية، مع الالتزام بأصوله وضوابطه الكلية، والقدرة على النماء والتجدّد"(2).
وأضاف إلى هذه الفقرة المصوّرة لمنهجه المعتمد في التجديد ذكر معالم التجديد والوسائل المساعدة لها المثبتة لأسسه وقواعده.
تصورات للتجديد:
تناولَت ثلةٌ من الأساتذة البحثَ والعرضَ لتجديد وتطوير علم أصول الفقه ونشرت في مجلة المسلم المعاصر جملةً من الدراسات، مثل اعتبار التيسير مقصداً من مقاصد الشريعة، والدعوة إلى إنشاء مجلس لشؤون المجتهدين، وقضايا فقهية جزئية كإنكار تقسيم النكاح إلى فاسد وباطل، واعتبار الإجراءات الطبّية الحديثة قائمة على أساس
(1) المسلم المعاصر: 40/ 87.
(2)
المسلم المعاصر: 40/ 95.
قواعد الفقه الإسلامي، ودراسة مسائل علمية مهمّة ذات أثر، يُعنى بها الأصوليون والفقهاء، مثل: التفرقة بين السنة التشريعية وغير التشريعية، وحكم العمل بالسُّنة الفعلية في مجال الأمور الدنيوية، والتقليد والتلفيق في الفقه الإسلامي، والفتوى بين الماضي والحاضر.
وإلى جانب هذه الطائفة من الآراء والتصوّرات التي يقوم بها دعاة التجديد، ظهرت بين رجال الفكر ورجال القانون والفقه جماعة اعتمدت في الترويج لآرائها مقدمات خطابية، أساسها اعتبار الفقه محصوراً في المسائل الجزئية، متناولةً في جملتها بعض المظاهر المميزة للفقه الإسلامي وأصوله. ومن الملاحظ في هذا الاتجاه الذي سلكه دعاة التجديد جمعهم بين أمرين معاً هما تجديد أصول الفقه وتجديد الفقه. وفي هذا المجال تقدمت طائفة بالإشارة إلى أن الفقه في عصرنا الحاضر وبين أصحاب الاختصاص فيه من دارسين وباحثين، لا يتناول إلا القضايا الجزئية غير ملتفٍ إلى القضايا العامة، التي نحتاج إلى دراستها مع اعتبار حاجة الأمة ملحّة إليها. فكان من مستلزمات ذلك ما أصاب الفقه من انحسار. ودعوا إلى أن تكون في الفقه دراسات عامة وكلية تتناول مسائل العبادات والمعاملات والأنكحة، ثم قضايا الملكية وما تخضع له في مختلف البلاد والعصور من سياسة واتجاهات، وتحديد سلطان الدولة، ومدى تدخّلها في تنظيم الحياة، والحديث عن الخلافة، وشروط الخليفة أو الحاكم ودوره، وقضايا السلم والحرب، وعقد المعاهدات والاتفاقات بين الدول والإجبار على العمل بها، وبجانب هذا بالخصوص الفقه العام وقضاياه المتعددة والسياسة الشرعية حسب آراء الأئمة المعتدّ بأقوالهم كالجويني والغزالي والشيباني والباقلاني
والماوردي وابن تيمية وابن القيم ومن نحا نحوهم من العلماء المعاصرين أمثال محمد بيرم الأول وعبد الرحمن تاج ومحمد يوسف موسى. وكانت غايتهم من هذه الملاحظة إظهارَ فوائد هذا الاتجاه، وما يمتد إليه الاهتمام عندهم، برعاية المجتمعات الإسلامية في المجالات المختلفة، وإعادة المنعة والقوة للأمة، ونشر الخير ووسائل المعرفة بين أفرادها، مع بذل الوسع والتوجيه لما يحقق لها التقدم والازدهار الحضاري من بحث ثروة الأمة وطرق تنميتها، وما إلى ذلك مما هو موضع عناية كثير من الشرعيين ورجال الفقه. وهذا جانب آخر من التجديد يقتضي الإعداد والترتيب وجمع مختلف الوسائل وبحثها بعمق وموضوعية، وإن كان لا يخضع لما نحن فيه من النظر والدرس لقضايا علم أصول الفقه بخصوصه.